المديفر: المملكة حققت خطوات كبيرة في نهضة قطاع التعدين    وزيرة الخارجية الفلسطينية تؤكد أهمية اتفاق شرم الشيخ    الاتحاد السعودي لكرة القدم أفضل اتحاد وطني في آسيا    الأسهم الاستثمارية تغري الآباء للاستثمار لأبنائهم    الذهب يبلغ مستوى قياسيا عند 4316.99 دولار للأوقية    ترامب: سألتقي «على الأرجح» ببوتين خلال أسبوعين    موجة قصف إسرائيلية واسعة على جنوب لبنان    وزير الاتصالات وتقنية المعلومات يجتمع مع الرئيس التنفيذي لشركة nvidia    الهلال بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للكرة الطائرة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (560) حقيبة إيوائية للنازحين من محافظة السويداء إلى محافظة درعا    «الرياض» و«الشعب الصينية» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الإعلامي    القبض على (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (54) كجم "قات"    الأمير عبدالعزيز الفيصل يترأس اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الحلم الآسيوي بالرياض    ديسمبر: انطلاق معرض التحول الصناعي 2025 في الرياض    مجمع الملك سلمان يكرّم 12 فائزًا من 10 دول في مسابقة حَرْف    آل الشيخ ل"الوطن": المملكة تسعى لنشر الإسلام الوسطي المعتدل في شتى أنحاء العالم    نائب وزير الخارجية يلتقي في روما بمستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية    جمعية الكشافة تطلق حملة "اقتداء وعطاء" للتبرع بالدم    تونس تواجه البرازيل وديا الشهر المقبل    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    جمعية ريف تحتفي باليوم العالمي للمرأة الريفية وتؤكد دورها في التنمية المستدامة    زينهو مع الرائد.. تجربة جديدة في دوري يلو    14 عالماً من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم    جمعية الثقافة والفنون بجدة تكرم الفوتوغرافية ريم الفيصل    بلاي سينما تطلق أول سينما اقتصادية سعودية بجودة عالية    إنقاذ حياة مريضة بتركيب صمام رئوي عبر القسطرة بدون جراحة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًا احتفاءً بعام الحرف اليدوية 2025    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرعى لقاء وزير التعليم بأهالي منطقة جازان    مائة معلم سعودي يشرعون في دراستهم بالصين لاستكمال برنامج ماجستير تعليم اللغة الصينية    وزير ا الصحة السعودي و المصري يبحثان تعزيز التعاون الصحي المشترك وتوطين الصناعات الدوائية    نيابةً عن محافظ الطائف.. "البقمي" يفتتح المؤتمر الدولي السابع لجراحة الأطفال    رئيس "أرامكو" : أزمة نفط عالمية وشيكة بسبب نقص الاستثمار    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    نيابة عن سمو محافظ الطائف وكيل المحافظة يطلق المؤتمر الدولي السابع لجراحة الأطفال    فريق إرم التطوعي يوقع اتفاقية تعاون مع جمعية براً بوالدتي بمكة    لضمان تنفيذ وقف النار.. استعدادات لنشر قوة دولية في غزة    بوتين للشرع: حريصون على استقرار سوريا.. تعاون ومشاريع شراكة بين موسكو ودمشق    الأخضر.. تأهل مستحق لكأس العالم    حرس الحدود بمنطقة مكة ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر    الفيلم السعودي «هجرة» يعبر إلى الأوسكار    موسم الرياض يطرح تذاكر «النداء الأخير»    المرور السعودي: 6 اشتراطات لسير الشاحنات على الطرق    وزارة الشؤون الإسلامية تفتتح المسابقة الدولية الثانية لتلاوة القرآن الكريم وحفظه في كازاخستان بمشاركة 21 دولة    السند يرأس الجلسة الخامسة لملتقى "مآثر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح رحمه الله- وجهوده في المسجد النبوي"    760 مدرسة تحصد مستوى التميز وتعيد صياغة الجودة    الأرصاد: مؤشرات لتكون حالة مدارية في بحر العرب    تداول يرتفع 86 نقطة    أنف اسكتلندي.. حبة بطاطا    البرد يرفع مستويات السكرفي الدم    جدل متصاعد بين تل أبيب وغزة حول مصداقية تبادل الأسرى والمحتجزين    تحركات أوكرانية في واشنطن ومساع جديدة لتأمين تسليح متقدم    أمير المدينة يرعى ملتقى مآثر عبدالعزيز بن صالح    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    ترأس اجتماع لجنة الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: مضاعفة الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطاقة النووية في الخليج..«الصراع المقبل».. التكلفة الاقتصادية في مواجهة الضرورة السياسية
«الرياض» وخبراء الطاقة يرصدون في تقرير مستقبل التكنولوجيا «المثيرة للجدل»: (2/2)
نشر في الرياض يوم 05 - 11 - 2010

بعد أن تناولنا في الحلقة السابقة علاقة السياسية بالطاقة النووية، نستعرض في الحلقة الثانية والأخيرة من هذا التقرير العلاقة بين الطاقة والاقتصاد من جانب وعلاقة هذه الطاقة بالبيئة من جانب آخر، نجيب من خلالها على عدد من الاسئلة، فإلى التفاصيل:
وفرة النفط والغاز في الخليج يجعلان الطاقة النووية غير مجدية اقتصادياً
الطاقة النووية غير مجدية اقتصادياً
تفسر دول الخليج العربي حاجتها إلى الطاقة النووية بأنها حاجة ذات أبعاد اقتصادية، لكن ما الجدوى الاقتصادية المرجوة من مشاريع تكلف المليارات، في الوقت الذي تتحكم فيه هذه الدول الخليجية بالطاقة النفطية إضافة إلى الغاز الذي تأتي دول المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وإيران في قائمة الدول العشرين المصدرة له.
طرحنا هذه التساؤلات على خبراء في اقتصاديات الطاقة الذين جاءت إجاباتهم كما هي العادة لدى الاقتصاديين مقرونة بأرقام وإحصائيات، وفي البداية توجهت بالسؤال حول الجدوى الاقتصادية للطاقة النووية بالنسبة لدول الخليج لكبير الاقتصاديين في قسم الطاقة النووية في معهد اقتصاديات الطاقة الياباني يوجي ماتسو، فأوضح ل"الرياض" قائلاً: لا يمكن القول بأن الطاقة النووية ذات جدوى اقتصادية لدول الخليج في الوقت الراهن، ويرجع ذلك لسببين:
بروفيسور مجيد كاظمي مدير مركز الأنظمة النووية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
أ.د. كاظمي: أرض مساحتها عشرة آلاف متر تكفي لتخزين نفايات محطة ألف ميغاوات
الأول: أن دول الخليج لا تملك محطة للطاقة النووية عاملة في الوقت الحالي ويعني ذلك أن بناء أول محطة سيكون ذا كلفة عالية.
ثانياً: معظم تكاليف توليد الطاقة من الفحم أو الغاز ناجمة عن تكاليف الوقود، وحيث أن دول الخليج تملك مصادر وفيرة للغاز الطبيعي والنفط الخام لذلك فإن توليد الطاقة الكهربائية من الغاز سيكون أقل تكلفة مقارنة مع الدول الأخرى مثل فرنسا واليابان وخلافها، ولهذا لا يمكن القول بأن الطاقة النووية ذات جدوى اقتصادية لدول الخليج في الوقت الراهن.
لكن حسب فهمي - والحديث هنا للخبير الياباني - دول العالم تفكر فيما يجب أن تقوم به عندما يتخلص العالم من الكربون ويأخذ في استخدام وقود عضوي أقل في المدى الطويل ولهذا فهي ترغب في تنويع استخدام الطاقة.
ويضيف: أعتقد بأن هذا هو السبب الرئيس الذي جعل دول الخليج تفكر في الطاقة النووية واستخداماتها. وأيضاً، إذا كان بإمكان دول الخليج استخدام الغاز الرخيص فإنه باستطاعتها أيضاً بيع هذا الغاز للدول الأخرى بأسعار مرتفعة، وإذا كان بإمكان دول الخليج الاستعاضة عن الغاز الطبيعي بالطاقة النووية فإن من شأن ذلك تحقيق جدوى اقتصادية لها.
