لا أعتقد أن أي شخص يريد أن يتحدث عن التجارب السينمائية في المملكة إلا ويأتي اسم عبدالله المحيسن في مقدمة حديثه، وتجاربه السينمائية بكل تأكيد خالدة، ونحن في انتظار ما لديه من جديد، ما دفعني للحديث عن ذلك هو عقد ورشة سينمائية متخصصة في صناعة الفيلم القصير في الرياض، هذه الورشة من الأنشطة المتميزة التي بدأت بتقديمها جمعية الثقافة والفنون فرع الرياض، الجميل في هذه الورشة هو ذلك العدد الكبير من المشاركين، والأجمل هي تلك العروض للأفلام القصيرة والطويلة المحلية بعد انتهاء الورشة وبصورة يومية، هذه العروض متاحة للمهتمين بالسينما، وقد استهلت العروض بفيلم ظل البحر للسينمائي الإماراتي نواف الجناحي والذي يحاضر في الورشة، هذا الفيلم عرض بعد الفيلم السعودي القصير نكرة، بالطبع فيلم ظل البحر جاء بعد تجربة للعديد من العروض القصيرة حيث تتضح فيه نضج تجربة المخرج الجناحي. هل يوجد سينما في السعودية، سؤال واجهني به أحد الأصدقاء عندما تحدثت عن الورشة والعروض السينمائية، لأجدني أرد عليه بالجواب التقليدي عندما أتحدث عن المسرح بأن يوجد في المملكة مسرحيون ولا يوجد مسرح، لأقول له أيضاً يوجد سينمائيون متميزون ولا يوجد سينما، وسردت عليه قائمة طويلة من الأسماء وما قدموه من تجارب، وذكرته ببعض الأفلام التي حققت حضوراً متميزاً على " اليوتيوب"، مثل فيلم " منوبولي". لنتفق أن لدينا تجارب كثيرة في السينما وبالذات في الأفلام القصيرة ، وما يؤكد ذلك هو اقامة مهرجان الفيلم السعودي، والذي عرض فيه عدد كبير من الأفلام. مشكلة هذه العروض أنها لا تصل لشريحة كبيرة من الجمهور، على الرغم من أن هنالك أفلاماً رائعة وبعضها حقق جوائز خارج المملكة ، وهنا أقول لدينا إبداع جيد فالرواية وهي ذات الحظ الأكبر، لسهولة تداولها والحصول عليها، حققت انتشاراً جيداً، على عكس المسرح الذي بقي في إطار محدود، على الرغم من أن هنالك مهرجانات متنوعة في عدد من مدن المملكة، فمهرجان الشباب ومهرجان المونودراما في الرياض إلى مهرجان الدويو دراما في أبها ومهرجان العروض القصيرة في الدمام،ومهرجان مسرح الشباب في الطائف، والقائمة طويلة ، ولكن يبقى المسرح محصوراً بإطار العرض المباشر، حتى يتم تسجيله وعرضه تلفزيونياً، ولكن المتعة تكمن في حضور العرض المسرحي، أما السينما ففي الإمكان عرض الأفلام في أماكن متفرقة وأزمان متعددة، بالطبع من الأفضل أن يكون هنالك قاعات عرض سينمائية، ولكن أحياناً يكون" اليوتيوب" أو أقراص "الدي في دي" ، وسيلة جيدة لمشاهدة تلك الأفلام وهنا يحضرني ماقاله الروائي والكاتب البحريني في حديث نشر في جريدة الشرق أشاد بتجارب السينمائيين السعوديين، حيث أوضح أن تجارب الأفلام السعودية تطورت، ومواهبها قادرة على التألق لو تلقت الدعم، وأكد أن المخرجين السعوديين يهربون إلى "يوتيوب" بحثاً عن مجالات العرض وتلقي ردود الفعل المباشرة. وأنا أتفق مع الأستاذ أمين صالح على أهمية الدعم المادي والمعنوي، وأستغرب من عدم بث بعض الأفلام أو العروض المسرحية على قناة الثقافية، والتي من المفترض أن تكون المنبر الأول للإبداع في المملكة، وأقولها بكل صراحة بعض الأفلام القصيرة والتي لا تتجاوز العشر دقائق أكثر متعة من تلك الحوارات التي تبثها القناة وتتجاوز الساعة، أعود وأقول لماذا " ظلال الصمت" يهيمن على حركة الإبداع الشبابي في السينما داخل المملكة،إن مبادرة جمعية الثقافة والفنون فرع الرياض مهمة لتكوين قاعدة من المهتمين بالسينما في المملكة، ولكن مع ذلك لا يمنع أن يكون هنالك عروض سينمائية في الأندية الأدبية، وبقية فروع جمعية الثقافة والفنون، ومن خلال ما شاهدته من عروض سينمائية، أغلب تلك الأفلام تناقش قضايا مهمة بالمجتمع، بعيداً عن التسطيح والإسفاف، وهي عمل جماعي يكلف الكثير من الجهد والمال، بالمقابل يحتاج فقط إلى الاعتراف به وتشجيع كل المبدعين من كتاب سيناريو ومخرجين وممثلين وفنيين وإداريين، هل سيتحقق ذلك؟!.