على مدى أكثر من خمسين عاماً، ومنذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض، ظلَّ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع- يستقبل أبناءه المواطنين والمقيمين بمجلسه العامر من بعد صلاة الظهر ولمدة ساعتين يومياً، بالإضافة إلى استقباله لهم مساء كل يوم اثنين بقصر سموه من بعد صلاة العشاء، حيث يتناول الجميع طعام العشاء على مائدة سموه في أجواء حميمية تسودها الألفة ويغلفها الإخاء، وكان في استقبال سموه لتلك الجموع من المواطنين والمقيمين أبلغ الأثر في تخفيف معاناة من يدلفون إلى مجلسه مثقلين بالهموم ومشكلات الحياة اليومية، فيخفف معاناة هذا، ويمسح على رأس ذاك في لمسة أبوية حانية، بعد أن ينصت باهتمام لشكوى كل فرد منهم على حدة، بعيداً عن مسمع الآخرين، ويطلع على ما خطته أقلامهم على الصحائف التي يقدمونها لسموه، فيخرجون من مجلسه وقد انقضت حاجاتهم وزالت همومهم، وتجدد الأمل لديهم بقدوم غدٍ أجمل، رافعين أكف الضراعة إلى المولى -عزوجل- بأن يديم على سموه الصحة والعافية. الباب المفتوح ويأتي ذلك النهج من لدن سموه الكريم إيماناً منه بأهمية مد جسور التواصل بينه وبين أبنائه المواطنين والمقيمين، ويتلمس حاجاتهم، وينصت باهتمام بالغ لهمومهم، ويعالج مشكلاتهم، ولذا كانت علاقته بهم قوية وراسية كالجبال، في مشهد لم نتعود أن نراه إلاّ في هذه البلاد العزيزة التي أنعم الله عليها بقادة درجوا على مد جسور التواصل مع الآخرين، وسعوا في توطيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وذلك منذ عهد الملك المؤسس - طيب الله ثراه - الذي جعل من تلك السياسة هدفاً من أهم أهدافه الإصلاحية، ليمد بذلك جسور التقارب والتواصل بين الراعي والرعية، حيث غرس هذا النهج السامي في وجدان أبنائه البررة، الذين كانوا خير خلف لخير سلف، فساروا على خطاه حذو القذة بالقذة، وفي هذا الشأن يشير صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بقوله: "إنَّ الدولة دأبت منذ عهد الملك المؤسس -رحمه الله- على سياسة الباب المفتوح، وسار عليها أبناؤه من بعده، كمظهر من مظاهر الحكم في المملكة، وأضحت هذه المجالس المفتوحة صورة صادقة للعلاقة بين ولاة الأمر والمواطنين، فيحرص عليها المسؤول ويحتاجها المواطن والمقيم، وتعد مضماراً لاستقبال المقترحين والشاكِين والتعرف على مشاكلهم والعمل على حلها وتلمس احتياجات الناس والنظر في أحوالهم". الأمير سلمان يقرأ خطاباً من أحد المواطنين خلال الاستقبال مواعيد استقبال المواطنين ويأتي توجيه سموه الذي أصدره في الحادي والعشرين من شهر رمضان من العام الفائت 1432ه، حين كان أميراً لمنطقة الرياض إلى فروع الإدارات الحكومية في منطقة الرياض بتحديد مواعيد ثابتة ومعلنة ومعروفة تخصص لمقابلة المراجعين واستقبال شكاواهم، والعمل على حلها واتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوصها، حيث أشار سموه حينها في تعميم بهذا الخصوص إلى الأمر السامي الكريم الصادر في2-10-1401ه الذي نص في فقرته الثانية بأنَّ (على الوزير ورئيس المصلحة