أجمل وأصدق وصف لعادة التدخين سمعته منذ أربعة عقود أو تزيد.. من رجل كبير في السن.. كان ينصحنا نحن الشباب آنذاك.. عندما رأى أحدنا يُشعل سيجارة.. وهو قد ندم وأقلع بعد سنين طويلة من التدخين بشراهة.. حيث وصف عادة التدخين بأنها: ريحة بالفاه ودمار للمخباه.. لا في أولها بسم الله.. ولا في آخرها الحمد لله.. وثمة نوع من السجائر يُطلق عليها خفيف (لايت) وهي كغيرها من السجائر لا تختلف فيما تحتويه من تبغ ونيكوتين وسموم.. فضررها الصحي كالسجائر الأخرى تماما.. ولكنها طريقة مدروسة ومحكمة للإيقاع بالمزيد من المدخنين.. ولمن هم يدخنون في الأصل.. توحي لهم بحسن نوايا شركات التبغ وحرصها على صحة الناس باختراع سجاير لايت.. كالمشروب الغازي المضر بالصحة.. أصبح منه نوع لايت.. مثل اللبن قليل الدسم.. مع الفرق بين الطيب (اللبن) والخبيث (السجائر) والمُضر (المشروب الغازي) والكثير ممن يدخن سجاير لايت.. يخدع نفسه بأنه يقلل من استنشاق الدخان وضرره (يعني اني) أحافظ على صحتي.. فلا أدخن إلا لايت.. وموضوع السجائر وشركات التبغ.. تعاني منه أميركا أيضا.. فمنذ عقد من الزمان أو يزيد هناك قضايا ودعاوى تُرفع ضد شركات التبغ.. منها تضليل الناس بما يسمى سجاير لايت.. ماعلينا.. وأنتقل في سوانح لنقل صورة مما تبثه القنوات الفضائية من مسلسلات تُسمى بدوية (والبداوة منها براء) فيه إسقاط وتركيز على أن كبيرات السن كن يشربن الدخان أو التتن.. ولا أنسى مسلسلاً تقوم فيه ممثلة عجوز شمطاء بدور البطولة.. وهي وصويحباتها يتعاطين تدخين الغليون (البايب) والشمطاء يعود إليها أفراد القبيلة في كل أمورهم.. شاهدتها تقول للخادم: خذ عَب لي التتن يا ولد.. وكأنها (مع الأسف) من سلوم العرب كإكرام الضيف أو قطع رأس المعتدي.. وهذه صورة بعكس الواقع.. فنساؤنا كن ولا زلن يكرهن رائحة السجائر ويتضايقن منها.. كمن قالت شعراً في حبيبها الذي ابتلي بالتدخين: لا تشرب التتن يا المملوح يخرب ثناياك يا الغالي أو التي قالت تخاطب زوجها المدخن.. وقد كان فارساً مغواراً.. وشيخ عرب أو عقيدً في قومه: ياشارب التنباك.. شاربك لاطال وعندما سمعها قال لها بغضب: رديها يامره.. فندمت كثيراً.. وأردفت قائلة.. لتلطيف الجو: شرابة التنباك فيهم سعة بال ومن طال شاربه يقصرونه.. وسامحوني على القصور.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية.