تعودنا أن نسمع في قطاع الأعمال أن مصلحة الزبون تأتي أولاً. تلك هي الفكرة التقليدية السائدة. لكن السيد هيرب كيلهر رئيس ساوث وست اير لاينز له رأي آخر، فالمبدأ في هذه الشركة ان مصلحة الموظف تأتي أولاً، ويعتقد السيد كيلهر بأن شركة عمالها سعداء ومنتجون ستحظى بعملاء سعداء ومستعدين لدفع المال، وهو يحب ان يروي قصة مدير تنفيذي اشتكى من أن دخول أحد الحمالين إلى مكاتب كبير المديرين التنفيذين أسهل من دخوله هو إلى مكتبه فعلّل كيلهر سبب ذلك بأن الحمال يفوقه أهمية. (نخبة القادة الاداريين، الدار العربية للعلوم).. إن رأي رئيس ساوث وست لا يعني ان الزبون ليس له أهمية ولكنه يرى أن الاهتمام بالموظف سيؤدي بالنتيجة إلى الاهتمام بالزبون. هل ما سبق من البدهيات؟ اذا كان الأمر كذلك فلماذا نجد على أرض الواقع أن بعض الموظفين (في القطاع العام أو الخاص) لا يعملون في بيئة عمل مريحة. الموظف الذي يصل إلى عمله مرهقاً نفسياً وبدنياً بسبب المواصلات ووسيلة النقل ثم لا يجد لسيارته مكاناً لركنها، ثم لا يجد مكاناً نظيفاً لتناول الافطار، ثم يجد زحمة في غرف العمل تحت ضغط طقس حار وتكييف يحتاج إلى صيانة. الموظف الذي يجتهد ويبدع وتذهب الترقية إلى غيره، الموظف الذي يجد مسافة كبيرة تفصله عن رؤسائه، الموظف الذي يعمل ساعات اضافية بدون مقابل ولا يحصل على كلمة شكر، الموظف الذي يعمل بكل إخلاص وينتمي بقوة إلى الجهاز الذي يعمل فيه ويقضي به سنوات طويلة ولكنه ينتظر الأيام والأسابيع من أجل مقابلة رئيس الجهاز أو يحال إلى مقابلة شخص آخر، الموظف الذي ينهره رئيسه أمام زملائه، الموظف الذي يرغب بالمشاركة فلا يجد الفرصة ويبحث عن التطوير والتغيير فيكتشف وجود رغبة على إبقاء الحال على ما هي عليه، الموظف الذي يتحمس لتطوير قدراته وأدائه فيصاب بالاحباط لعدم وجود برامج تحقق له ذلك النمو الوظيفي، الموظفة التي تحصل على مزايا وظيفية أقل من الرجل رغم أنها تؤدي نفس العمل، الموظفة (الأم) التي لا تجد في مقر العمل مكاناً متخصصاً مناسباً لرعاية أطفالها، العامل الذي تتأخر رواتبه والذي قد ينظر إليه البعض نظرة دونية، العامل الذي يعمل ولا أحد يقدر ما يقوم به، عامل النظافة، عامل البناء، عامل الصيانة.. الخ، هل نشعر بوجودهم؟ هل فكرنا بتكريمهم وتقدير ما يقومون به؟ تلك أسئلة وخواطر من المهم أن نتوقف عندها ونتأمل في أهميتها وتأثيرها. إن وجود بيئة عمل إيجابية توفر حقوق الموظف الأساسية وغير الأساسية، المادية والمعنوية، مثل بيئة العمل الصحية، والعلاقات الانسانية، والحوافز ومنها فرص التقدم والمشاركة واثراء المسؤوليات والتقدير. هذه البيئة سينتج عنها في الغالب موظف سعيد منتج متفاعل بشكل ايجابي مع الآخرين ويؤدي واجباته بحماس وشعور بالانتماء. وعندما يتواجد مثل هذا الموظف فهذا يعني بالضرورة أنه سيقدم الخدمة للزبون او المراجع بطريقة تحقق الرضا لهذا الزبون أو المراجع. إذا أردنا إذن إرضاء المراجع/ الزبون، فعلينا أولاً إرضاء الموظف/ العامل. وما نلاحظه أحياناً في بعض مواقع العمل ذات العلاقة المباشرة بالجمهور وجود حالة من عدم الرضا لدى الطرفين (الموظف والمراجع) لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن هنا يتوجب علينا أن نبدأ بالموظف أولاً حتى يكون قادراً مهنياً ونفسياً على أداء واجباته والقيام بمسؤولياته.