دأب حكام المملكة منذ عهد الملك المؤسس -طيب الله ثراه- على سياسة "الباب المفتوح"، بفطرة الملك الصالح والراعي المؤتمن على رعيته، وبوعي المؤمن المدرك ماله وما عليه، والساعي إلى إعطاء كل ذي حق حقه، وسار عليها أبناؤه من بعده، وباتت كمظهر ثابت من مظاهر الحكم في المملكة، حتى أضحت هذه المجالس المفتوحة صورة صادقة للعلاقة بين ولاة الأمر والمواطنين، فيحرص عليها المسؤول ويحتاجها المواطن والمقيم، وتعد مضماراً لاستقبال المقترحين والشاكين، والتعرف إلى مشاكلهم والعمل على حلها وتلمس احتياجات الناس والنظر في أحوالهم. وقد أكّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في كلمته التي ألقاها أمس الأول على هذا المظهر، من خلال توجيهه سمو وزير الداخلية بالتأكيد على أمراء المناطق باستقبال المواطنين، والاستماع لهم، ورفع ما قد يبدونه من أفكار ومقترحات تخدم الوطن والمواطن وتوفر أسباب الراحة لهم، من خلال تحديد مواعيد ثابتة ومعلنة ومعروفة تخصص لمقابلة المراجعين، واستقبال شكاواهم، والعمل على حلها، واتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوصها. أكّد على أنّ استقبال أمراء المناطق للمواطنين يساعد على تطوير أداء الخدمات الحكومية أمر سامٍ وتعدّ هذه السياسة إحدى وسائل الإدارة، حيث تهتم الإدارة بخدمة أفراد المجتمع، وتسعى لتحقيق الأهداف العامة بأكبر قدر من الكفاءة المستطاعة، من خلال الاتصال الوثيق بالأفراد حين تأدية الخدمات للمجتمع، وقد نصّ الأمر السامي الكريم الصادر في 2-10-1401ه في فقرته الثانية: "على الوزير، ورئيس المصلحة الحكومية، ووكلاء الوزارة، أن يُحددوا ساعة على الأقل في كل يوم لاستقبال المواطنين، وذوي العلاقة، والاستماع إلى شكاواهم المتعلقة بالوزارة أو المصلحة، إذ من خلال تلك الشكاوى يمكن التعرف إلى الإدارات، والأقسام محل الشكوى، وبالتالي يتم البحث عن أسباب الشكوى، والعمل على حل ما يعترض تلك الإدارة من صعاب"، حيث أكّد هذا الأمر على عملية الرقابة والتطوير واكتشاف أماكن القصور والخلل، وبعد ذلك العمل على إصلاحها. نهج أبوي وكان هذا النهج الأبوي الفريد والأسلوب الإداري الفذ وسيلة لإشاعة الشفافية، وطريقاً لبناء الصدقية بين المسؤولين والمواطنين والمقيمين، وتجلب للجهاز والجهة والمسؤول الذي يطبقها العديد من الأفكار والمقترحات المفيدة، فضلاً عما تحدثه من انضباط وحرص على إنجاز الأعمال بكل دقة، وأمانة، وإخلاص، من قبل جميع المسؤولين والموظفين، في جميع المستويات؛ بسبب علمهم بأنّ أي مظلوم يستطيع أن يصل إلى أعلى سلطة في الجهاز والجهة، ويأخذ حقه، وينصفه ممن ظلمه. ويأتي حرص القيادة على تطبيقه تأكيداً على رغبتهم الملحة للنهوض بمدن ومحافظات المملكة وتطويرها، وتلمس الاحتياجات، والبحث عن الإشكالات؛ مما يساعد على رسم وتحقيق الخطط الإستراتيجية، واتخاذ القرارات الخدمية والتنموية والتطويرية؛ مما يساهم في تحقيق رفاهية المواطنين وأمنه، حيث تساعد هذه اللقاءات بالمواطنين والمقيمين على توفير كافة الخدمات وسبل الراحة، وتسهل على المسؤولين المتابعة للوقوف على ما يلزم من وسائل التنمية والارتقاء بالخدمات، ويعينهم على توفير متطلبات النماء والازدهار. عارف ومجرب ولا يستغرب تأكيد الملك سلمان على دور أمراء المناطق في تنمية البلاد، حيث كان أميراً للعاصمة الرياض لعدة عقود، إذ طبق -حفظه الله- نهج "الباب المفتوح"، حتى بات الكل يعرف مواعيد مجلسه التي يحددها بدقة، ويحرص على التقيد بها، وكان الزائر لإمارة الرياض يلحظ توافد المراجعين وأصحاب الحاجة منذ ساعات الصباح الأولى، وهم على يقين بأنّه سوف ينظر إلى طلباتهم في الموعد المحدد دون تأخير، ويعتذر قبلها بمدة إذا ما حال حائل دون ذلك، حتى لا يكلّف المراجعين عناء انتظار المجلس. وحين يأتي توجيهه -أيّده الله- على أمراء المناطق للتواصل مع المواطنين فذلك يدل على حرص الخبير والمجرب لهذا المبدأ، والعرف المدرك أنّ أمير المنطقة مهما تعددت مشاغله ومسؤولياته، إلاّ أنّ ذلك لا يمنعه من أن يكون قريباً من المواطنين، ليلبي احتياجاتهم، ويسمع لهم، ويقف على مشاكلهم، إذ يساعده ذلك على تحديد احتياجات المنطقة واقتراح إدراجها في خطة التنمية للدولة، وتحديد المشروعات النافعة حسب أولويتها واقتراح اعتمادها في ميزانية الدولة السنوية، ويعينه على دراسة المخططات التنظيمية لمدن وقرى المنطقة ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها، إلى جانب متابعة تنفيذ ما يخص المنطقة من خطة التنمية والموازنة والتنسيق في ذلك. الملك سلمان يتابع معاملات المواطنين في إمارة الرياض وبجانبه ابنه الأمير بندر المواطن شريك في الرقابة على مشروعات التنمية