هل كان أحدنا يحلم بإقامة تظاهرة سينمائية كالتي نعيشها الآن في مسابقة أفلام السعودية؟ إنه حلم كان إلى وقت قريب مستحيل التحقيق لأسباب عديدة أهمها أن مؤسساتنا الثقافية التي كان يعوّل عليها الاهتمام بنشاط فني خلاب مثل السينما لم تكن مهتمة أو -لنكن صريحين- لم تكن معترفة أصلاً بأهمية هذا النشاط مفضلة عليه كل ما هو أدبي من شعر ونثر، وأمام هذا التجاهل لم يجد الشباب وسيلة لاجتماعهم ولعرض أفلامهم إلا الأماكن الخاصة التي يوفرونها اجتهاداً وارتجالاً، ولا يحضرها إلا هم، وإذا ما تشجعوا ورغبوا في دخول معترك المنافسة على الجوائز والاحتكاك بجمهور أكبر لم يجدوا بداً من السفر إلى الإمارات والبحرين والكويت للمشاركة في مهرجاناتها. كانت معاناة كبيرة وكان السينمائي السعودي غريباً في داره يحلم بأن يأتي اليوم الذي يجد فيه اعترافاً بنشاطه واحتضاناً لموهبته ومناخاً يتنفس من خلاله. وها قد تحقق الحلم وجاء اليوم الذي يتمناه كل سينمائي وجاءت مسابقة أفلام السعودية لتتوج أحلام الشباب أولاً ثم جهود المسئولين في نادي الشرقية الأدبي وفرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام الذين وفروا لهذه المسابقة كل ما تحتاجه لتحقق نجاحها الأول بدءاً من اختيارات الأفلام مروراً بالندوات المصاحبة وانتهاءً بلجنة التحكيم وبالضيوف المدعوين وهم سينمائيون قديرون لهم مكانتهم المتميزة في ساحة النقد السينمائي منهم الناقد البحريني أمين صالح الذي قدم للمكتبة العربية ثلاثة من أهم الكتب السينمائية هي (النحت في الزمن)، (السينما التدميرية) (الوجه والظل في التمثيل السينمائي)، وكذلك يحضر الناقد البحريني حسن حداد صاحب أكبر المواقع السينمائية العربية على شبكة الإنترنت (موقع سينماتك). وعندما تقيم تظاهرة بهذا الحجم وتدعو ضيوفاً بهذا الحجم فأنت تحقق للسينمائيين السعوديين ما لم يحلموا به من قبل. كل المؤشرات تقول بأن هذا الحلم الذي تحقق اليوم في طريقه لأن يكبر سنة بعد سنة وأن يكون رائداً ليس على المستوى المحلي فحسب بل خليجياً أيضاً، فالجهود التي بذلت حتى الآن تدل على مستوى الوعيّ السينمائي الذي يملكه القائمون على المسابقة، والوعيّ هو أشد ما تحتاجه مسابقة من هذا النوع لتضمن استمرارها وتطورها، وكل بداية لابد أن يرافقها تعب وقلق، ولن يحتمل هذا ويصبر عليه سوى من آمن بالفكرة وامتلك الوعيّ بأهميتها وبضرورة وجودها لخلق مناخ سينمائي قد يصنع مع الوقت مواهب سينمائية تساهم في تأسيس صناعة السينما السعودية التي نحلم بها جميعاً ولا نراها بعيدة لأن حلمنا الأول قد تحقق ولم يبق بعده سوى أن نسير على طريق المسابقة وأن نتنفس أجواء السينما التي تعبق بها المنطقة الشرقية هذه الأيام..