الدكتور يوجي ماتسو كبير الاقتصاديين في معهد اقتصاديات الطاقة الياباني
أ.د. ماتسو: توليد الكهرباء من الغاز أفضل من الحصول عليها من الطاقة النووية
بيد أن الخبير ماتسو يرى أنه بصفة عامة لتوليد الطاقة النووية جدوى اقتصادية، فعلى سبيل المثال، أظهر تقرير مكتب الالتزام البيئي والتوثيق في وكالة الطاقة الذرية عن تكاليف توليد الطاقة لعام 2010 حيث يشير إلى أن تكاليف توليد الطاقة النووية تصل إلى 77,4 دولار /كيلووات في الساعة في الولايات المتحدة بينما تتراوح كلفة توليد الطاقة من الفحم مابين 88 إلى 94 دولار/كيلووات في ساعة ومن الغاز 83 إلى 104 دولارات/كيلووات في الساعة (بافتراض خصم بنسبة 10 بالمائة)، ولكن بالنسبة لدول الخليج، اعتقد بأن الأوضاع تختلف لسببين ذكرتهما آنفاً.
لكن البروفيسور الاقتصادي جايكومو لوشياني من جامعة جون هوبكنز ورئيس مركز أبحاث الخليج في جنيف، لديه رأي مختلف عن الخبير الياباني ماتسو، حيث يشير لوشياني في إجابته عن سؤال "الرياض" حول الجدوى الاقتصادية لإمتلاك دول الخليج للطاقة النووية، بأن هناك جدوى اقتصادية لهذا النوع من الطاقة.
مضيفاً بقوله: أعتقد أنه من المنطقي والمعقول لدول الخليج العربي أن تسعى للحصول على مكون الطاقة النووية كإضافة لمحطات توليد الطاقة الخاصة بها، مشيراً إلى أنه في الوقت الراهن يتم توليد الطاقة من النفط والغاز وكلاهما لديه استخدامات منافسة ذات قيمة إضافية أكبر. ويمضي لوشياني قائلاً: في حالة النفط يتم الاستغناء عن استخدامه في توليد الطاقة على مراحل ووفقاً لخطط مرسومة في غالب الدول بسبب تكلفته العالية.
البروفيسور جايكومو لوشياني رئيس مركز أبحاث الخليج في جنيف
د. لوشياني: المحطات النووية عالية التكاليف لكن رخيصة التشغيل
منبهاً إلى نقطة هامة للغاية بأنه في المستقبل سوف يتركز استخدام النفط ومشتقاته باضطراد في مجال النقل حيث أن هذا المصدر يتمتع بميزة تفضيلية على سواه من المواد، مشيراً كذلك إلى أن الغاز الطبيعي مطلوب للاستخدام في الصناعات البتروكيمائية ولا تتناسب الكميات المتوفرة منه مع الطلب على الكهرباء الذي تضاعف الطلب عليها بصورة سريعة، ولهذا تعين على دول الخليج العربي تنويع مصادرها من الطاقة الكهربائية من خلال الاعتماد على مصادر متجددة للطاقة وعلى الطاقة النووية.
انتقلت "الرياض" إلى محور اقتصادي آخر حول الجدوى الاقتصادية لبناء المفاعلات التي يكلف إنشائها أموال باهظة ويستغرق استعادة ما صرف عليها سنوات طويلة. وهنا يؤكد البروفيسور لوشياني بأن الاستثمار في محطات الطاقة النووية خيار عقلاني بالنسبة للدول ذات الإمكانيات المادية الكبيرة، وأن لا بد لها من الاستثمار للحفاظ على رفاهيتها في المستقبل.
مشيراً إلى أن محطات الطاقة النووية تكلفتها عالية لكن تكاليف تشغيلها رخيصة وهي بالتالي أكثر جدوى اقتصادية مقارنة ببدائل توليد الطاقة الأخرى.
