مهما دار بك الزمن وكبرت وشخت وضعفت وانكسرت وخاصمتك الدنيا وغضبت أنت منها، وأدارت ظهرها لك و سحبت يديك من يدها مقهورا وأنت نادم لأنك مشيت المشوار أو أنك لم تتخذ قرار انقاذ نفسك منها قبل فوات الأوان تظل أنت مختلفاً طعمك نادر ليس كالآخرين بل يبحث عنه كثير منهم، قد يضيعون عمرا كاملا بحثا عن سر اختلافك، تميزك. قد تكون في حالة انكسار، لكن حزنك النبيل يجعلك أقوى، قد تكون متألما لكن عدم شكواك يجعلك أقوى مما كنت تتوقع، قد تكون متعبا إلى حد الانعزال ليس فقط من الآخرين بل حتى من نفسك التي قد تكرهها للحظة أو تريد أن تنسى أنها أنت وأنها تملكك أو أنك تملكها لا أعرف فأحدكما يسيطر على الآخر، قد تكون في حالة عزلة، ابتعاد أو هروب وقتي قد يطول لكنك تبقى في قلوب وعقول وذاكرة كثيرين قد لا تلتفت إليهم قد تنشغل عنهم وقد..... وقد.... لكنك تظل موجودا بطريقة أو بأخرى تملك القدرة على التأثير على التغيير على التواجد بأي صورة شئت، حتى لو كنت تعيش حالة غيبوبة ذهنية تعصف بك بعيدا عن كل ما تحب أو ما تريد، حتى لو كنت تركض في دوامة الحياة ومشاكلها التي تشعرك أنك من هؤلاء الذين ضيعوا الطريق أو أخذوا المنعطف الخطأ أو قطعوا الاشارة أو حتى نسوا نفسهم في الزحمة، حتى لو كنت مشغولا بهموم الأولاد التي تكثر ولا تزيد، وأقساط آخر الشهر ومشاكل العمل التي تتنوع ولا تنتهي.قلت لك تظل أنت مختلفا!لا نحتاج إلى تحديد مركباتك الجينية ولا نحتاج أن نأخذ عينة من دمك حتى نعرف تسلسل الأحماض النووية فيها واختلافاتها الدقيقة حتى نثبت لك أنك لست نسخة كربونية من الآخرين يكفي أن تنظر إلى نفسك بحيادية المكتشف الذي يريد أن يتعرف بدون أن يجمل أو يكذب أو يتجمل أو يحور في الحقيقة حتى تناسب ما يريد أن يسمعه الآخرون أو توافق الصورة التي رسموها في أذهانهم. هل تستطيع أن تنظر لنفسك بحيادية؟ أن تتعرف على مواطن الجمال فيها بدون أن تعيش حالة إعجاب ذاتي تعميك عن هفواتها وأخطائها وعيوبها وعلى ذكر العيوب هل يمكنك أن تشير إليها بدون أن تصاب بحالة جلد ذات هستيرية أو حالة تجاهل تؤدي بك إلى تسمية الأشياء بغير اسمها؟ هل يمكنك أن تواجهها ولا تغيبها؟ قلت لك انظر لنفسك بحيادية الذي يريد أن يكتشف، بدون أي أحكام مسبقة تغطي عينيك. حاول أن تتعرف عليها، قد تجد الدهشة حينا وقد تصدم حينا وقد تفاجأ مفاجآت تدغدغ مشاعرك حينا آخر. نعم قد تفاجئك نفسك أحيانا.... قد تقضي عمرك باحثا عن ما يدهشك يجعلك ترفع حاجبيك وتنسى أنك لو نظرت داخلك لوجدت عالما من الدهشة.