إذن فقد اختتمت الدورة الثانية من مهرجان "أفلام السعودية" بنجاح كبير، وعاش السينمائيون الشباب ومعهم الجمهور أجواء فنية تشبه الحلم، كان الفضل فيها لجمعية الثقافة والفنون بالدمام التي بادرت وكافحت من أجل تحويل المستحيل إلى واقع جميل. فشكراً لها على هذه التظاهرة التي سيكون لها ما بعدها والتي ستحتل مكانها الراسخ في تاريخ المملكة بوصفها حدثاً تأسيسياً مهماً سينهض عليه نشاط فني كبير. أهمية مهرجان "أفلام السعودية" تكمن أولاً في تأكيده على "شرعية" وجود السينمائيين الشباب الذين ظلوا لسنوات مغتربين يتنقلون بين المهرجانات الخليجية والعربية، يبحثون عن منفذ يطلون من خلاله على جمهورهم داخل الوطن. الآن وبفضل المهرجان بإمكانهم أن يعلنوا عن أنفسهم بكل ثقة، خاصة أن المهرجان جاء بدعم رسمي كريم. وللمهرجان أهمية نظراً لأنه وضع بقية فروع جمعية الثقافة والفنون أمام تحد كبير، فمنذ سنوات والجمعية وفروعها تتقاعس عن القيام بمهمتها متذرعة بضعف الدعم وشح الموارد. الآن لم يعد لهذه الحجة أية وجاهة، بعد الجهد الرائع الذي قدمه فرع الجمعية بالدمام بقيادة الأستاذ أحمد الملا، حيث لم تمنعه سوء الظروف من السعي إلى إنجاز هذه التظاهرة الكبيرة، طارقاً أبواب القطاع الخاص، باحثاً عن شركاء يعينونه على تحمل تكاليف المهرجان، وقد تحقق له ذلك بكل اقتدار، ليثبت أن علّة بقية الفروع إنما تكمن في موظفيها الذين لا يحملون همّ الفن ولا يؤمنون به، وينظرون لمناصبهم في الجمعية على أنها مجرد وظيفة. أما الأهمية الأكبر للمهرجان فتبدو في الأفلام نفسها التي قدمها الشباب والتي بلغت رقماً قياسياً تجاوز حاجز الستين فيلماً. هذه الأفلام ومهما كان مستواها تعتبر شاهداً على العصر يوثق كل تفاصيل حياة المجتمع السعودي، صغيرها وكبيرها. أفلامٌ تشبهنا وتتحدث بلساننا وتترجم همومنا ومشاعرنا وأحلامنا، كان لها المهرجان بمثابة المرآة التي رأينا من خلالها أنفسنا بكل صدق. وإذا ما استمر المهرجان فإنه سيخلق مناخاً محفزاً للشباب وسنرى في كل سنة ستين فيلماً، ستين فكرة، ستين قصة، توثق مزاج المجتمع وتتابع تطوره سنة بعد سنة. وهذا دور مهم تلعبه الفنون، بوصفها ذاكرةً للشعوب.