الحكومية ووكلاء الوزارة أن يُحددوا ساعة على الأقل في كل يوم لاستقبال المواطنين وذوي العلاقة والاستماع إلى شكاواهم المتعلقة بالوزارة أو المصلحة، إذ من خلال تلك الشكاوى يمكن التعرف إلى الإدارات والأقسام محل الشكوى، وبالتالي يتم البحث عن أسباب الشكوى والعمل على حل ما يعترض تلك الإدارة من صعاب)، كما أكّد سموه الأهمية الكبيرة لسياسة الباب المفتوح ودورها في عملية الرقابة والتطوير واكتشاف جوانب والخلل في منظومة عمل أي جهاز من أجهزة الدولة المختلفة، ومن ثم العمل على إصلاح تلك الجوانب، إيماناً من سموه بأنّها أنجع وسيلة لتعزيز مبدأ الشفافيَّة، وبناء الصدقيَّة بين المسؤول ومن يقوم بمراجعته لقضاء حاجته من المواطنين والمقيمين، بالإضافة إلى ما توفره لهذا الجهاز أو ذاك من أفكار ورؤى ومقترحات، إلى جانب ما يمكن أن تحدثه من انضباط وحرص على إنجاز كافة الأعمال في وقتها بكل دقة وأمانة وإخلاص من قبل جميع منسوبي الأجهزة، بعد أن تترسخ في أذهانهم حقيقة ما يمكن أن يوصله من تُقدَّم لهم الخدمة من جوانب التقصير الذي يلحظونه في الأداء إلى السلطة العليا على رأس الجهاز، وبالتالي يحصلون على حقوقهم كاملة، ويأتي ذلك امتداداً لإلتزام سموه الكريم بمنهج الدين الإسلامي الحنيف، وحرصاً منه -حفظه الله- على براءة الذمة، راسماً بذلك صورة من صور التعامل بالحسنى مع أبنائه المواطنين والمقيمين، معطياً كل ذي حق حقه، وساعياً لتلمس احتياجاتهم، ومساعدتهم في حل مشاكلهم، الأمر الذي أسهم في تحقيق استقرارهم، ومنحهم الرفاهية على كافة الأصعدة، وعَزَّز الثقة بين الحاكم والمحكوم. مشاعر المواطن والمقيم إنَّ من ينظر إلى أرض الواقع يلحظ بوضوح أنَّ سموه ورغم مشاغله الجمَّة ومسؤولياته الجسيمة حالياً، إلاّ أنَّه لا يزال حريصاً كل الحرص على ديمومة تواصله مع أبنائه من المواطنين والمقيمين، من خلال فتح أبواب مجلسه لاستقبالهم أسبوعياً، بل إنَّه -كما يقول من حوله ومن يحضرون لقاءاته الدورية- يرفض طرح أي قضايا تتعلق بالعمل، مشدداً على أن يكون طابع الحميمية هو من يسود أجواء اللقاء، بل إنَّ تلك اللقاءات مبنية بالأساس على المشاعر الأسرية لا الرسمية، وانطلاقاً من احترام سموه لمشاعر المواطنين والمقيمين ممن يحرص على الالتقاء بهم والتواصل معهم في ظل حرصه الشديد على عدم تفويت جلوسه إليهم، نجده متى ما عنَّ له ارتباط أو شغله شاغل يبادر بتقديم الإعتذار إليهم، وإعلان ذلك عبر الصحف اليومية، في مظهر يدل بوضوح على ما يمتلكه سموه من صفات مهنية سامية، مدادها الجدية والانضباطية والتواضع الجم، وضرب بذلك مثالاً يُقتدى لما يجب أن يكون عليه الإداري الناجح والسياسي المحنك، وجعل بابه وقلبه مفتوحين لجميع أفراد الشعب من مواطنين ومقيمين على أرض هذا البلد المعطاء، على اختلاف مستوياتهم، وتنوع طبقاتهم، وتعدد مشاربهم، وسط أجواء من كرم الضيافة، وحسن الاستقبال. .. ويطمئن على صحة مواطن بمركز القلب بمدينة الملك فهد الطبية أمير التواضع يقبل هديه من أحد المواطنين .. وهنا يزور أحد المصابين من الأحداث الإرهابية