دوماً كنت ارى ان اهمية التدريب العملي ضرورة للموظف العام، الذي يتعامل مع جمهور المواطنين مباشرة كرجال الأمن والعاملين في الخدمات الصحية وامثالهما، ذلك ان التعامل مع جمهور الناس الذين تقدم لهم الخدمات الاجهزة الحكومية وبعض المؤسسات الأهلية، يحتاج الى كثير من الاتقان ومع اتقان اساليب العمل شيء من آداب السلوك، التي تنعكس على التعامل بين البشر فترتقي به الى ان يكون سلوكاً حضارياً يتسم بقيم انسانية عليا، تجعل منه تعاملاً امثل، فيه كل الاحترام لكرامة المواطن متلقي الخدمة، ويجب ان يزول معه كل وهم ان الوظيفة مانح عظيم للسلطة القاهرة يتحكم من خلالها الموظف في اخوانه المواطنين، وكأنهم رعايا له عليهم السمع والطاعة، وليس من حقهم الاعتراض على كل ما يفعله . فلدينا وللاسف صنف من الموظفين توهموا ان الوظيفة تهبهم سلطة مطلقة، وألا رقيب عليهم ولا حسيب، فتتوالى كل لحظة اساءاتهم الى مواطنيهم، ظنا منهم ان النظام منحهم حماية دائمة ألا يساءلوا مهما تعددت اخطاؤهم، فهذا الموظف الذي يستقبل مراجعيه مقطب الجبين، لا يتيح لهم الفرصة ليشرحوا له لماذا يراجعونه، واقل كلمة منهم مطالبته بأن يؤدي واجبه يجعله يغضب، ثم يتبع ذلك بالامتناع عن خدمتهم والتي اوكلت اليه نظاماً، ثم يأخذ في ممطالتهم في ادائه لعمله اياماً طويلة، يرهقهم في مراجعته ويتلذذ باتعابهم، وبمرآهم وهم يتوددون اليه عله يقوم بواجبه وينجز لهم معاملاتهم . فالموظف لا يكفي ان ندربه على اداء عمله الوظيفي فقط، بقدر ما نحن في امس الحاجة الى تأهيله مسلكياً، بحيث يدرك ان الوظيفة انما هي لخدمة المواطنين وليست سلطة تقهرهم وتذلهم، وان يحترم مراجعيه ويحسن معاملتهم، وان توجد الآلية التي نحاسبه عن طريقها اذا شذ عن الطريق القويم . فقد انتشرت في اجهزتنا الحكومية ثقافة وظيفية لا تعترف للمواطن بحق في ما تؤديه من اعمال، بل ترى ان ما تقدمه له من خدمة انما هو كرم منها وتفضلاً عليه، وعليه ان يكون شاكراً لها مهما اتته هذه الخدمة سيئة او متأخرة، وكأن هذه الإدارات الحكومية الخدمية مؤسسات خيرية وهذه الخدمات صدقات يمد الموظفون اليد بها الايدي السفلى المحتاجة، وينسى هؤلاء انهم انما عينوا في وظائفهم ليؤدوا هذه الخدمات لمستحقيها من المواطنين بموجب عقد وظيفي بينهم وبين الحكومة يتلقون بموجبه على اعمالهم اجراً مجزياً ويجب عليهم مقابل ذلك اداء اعمالهم التي يستفيد منها مواطنوهم دون من أو أذى وعلى احسن صورة ليستحقوا هذا الاجر والبقاء في وظائفهم، وإلا فالواجب ان يحاسبوا على كل تقصير، فهل أهّلناهم لهذا ..هو ما نرجوه والله ولي التوفيق . ص . ب : 35485 جدة 21488 فاكس : 6407043