عند الحديث مع رواد الأعمال، غالباً ما تتلخص طلباتهم وطموحهم في إنشاء شركة متخصصة تساعدهم في دراسات الجدوى الاقتصادية التي تتركز على الانتشار والتوسع الاقليمي والعالمي، وتكون الجهة المساندة في توفير مصادر تمويل، تعزز هذا التوسع بضمانات مالية تكفل لهم حقوقهم وتكون مصدر ثقة لهم، حتى لا تكون حالات فردية يخفق فيه رائد الأعمال في إيجاد الطريق الصحيح للنمو والاستمرار بالمحافظة على روح العمل؛ كان هذا محور نقاشي مع رائد الأعمال، المهندس ياسر بن يوسف بكر، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي ل(تالة الجود)، إحدى شركات بيع التمور في السعودية. يطمح بكر كما غيره من رواد الأعمال بالانطلاق إلى العالمية، لكنه تحديداً يجد نفسه مستعداً لهذه الخطوة، خصوصا أن خبرته في هذا المجال رافقته منذ سن مبكرة جداً، والآن شركته أصبحت تملك الحصة السوقية الأكبر في بلدٍ يعدّ من بين الدول الأضخم إنتاجاً للتمور في العالم. انطلق مشروع (تالة الجود) بداية بسيطة مثل أي مشروع ريادي، عمل فيه 3 موظفين في عام 2001، وتم اختيار اسم تالة التي تعني شجر النخيل الصغيرة، واليوم توظف الشركة أكثر من 250 عامل، ولها أكثر من 10 فروع في جدة والرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة، ولايزال المشروع في نمو مع إدخال العديد من المنتجات التي يدخل التمر في إعدادها مثل التمور المحشوة والمعجنات التقليدية والمعمول، وجميعها يصنّع في مصنع الشركة في جدة. أما فيما يتعلق بمصدر التمور، فيقول الريادي السعودي، الذي اعتاد معاونة والدته في صنع المعمول فترة الأعياد، مصدرها من المنطقة الوسطى في السعودية والمدينة المنورة. انطلق المشروع بمشاركة ياسر بكر وشركائه المؤسسين، ماجد ومجدي درويش بحجم استثمار وصل إلى 400 ألف دولار، وحققت الشركة زيادة في المبيعات بنسبة 25% من العام 2013، ما يشير إلى نمو قوي، مع توقع حدوث زيادة سنوية مقدارها 20% في السنوات المقبلة. من الواضح أن تحقيق الأرباح في هذا المجال شيء مؤكد في بلدٍ تعدّ كمية استهلاك الفرد الواحد فيه من التمور هي الأعلى في العالم بواقع 36 كيلو جراماً سنوياً، كما تؤلّف منتجات التمور في المملكة العربية السعودية ما نسبته 16.48% من الإنتاج العالمي عام 2014 وفقاً ل(منظمة الأغذية والزراعة) التابعة للأمم المتحدة (الفاو) وتحتل بذلك المركز الثاني عالمياً، بإجمالي إنتاج بلغ 1.122 مليون طن، من إجمالي الإنتاج العالمي الذي يبلغ 7.34 مليون طن. في ظل وجود سوق تنافسية، لا يقتصر تحقيق النجاح ببساطة على بيع المنتجات فقط، حيث يشير ياسر بكر، الذي عمل في قطاع الطيران السعودي قبل أن يختار الانطلاق في عالم الريادة، إلى الابتكار وتطوير المنتجات وتقديمها بعبوات ذات شكل أنيق، فضلاً عن جودة الخدمة. فيما يهتم بكر بتطوير المنتجات والخدمات، يبقي اهتمامه منصباً أيضاً على التوسع؛ وهي خطوةٌ يستوجبها، حسب رأيه، تنامي الاهتمام الإقليمي والعالمي بهذه العلامة التجارية السعودية. ولكن في ضوء التقنيات المتطورة التي تتوافر اليوم، لا يقف الانتشار العالمي عند حدود الصادرات أو البيع في المتاجر، فقد بات الحضور الإلكتروني عنصراً مهماً في نجاح أي علامة تجارية على الصعيد الدولي، من خلال الموقع الإلكتروني لشركة (تالة الجود)، والذي يسمح للعملاء بتصفح أفضل ما تقدمه الشركة من منتجات وخدمات، وخدمة الشراء الإلكتروني. ربما أن التحديات التي تواجهها المشاريع الجديدة أصبحت ذكرى من الماضي البعيد بالنسبة لبكر، لكن صناعة التمور لديها تحديات معينة كونها موسمية، ويمكن لبعضها أن يشكّل اختباراً صعباً حتى لأمهر الخبراء. وهذا يعني أن على التجار والمزارعين الإبقاء على منتجاتهم مخزنةً في درجات حرارة منخفضة للحفاظ على الجودة. قد يرى البعض أن ذلك عمل سهل، لكن المنشآت المعدة لهذا الغرض محدودة في المملكة حالياً حسب ما يقوله رائد الأعمال ياسر بكر، صاحب الخبرة في هذا المجال. ولكن من أراد التميز والنجاح لا يأبه بالتحديات التي تفرضها أي صناعةُ، ويمضي قدماً متمسكاً بتحقيق النجاح بمتابعة الابتكار. رائد الاعمال، ياسر بكر، تذوّق حلاوة النجاح مثلما أنّ ذائقته للتمور قد بلغت حدّ النضوج، كذلك هي الحال أيضاً مع شركته (تالة الجود) التي يتفانى في تأسيسها في سبيل الارتقاء بها إلى العالمية. هذه القصص تلهمنا للبحث عن فرص في السوق من أجل البداية. * رئيس تحرير "فوربس - الشرق الأوسط"