مستشهداً في الوقت ذاته بمصدر آخر للطاقة وهو الغاز، حيث يوضح بأنه وبالمقارنة نجد أن إنشاء محطات توليد الطاقة من الغاز يتطلب استثمار أقل ولكن تكلفة الغاز في هذه الحالة تكون أعلى، وبناء على ذلك فإن محطات توليد الطاقة من الغاز تعتبر أكثر جدوى عندما تستخدم في توليد الأحمال القصوى في ساعات الذروة لأنها في هذه الحالة تستخدم فقط لساعات محدودة خلال العام.
معتبراً أن تزويد شركات الكهرباء بالغاز أو النفط بأسعار أقل من أسعار السوق العالمي يعتبر هدراً للموارد الوطنية الثمينة.
سألت "الرياض" الخبير في اقتصاديات الطاقة يوجي ماتسو عن العوامل الاقتصادية التي على أساسها يتم اختيار المشغل للمفاعلات النووية مستشهدا بأحدث المشاريع النووية التي أعلنت عنها الإمارات والعوامل الاقتصادية التي على أساسها تم اختيار كوريا الجنوبية لبناء وتشغيل مفاعلاتها الأربع، فأجاب: العامل الرئيس هو التكلفة، بعض الكوريين قالوا بأن محطاتهم النووية أقل كلفة من المحطات الفرنسية أو اليابانية وأنه باستخدام محطاتهم يمكن توليد كهرباء بكلفة 3 إلى 4 سنتات للكيلووات في الساعة ولا أدرى إن كان ذلك صحيحاً أم لا.
أما العامل الثاني فيتعلق بمسئولية الكوريين عن تشغيل وصيانة وتوفير وقود اليورانيوم وخلافه لفترة طويلة بعد بناء المفاعل وفي هذا الصدد قال الكوريون بأنهم سيكونوا مسئولين عن التشغيل والصيانة لستين عاماً ويقال بأن هذا هو السبب الرئيس لاختيار دولة الإمارات للعمل مع كوريا.
د. ديسندورف نائب مدير معهد الدراسات البيئية في جامعة جنوب ويلز
د.ديسندورف: توليد الطاقة النووية يتم بذات التقنيات التي تم تطويرها في سبعينيات القرن الماضي
هل الطاقة النووية صديقة البيئة؟
يدفع "الخضر" وهم الجماعات التي أخذت على عاتقها الدفاع عن البيئة، بكل ثقلهم في وجه مناصري الطاقة النووية التي يرونها صديقة للبيئة، وينقسم البيئيون على أنفسهم ما بين مرحب باستخدامات الذرة من اجل توليد الطاقة، كبديل للتخلص من الوقود الأحفوري (النفط، والفحم، والغاز) وتبعاته حيث يتسبب احتراق الوقود إلى تلوث الهواء والتسبب في الاحتباس الحراري الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع درجة الحرارة والتصحر والجفاف. ومناهضون يبررون أسباب رفضهم لهذا النوع من الطاقة لعدة اعتبارات أهمها النفايات التي تلفظها المفاعلات، وكيفية تخزينها ومخاطرها القريبة والبعيدة المدى، وكذلك الخوف من التسرب الإشعاعي الذي من شأنه تهديد حياة الناس القريبين من المناطق الإشعاعية مستشهدين بحوادث عدة أبرزها حادثة "تشرنوبل" في أوكرانيا ، إضافة إلى خشيتهم في وقوع هذا النوع من التقنية في أيدي إرهابيين ربما يستخدمونها لإيقاع الضرر بالأبرياء، وكل ذلك يندرج في إطار الأمن والأمان النووي.
لكن ما المطلوب من دول الخليج العربي على المستوى البيئي من أجل مواجهة التحديات التي ترافق تشييد المشاريع النووية ومنها النفايات، وماهي الخطوات الواجب اتخاذها قبل البدء في العمل للاستفادة من الطاقة النووية.
