عند الحديث عن العلاقة بين الموظف والمراجع يتركز الحديث في الغالب على سلوك الموظف وحقوقه وواجباته، وما ينبغي عليه ان يفعله لخدمة المراجع بشكل متميز يحترم حاجة المراجع ويقدر المسؤولية التي كلف بها في مجال الخدمة العامة. الأضواء دائماً تسلط على سلوك الموظف اما المراجع أو الزبون فهو دائماً على حق. كنت في احد البنوك أنتظر مع العملاء فتح ابواب البنك وبدء العمل. وكنا في رمضان وفي الفترة المسائية حيث تبدأ ساعات العمل من التاسعة حتى الحادية عشرة. وعند الساعة 8,50 دقيقة اي قبل الموعد بعشر دقائق، عمد احد العملاء إلى طرق الباب، فأطل احد الموظفين من الداخل واشار إلى وجود عشر دقائق متبقية على بدء العمل وفتح الباب لكن العميل لم تعجبه لهجة الموظف وقال له: بغضب «وش رايك تضربني» الجميع من العملاء المنتظرين تعاطفوا مع العميل رغم ان الموظف لم يكن على خطأ!!. في إحدى الدوائر الحكومية يدخل المراجع وفي داخله افتراضات جاهزة بأن الموظف الذي امامه كسول وغير مبال ولا يحترم حقوق المراجعين، فيبدأ بالصراخ، والتهكم، واطلاق كلمات السب، وربما القى بعض التهم، وفي هذه الحالة قد يجد من الموظفين من يسايره في عقليته ويقف له بالمرصاد وعقبة في إنهاء معاملته، أو يجد من الموظفين من يهب للنجدة والفزعة مستنداً على مقولة «الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح» .. في القطاع الخاص تحرص الادارة على ارضاء الزبون وكسبه واستمراريته، وتحاسب الموظف الذي يقصر في اداء الخدمة أو ينفعل فالمطلوب ان يتحمل ضغوط الزبائن، ويسيطر على اعصابه وعلى لسانه، وان يتجاوز عن اخطاء العملاء، ويسامحهم، ويحول هذه الأخطاء إلى ايجابيات لمصلحة العمل. وفي بيئة العمل في القطاع العام فإن الصورة لن تكون مماثلة للأولى فهنا موظف يعرف واجباته لكنه قد لا يعير أهمية لمسألة كسب المراجع واستمرار علاقته فالعمل الحكومي عمل غير ربحي، ومع ذلك يوجد كثير من الموظفين المتميزين في ادائهم وأخلاقياتهم، وهؤلاء لديهم القدرة على امتصاص غضب المراجع وارضائه حتى بدون اكمال اجراءات معاملته. وامام الموظف المتميز لابد ان نقف وقفة احترام وتقدير خاصة ان موظف القطاع العام قد لا يحصل على التحفيز الذي يحصل عليه الموظف في القطاع الخاص. ونحن عادة نركز على اخطاء الموظف العام والمراجع لا يمل من نقده، وتعداد اخطائه، وتقصيره، ولكنه مع الأسف لا يتحدث بلغة التقدير عن الموظف الكفء، الخلوق، عن الجندي المجهول الذي يخدم المراجع بكل حواسه مخلصاً لعمله ومسؤولياته ومحباً لتقديم الخدمة العامة بكل رحابة صدر. ذلك الموظف الذي يحترم المراجع ويقدر حاجته للخدمة عندما يقوم بعمله على الوجه المطلوب بل يتعدى هذه الحدود ويتميز عن الآخرين فإننا مع الأسف لا نجد من يتحدث عن ذلك ونكتفي بالقول «أليس هذا هو واجب الموظف؟». نعم من واجب الموظف ان يقوم بمسؤولياته حسب المعايير المحددة للأداء، ومن واجبه ان يقدم الخدمات للمراجعين بنفس المستوى. ولكن ماذا عن الأداء المتميز، الاداء الابداعي، الاداء الذي يتجاوز تلك المعايير. هل نعامل هذا الموظف المتميز مثلما نعامل الموظف الذي يؤدي عمله بشكل روتيني لا تجديد فيه ولا إبداع. ذلك الموظف الذي يبتكر الطرق والأساليب الناجحة لخدمة المراجعين وارضائهم، والاسهام في وضع الصورة الجميلة للجهاز الذي يعمل فيه في المجتمع، مثل هذا الموظف هل نقول له شكراً فقط بل هل نقول هذه الكلمة اصلاً. [email protected]