على بعد 120 كم من الرياض، وتحديداً في مدينة سدير للصناعة والأعمال، هناك قصة يرويها أحد رواد الأعمال الأكثر إبداعا في المملكة عمر الشملان، مؤسس مصنع «الصناعيون السعوديون للمنتجات البلاستيكية» (SIF) في عام 2012،على مساحة 5 آلاف متر مربع، وب7 خطوط إنتاجية متخصصة في تصنيع المستلزمات الطبية لعيادات الأسنان، ويتم التطوير حاليا ل5 منتجات أخرى سيجري طرحها في السوق نهاية 2015 جميعها تم اعتمادها من هيئة الدواء والغذاء. ومنذ تخرجه من الكلية التقنية بالرياض، في الهندسة الصناعية تحكم آلي، وهو يقضي أوقاته في إنشاء دراسته على أوراقه وبملفاته الخاصة التي لم يطلع عليها أحد، ويحسب حساباته بعيداً عن أي شركات متخصصة في دراسات الجدوى، وعلى هذا النحو عاش حلمه مبكراً، حيث التحق للعمل في عام 2004 بإحدى الشركات المالية، رغبة منه في كسب المهارات الإدارية والاستثمارية إلى جانب دراسته الهندسية. واستمر في العمل ل5 سنوات حتى تخرجه. ورغبة منه في الالتحاق بجهة حكومية، توفر له الدعم لتأسيس مشروعه من حيث ساعات العمل والدخل المناسب، وقع اختياره على مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في البحوث والدراسات، التي أضافت له الكثير من الخبرات، وطورت مهاراته في المجال الصناعي، ومكنته من الاطلاع على تجارب المصانع العالمية وتطورها، مما حفزه بشكل أكبر على تحقيق ما يصبو إليه. في هذه المرحلة من عام 2009، بدأ الشملان رحلة البحث عن المعلومات ميدانيا، عمل على زيارة معظم المستشفيات الرئيسة في المملكة ووزارة الصحة والمستشفيات الجامعية والقطاع الخاص ،ليستفسر منها بشكل مباشر عن احتياجات السوق من المستلزمات الطبية مستهدفاً إدارات المشتريات فيها. عندئذ، بدأت تتضح له الصورة بشأن كميات وأنواع اللوازم التي يتم استيرادها سنوياً. وبعد تقديمه فكرة المشروع والدراسة إلى بنك التسليف، حصل منه على تمويل 1.5 مليون ريال، أما فكرة المشروع المتعلقة بإنتاج المستلزمات الطبية، فقد لاحظ «الشملان» أن هناك إنفاقاً حكومياً ضخماً على القطاع الصحي، في ظل أن ما يتم استيراده من الدول الأجنبية. وهذا تزامن مع إقبال المراكز الطبية كعيادات الأسنان بشكل خاص، على استخدام المواد المعقمة التي تُتلف بعد استخدامها لمرة واحدة، لضمان عدم انتقال الأمراض، مثل: قوالب الأسنان وإبر الوخز الدقيقة، والمصنوعة من ال»ستانلس ستيل»غير قابل للصدأ أو ال»تيتانيوم»، وهي منتجات قابلة للتلف. ومع توافر المواد الخام في الشركة العملاقة «سابك» وتصديرها إلى دول العالم المختلفة، لتصنيعها وإعادة بيعها للسوق المحلي في المملكة بأضعاف الأسعار، يفخر الشملان، بالرغم من محاولته البسيطة، والتي لا تغطي سوى نسبة بسيطة من السوق، بوجود منتج سعودي طبي إلى جانب بعض المنتجات البسيطة والمكررة، مثل: المعقمات والشاش الطبي والمحاليل. لكن إلى جانب هذه القصة، تبقى اهم التحديات وهي العمالة المحور الأبرز في سيناريو مشاريع رواد الأعمال، فقد حصل الشملان على العديد من الطلبيات، إلا أن اقتصار الأيدي العاملة لديه على 45 موظفاً، حالت دون تلبية ذلك. مما دفعه إلى إنشاء مصنع إضافي في الصين منذ 6 أشهر، يعمل فيه 25 موظفاً في 3 مناوبات على مدار الساعة. أما اليوم، فالشملان بات يستهدف الأسواق الأوروبية، وقريباً سيحصل على شهادات الجودة، مما سيدعم توزيع منتجاته على نطاق أوسع. ووفقاً لقوله، لا يرغب الآن بدخول أي شركاء معه في المشروع، والسبب أنه يريد تقوية خطوط الانتاج والتوسعة وبناء سياسة الجودة بشكل متقن. لكنه لا يستبعد مستقبلاً أن يكون أحد شركائه «سابك»، فيما إذا أطلقت مشروعاً لتمويل رواد الأعمال، كبرنامج «واعد» في «أرامكو». والسؤال هل تطلق سابك بالفعل، مشروعاً مشابهاً ل»واعد» الذي أطلقته أرامكو؟ قد لا يكون ذلك مقتصراً على الدعم المالي فقط، بقدر ما يتم تقديمه بتوفير المواد الخام مجاناً، أو بأسعار رمزية للمشاريع الريادية، من أجل تفعيل الصناعة الوطنية. كلنا على يقين بأن عملاقة البتروكيماويات السعودية «سابك» ستخرج الكثير من المشاريع الشبابية الواعدة.ِ يقول الشملان، وهو الذي يقطع يومياً مسافة 120 كم من الرياض إلى سدير، ليمطئن على سير عمله هناك: «من يطمح إلى النجاح، لا بد أن يشرف على جميع مراحله بنفسه. وإن غاب أحد موظفيه يستطيع أن يحل بديلاً عنه، من دون أن يتعطل الإنتاج». كذلك يقول إيماناً منه بتدبير الله وفضله وعدله: «لا مستحيل في هذه الحياة، فقد جعل الله لكل ضيق فرجاً، وصُنع لكل قفل مفتاح».