يرى في هذا الصدد زميل معهد ستيمسون ديفيد ميشيل وهو المختص في الجوانب البيئية والتغير المناخي أن قدرات دول الخليج القانونية والإدارية لمراقبة وإدارة وتطبيق قوانين حماية البيئة في كافة المجالات ضعيفة وليس فقط في مجال تطوير الطاقة النووية.
مشيراً إلى أهمية نضوج الأطر المؤسساتية المحيطة. فالقضية لا تقتصر على قدرة دول الخليج على تشغيل المفاعلات النووية ، ولكن تمتد لتشمل مسألة قدرات هذه الدول على إدارة إمدادات الطاقة النووية وتحقيق توازن بين الاستخدامات وبين البيئة.
كوريا الجنوبية كسبت العرض وأقنعت الإمارات ب«ستين عاماً» من الوقود النووي
وأضاف ميشيل في حديثه ل"الرياض" إلى أنه يمكن لدول الخليج العربي مع مرور الوقت أن تمتلك القدرات الفنية لتشغيل وصيانة المفاعلات النووية التي تنوي بناءها بقدراتها الذاتية، موضحاً بأن هذه الدول أخذت في إعداد وتدريب كوادرها الفنية وخبراءها من خلال المنشآت التي أقامتها مثل مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، ولكن الأمر يحتاج كما أسلفت إلى أطر مؤسساتية وليس فنية فقط.
أما البروفيسور مجيد كاظمي مدير مركز الأنظمة النووية المتقدمة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فيشير في حديثه ل"الرياض" إلى أنه خلال هذه الأيام يدور جدل حول انبعاث الكربون من الوقود الأحفوري، الأمر الذي يحتم وضع الأسس لاستخدام الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة. وقد ارتفعت أسعار النفط بما يبرر الإقبال على الطاقة النووية التي أصبحت أسعارها منافسة، ومن المرجح أن تتفاقم مشكلة ارتفاع النفط. ولهذا من المنطق أن يتم التفكير في الطاقة النووية من ناحية اقتصادية. أما القضية البيئية ومنها النفايات التي أثرتها فهي بحاجة إلى شيء من التخطيط.
قدرات دول الخليج القانونية البيئية ضعيفة وأطرها المؤسسية لم تنضج
ويضيف الدكتور كاظمي قائلاً مما هو جدير بالملاحظة أن محطة طاقة نووية بطاقة 1000 ميغاوات على سبيل المثال ينتج عنها نفايات يمكن تخزينها في اسطوانات صلبة في مساحة لا تزيد على ثلاثة هكتارات. ولهذا ستجد غالبية الدول أن بمقدورها التعامل مع هذه المشكلة. ومن الأفضل التخطيط لإقامة مستودع إقليمي لخزن النفايات أو مرافق للتخلص منها بإمكانها استيعاب كل النفايات الناتجة من تشغيل محطات الطاقة النووية في المنطقة. ومن الممكن التفاوض مع مورد الوقود النووي للنظر فيما إذا كان يرغب في الوقود الناضب مقابل مصاريف تدفع له.
يجدر بنا الحديث هنا بأن دفن النفايات النووية يكلف الدول الكثير من الاموال، لذا عمدت هولندا وهي التي تمتلك مفاعلين نووين على الدخول في مشروع مشترك مع ألمانيا وبلجيكا وفرنسا من اجل التخلص من النفايات في باطن الارض.
وبالرجوع إلى موضوع أمن وأمان الطاقة النووية، يرى ديفيد ميشيل إلى أنه للإجابة على مدى التأثر البيئي الذي قد يحدث من جراء استخدام الطاقة النووية في منطقة الخليج، فعلينا طرح سؤال آخر عن مخاطر الطاقة النووية مقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى؟ والجواب كما يقول: يمكن أن تكون لمصادر الطاقة الأخرى في دول الخليج تأثيرات بيئية سلبية وخطيرة، فالنفط، على سبيل المثال، كان العنصر الرئيسي في نمو المنطقة ولكن إنتاجه ساهم في تدهور بيئي كبير خاصة بالنسبة لأنظمة البيئة الساحلية، وفي ذات الوقت يؤدي حرق الوقود النفطي إلى تلوث الهواء محلياً ويفاقم من مشكلة الاحتباس الحراري. ولكن الطاقة النووية تشكل هي الأخرى مخاطر بيئية مساوية لمخاطر مصادر الطاقة الأخرى، إضافة إلى عدم وجود حلول مناسبة للنفايات النووية على المدى البعيد.
