"أخرجوا النفايات المشعة من جزيرة العرب!"، بهذه الجملة ختم الكاتب مقالة سابقة ناقشت التجربة الفنلندية في التعامل مع المخلفات الإشعاعية عبر التخطيط لمئة ألف سنة. وأكرمني عدد من القراء والقارئات الكرام بتعليقات بأنه لا يجب علينا في المملكة ودول الخليج استغلال حاجة الدول الفقيرة بدفن نفاياتنا النووية هناك كما يفعل عدد من الدول الغربية.. مقالة اليوم تناقش مسألة النفايات النووية في الجزيرة العربية.. بداية نعرج على الخطط المعلنة في دول الخليج للاستفادة من الطاقة النووية حيث تخطط المملكة حسب ما هو معلن لبناء 16 مفاعلاً نووياً، وأعلنت الإمارات عن إنشاء أربعة مفاعلات نووية، ويبقى السؤال الأهم: كيف سيتم التعامل مع المخلفات الإشعاعية؟ في الواقع حاول الكاتب البحث عن جواب شاف للسؤال أعلاه. وأعرض عليكم ما احتواه موقع مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة على الانترنت من مهام (إدارة نظم النفايات المشعة) والتي تضمنت تحديد وتطوير إدارة فعالة للتخلص من النفايات المشعة في المملكة متوافقة مع خيارات دورة الوقود المطروحة وتحديد بنية تحتية مناسبة لإدارة النفايات المشعة في المدينة في عام 2013. أما موقع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فيجيب بأنه فيما يتعلق بالمستوى المنخفض من النفايات المشعة، فإن خيارات التخزين تتضمن التخزين بالقرب من السطح أو في مستودعات جيولوجية. أما النفايات المشعة ذات المستوى العالي مثل الوقود المستهلك، فيمكن تخزينها بأمان ومراقبتها عن كثب سواء في موقع المحطة أو مستودعات يتم بناؤها خصيصاً للنفايات ذات المستوى العالي!! بكلمة أخرى الحديث هنا عن دفن وتخزين النفايات المشعة في دول الخليج. من ناحية المبدأ فكل دولة تمتلك مفاعلات نووية مطالبة بالتعامل مع المخلفات الإشعاعية الناتجة عنها. وبسبب المخاطر الكبيرة من حوادث التسرب واحتمالات الإصابة بالسرطان فكثير من الدول تواجه معارضات شعبية قوية ضد الدفن أو حفظ هذه النفايات داخل البلد. وماتزال اليابان تعاني إلى اليوم من تبعات أزمة فوكوشيما النووية، ونشرت تقارير في الشهر الماضي عن جهود حثيثة بذلت لمعالجة تسرب إشعاعي للتربة من الأنابيب تحت الأرض قرب المنشآت النووية بمنطقة هانفورد الأمريكية. وأستشهد هنا بكلمة تشارلز ماكونبي، الخبير في مجال التخلص من النفايات المشعة: "لا يجب على أي دولة التفكير بإنتاج الطاقة النووية قبل امتلاك القدرة الوطنية الذاتية على معالجة المخلفات الإشعاعية والتخلص منها فالاستعداد التقني والبشري ومعرفة الوضع الجيوسياسي شروط أساسية لأي دولة تريد المضي في إنشاء مفاعلات نووية". وفي عام 2011م طلب الاتحاد الأوروبي من الدول الأعضاء وضع خطط حول السياسات المطلوبة للتخلص والتعامل مع النفايات المشعة. ونتجه إلى هولندا التي تقدمت بمقترح لإنشاء جزيرة صناعية في بحر الشمال بالشراكة بين سبعة دول هي النرويج، الدنمارك، ألمانيا، هولندا، بلجيكا، بريطانيا وآيسلندا بحيث يتم عمل حفرة في أعماق البحر وتدفن فيها النفايات المشعة للدول السبع التي ستقتسم التكاليف ولن تواجه مشاكل المعارضة الشعبية لعدم وجود سكان في وسط البحر! ومع ذلك ما يزال المقترح على الورق وينتظره جولات طويلة جداً من المفاوضات. وباختصار، فلست معارضاً للطاقة الذرية بل أقترح وجود منظومة وطنية وإقليمية محكمة لضمان السلامة النووية في جميع المراحل انتهاء بالتعامل مع المخلفات المشعة. ومع تأييدي بقوة لتوطين التقنيات النووية في بلادنا، فلو حسبنا بمنظور اقتصادي تكلفة التشييد والتشغيل للمفاعلات النووية مع تكاليف التخلص من النفايات المشعة فستكون الطاقة الشمسية والمتجددة أكثر إنتاجية من الطاقة الذرية. ورغم المشاكل المختلفة للطاقة المتجددة فعلى الأقل لا قلق من أزمات نووية كارثية كفوكوشيما وتشيرنوبل!!