التأخير في إنجاز المعاملات الحكومية بدون مبرّر مرض مصابة به دوائرنا الحكومية. وسوء المعاملة التي يعاني منها المواطنون والوافدون من بعض الموظفين والعاملين في الجهات الحكومية الخدمية أمر يحتاج إلى متابعة ومراقبة ورصد ونظام عقوبات. ففي عصر كعصرنا وأمام مظاهر التقدّم وحسن إدارة الوقت التي نجحت معها معظم دول العالم نجد أننا تخلّفنا كثيراً عن الركب!! فنحن نعيش عصراً أصبح كل شيء فيه الكترونياً. يبدأ وينتهي (بضغطة زر) ومع ذلك نجد أننا ما نزال نتسكّع بين أروقة مباني الدوائر الحكومية بلزوم ودون لزوم. فظاهرة تأخر إجراءات إتمام المعاملات ظاهرة مخزية...ولاسيمّا أن صور ذلك عديدة...فالمعاملة التي تنتهي في دقائق أو ساعة أو يوم قد تتأخّر أياماً وأسابيع بل وأشهراً. ويزداد الأمر سوءاً حينما تضيع بعض الأوراق وللأسف يُحمّل (المراجع) الخطأ وعليه أن يعود إلى نقطة الصفر ويبدأ اللهاث مجدداً وراء إتمام المعاملة!! وقد يغضب موظفو الدوائر الحكومية الخدمية من مقالي هذا ويعيدون سبب التأخير إلى (المراجع) نفسه لنقص أوراقه!!! وقد يكون في هذا بعض الحقيقة. ومما يثير الغضب ويرفع الضغط أن تجد أن غياب الموظف المسؤول عن معاملة ما..يؤدي إلى توقّف الأعمال المكلف بها، وكأن القسم لا يعمل فيه إلا شخص واحد أو كأن الدائرة ملك للموظف الغائب. ناهيك عن سوء أخلاق بعض الموظفين وسوء تعاملهم مع المراجعين، واللامبالاة التي تصدر منهم بحق وقت المراجعين وعدم تقديرهم بأن هؤلاء تركوا أعمالهم ومسؤولياتهم في سبيل مراجعة هذه الدوائر الخدمية. ومن صور ذلك أيضاً تأخرّ الموظف عن الدوام أو خروجه قبل انتهاء الدوام بحجة جلب أبنائه من المدارس وغيرها من الحجج التي تعطّل العمل وتضرب بوقت المراجع عرض الحائط. وخلاصة القول في هذا الأمر أن من يريد أن يقيس مدى قوّة صبره وحلمه عليه أن يراجع أياً من الدوائر الحكومية الخدمية!! ويحدث ذلك بسبب غياب العقاب. فمن أمن العقوبة أساء الأدب!! لذا لا بد من وجود عقوبات رادعة في حق كل موظف يقصّر في أداء عمله بالنزاهة وحسن التعامل والدقة المطلوبة ولا بد أن يكون الموظف مؤهّلاً ومدّرباّ على أداء عمله وحسن التعامل مع الآخرين كما لا بد أن تتفعّل أكثر الخدمات الالكترونية لكل قطاع حكومي خدمي لتسهّل على المراجع إنجاز معاملاته وتقلل من حجم الخسائر النفسية والمادية والمعنوية التي يعاني منها بسبب تأخير إنجاز تلك المعاملات أو ضياع وقته.. إن نظرة سريعة لأحوال القطاعات الحكومية الخدمية لدينا تؤكّد أن لدينا تأخّراً عظيماً في تطوير العمل الإداري وأنه لا يوجد لدينا مقاييس معروفة وثابتة لتقييم العمل الإداري الذي يحتاج إلى رؤية ومنهجية جديدة تخدم المواطن والمقيم وترقى بالعمل الإداري وتوفّر الجهد والوقت على الموظف وطالب الخدمة في آن معاً.. فهل نحلم بتطوّر في ذلك كله؟..أم سنبقى محلّك سّر؟.