بيئيون يفحصون موقعاً بحثاً عن مجال اشعاعي
ويشير ديفيد ميشيل زميل مركز ستيمسون إلى أنه وفي حين يمكن أن يكون للتسربات النفطية في الخليج العربي أو حتى التلوث المتعمد الذي نشأ من تعمد العراق لإحراق آبار النفط الكويتية إبان حرب تحرير الكويت آثار مدمرة إلا ان العواقب المحتملة من حادث نووي محتمل أو هجوم متعمد على منشأة نووية يمكن أن يكون كارثياً، غير أن احتمال وقوع حوادث نووية سيكون بحجم حوادث تسرب النفط في الخليج العربي ومع ذلك يظل احتمال وقوع حوادث نووية "منخفضاً" ولكنه ذو عواقب وخيمة وهو حدث يصعب على الإنسان تقييمه، ولكن يجب الالتفات إليه في أي تقييم لمخاطر الطاقة النووية.
وفي ذات الوقت لابد من مقارنة المخاطر البيئية للطاقة النووية مع البدائل الأخرى من الوقود غير الأحفوري، ومما لاشك فيه أن بإمكان دول الخليج توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية النظيفة التي لا تنتج عنها ملوثات أفضل من توليدها من الطاقة النووية أو "الهايدروكربونات"، ولا توفر الطاقة الشمسية احتياجات الخليج من الطاقة الكهرباء بل توفر فرصاً تجارية معتبرة- انظر على سبيل المثال، خطة "ديسرتك" التي ربطت بين إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في الخليج وشمال أفريقيا والأسواق في أوروبا، ولا يقتصر إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية على منطقة جغرافية معينة حيث يمكن أن يتم توليد هذه الطاقة لخدمة مجتمعات صغيرة وأن تصل إلى مناطق نائية لا يمكن أن تصل إليها الطاقة النووية.
مستودع لخزن النفايات المشعّة خيار خليجي ملحّ لاحتواء الإشكال البيئي
أما الدكتور مارك ديسيندورف نائب مدير معهد الدراسات البيئية في جامعة جنوب ويلز في استراليا فيبادر "الرياض" بقوله الطاقة النووية خطرة ومكلفة وبطيئة وغير ضرورية.
وزود الدكتور ديسيندورف "الرياض" بأحد أبحاثه التي عنونها بسؤال: هل الطاقة النووية خيار قابل للتنفيذ؟ حيث يؤكد أنه برغم أن احتمالات حدوث انفجار نووي لا تكاد تذكر فإن هنالك مخاطرة كبيرة للانصهار والبخار والانفجار الكيميائي مما يؤدي إلى انبعاث كمية كبيرة من المخزون الإشعاعي الناجم تلك المخاطر وانتشاره في الغلاف الجوي.
وأنه في حالة حدوث خطأ ما في المفاعلات النووية التقليدية نتيجة لعطل فني أو خطأ تشغيلي فإنه لا يمكن إغلاقها آلياً بدرجة عالية من الحتم والتأكيد، ولما كانت تلك المفاعلات تحتوي على كميات مهولة من المواد المشعة التي ترتفع مستويات إشعاعها عند ارتفاع درجات الحرارة فإنه يتوجب تبريدها بصفة مستمرة حتى بعد أن يتم إغلاق المفاعلات النووية. مستشهداً في ذلك بحادثة "تشيرنوبل" الشهيرة التي وقعت في اوكرانيا عام 1986.
وقوع الحوادث النووية يفند مزاعم «النوويين الغربيين» بأمان هذه الطاقة
ويفند الدكتور ديسندورف مزاعم النوويون الغربيون – على حد قوله - حول عدم إمكانية وقوع حادث رئيسي في المفاعلات النووية الغربية و بأن هذا الادعاء عار من الصحة وسرعان ما فندته الأحداث، ففي عام 1979م أفضت جملة من الأخطاء الفنية والتشغيلية إلى حدوث انصهار جزئي في محطة الطاقة النووية بجزيرة "ثري مايل آيلاند" بالولايات المتحدة الأمركية وهي حادثة أوشكت على أن تكون كارثية مما أدى إلى توقف نمو الصناعة النووية بالولايات المتحدة حتى عام 2009م، علماً بأن أحدث محطات الطاقة النووية لا تختلف اختلافاً جذرياً عن محطة "ثري مايل آيلاند"من حيث التصميم.
ويضيف منذ الحادي عشر من سبتمبر ازدادت احتمالات وقوع الهجمات الإرهابية على التجهيزات النووية، ذلك أن تلك المجموعات الإرهابية بما تتمتع به من إلمام بالمعرفة الفنية الأساسية ورغبة في التضحية بالنفس يمكنها أن تنفذ هجماتها كما أن نقل النفايات النووية براً أو بحراً يجعلها عرضةً بصفة خاصة للهجمات الإرهابية.
ويخلص ديسيندورف إلى أن المناصرون للطاقة النووية يحلمون بتقديم جيل جديد من محطات الطاقة النووية المأمونة والنظيفة والخضراء ذات التكلفة المنخفضة. إلا أنه وعلى أرض الواقع فإن ذلك على النقيض تماماً.
مستنداً إلى عدد من العيوب التي تعاني منها الطاقة النووية أبرزها أن توليد الطاقة النووية يتم بذات التقنيات التي تم تطويرها في سبعينات القرن المنصرم مع إدخال تحسينات طفيفة عليها، وأنه لا توجد حتى الآن تجهيزات تشغيلية في أي موقع بالعالم لإدارة النفايات النووية عالية المستوى على المدى البعيد، وأن الطاقة النووية لم تحقق أماناً للطاقة بالنسبة لدول كالصين والهند ولكنها لعبت دوراً ملحوظاً في اليابان وفرنسا وبلجيكا وكوريا الجنوبية فقط.
على مدى حلقتين استعرضنا خلالها مع نخبة من خبراء الطاقة النووية آراء متعددة حول محاور سياسية واقتصادية وبيئية، بدت هذه الآراء متناقضة في جانب ومتطابقة في أخرى.
خلصنا إلى عدة نتائج أبرزها أن استقرار المنطقة مرهون بتسخير هذه التقنية في الجانب المدني والسلمي فيها، وأن انحرافها عن هذا المسار وتسخيرها في تصنيع الاسلحة سيجرف المنطقة إلى سباق تسلح خطير ، كما أن المملكة تملك الفرصة في ان تكون الدولة الرائدة والقائدة في مجال عدم انتشار الاسلحة النووية، جانب آخر تم التطرق له يخص تسابق عدد من الدول الى الظفر بعقود الطاقة النووية وهو الامر الذي ربما يقدم لنا قراءة سياسية أخرى في مجال العلاقات الدولية، أما الجانب الاقتصادي والذي تناوله التقرير مع عدد من خبراء اقتصاديي الطاقة فجاء متفاوت بين خبير وآخر، الامر الذي يدعونا للنظر في جدوى هذه الطاقة اقتصادياً أكثر من مرة، ولم يفتنا تناول الجانب البيئي حيث عرض خبراء بيئيون تصورهم عن إيجابيات وسلبيات هذه الطاقة، إلا ان الاهم من ذلك هو ما نبه إليه أحد الباحثين من ضرورة وضع أطر مؤسساتية من اجل ادارة الوضع البيئي وعدم الاكتفاء بالجانب الفني، بقي أن نقول أن الطاقة وجدت ليسخّرها الانسان لخدمة حضارته وبنائها ويستغلها في طريقها الصحيح، وألا يُصيرها أذى يمحو بها ما شيده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.