لا شك أن علم الجمال وإن كان يفسر لنا الشعور الحدسي الباطني الذي من خلال شحناته المتراكمة تبدأ المرحلة الفسيولوجية "physiological period" وهي مرحلة تأثير الأشياء على الحس عند الفنان وانتقالها إلى المخ، فإن عالم الجمال يصف ظاهرة أو قيمة جمالية يستعين من خلالها بمناهج التجريب والتفسير للعماليات الإبداعية. ذلك الانفعال أو الشعور الوجداني لا يكتمل في مجال النشاط الفني إلا بتواجد عنصر الخيال ولا يتحقق هذا الأخير في مجال التعبير الفني إلا باكتمال الصور الأولية التي تتكون في المخيلة ومن ثم تترجم إلى عدة رسومات أولية "اسكتشات"، ويتعين علينا هنا أن نذكر أن هذه الرسومات تعد من المراحل المهمة التي يمر بها الفنان التشكيلي للكشف عن الحقائق المكتملة بكل عناصرها في عمله الفني، فعندما تتم عملية الإلهام بتكوين صور فنية في خيال الفنان فإنها تصبح مشروعاً تخطيطياً في الذهن ومن ثم تصبح حقيقة جمالية بمدركات الحس عندما يبدأ الفنان بتصميم أولي لهذه الصور الذهنية على ورق ومجمل القول هنا أن هذه الرسومات تساهم في الوصول إلى نسق جمالي يستند إلى مقومات أساسية تساهم في بلورة الصورة الذهنية من نواحي عدة ككيفية صياغة العمل الفني أو التشكيل الإيقاعي أو الوحدة الجمالية المتميزة وغيرها من مقومات أساسية تعتمد على الأسس الأكاديمية. هذه المخططات أو الرسومات الأولية ليست بمعزل عن عنصر الخيال الإبداعي الذي يعمل على توليد اللوحة الفنية وإبرازها في شكل أو سمة مطابقة لما في ذات الفنان، بل إن بعضا من هذه الاسكتشات أو "الرسومات التخطيطية كما يطلق عليها" تعد لوحات فنية رائعة في الأداء والدقة والتعبير معاً، كما نجدها في رسومات الفنان العبقري ليونارد دافنشي التي أصبحت تعمر مكتبات العالم كمراجع علمية تتسم بالنسب الدقيقة في دراسة علم التشريح، وكذلك لوحته المشهورة "الموناليزا" حيث رسم لها العديد من المخططات عبر فترات مختلفة إلى أن استقر على الشكل النهائي الذي أرضاه لتنفيذها. الفنان أيتشر اتخذت هذه الاسكتشات التي تنفذ غالباً بأقلام الرصاص أو الفحم أو أي مادة أخرى يسهل التعامل معها بالحذف أو الإضافة مكانة مرموقة في مسيرة الفنون التشكيلية حيث رسم مشاهير رواد الفنون العديد من الاسكتشات مثل الفنان الهولندي "فان جوخ" ومنها لوحته "في مكتب اليانصيب" و"امرأة تحمل طفلاً" واسكتشات الفنان "بابلو بيكاسو" ومنها لوحة "الجيرونكا" التكعيبية، والفنان "رامبرانت" الذي رسم مخططات بالأبيض والأسود للعديد من لوحاته الفنية فلا نكاد نطلع على مسيرة أي فنان من رواد الفنون التشكيلية إلا ونجد كماً ليس بالقليل من رسومات تخطيطية لأعمالهم الفنية، وقد نستغرب قلة المعارض الفنية المحلية التي تهتم بعرض معرض متكامل للرسومات أو الاسكتشات فهذه الرسومات تعد إضافة نوعية للمعارض في الساحة التشكيلية ولا تقل أهميتها في الفنون البصرية عن أساليب أو اتجاهات أخرى من حيث المحتوى واللغة البصرية الفنية الراقية؛ كما أن هذه الرسومات التخطيطية تعد لوحات تمهيدية لتنفيذ عمل فني متكامل وتحتوى على كيان تعبيري صادق يتمثل في رشاقة الخط وحيوية الحركة به معتمداً على قدرات واستعداد أداء الفنان، كما نجد كثيراً من جيل الشباب من فنانين سعوديين يميلون إلى الرسم بأقلام الرصاص والفحم، فالمطلع على وسائل التواصل الاجتماعي عبر الأجهزة الذكية يجد مواهب شبابية فذة لا تقل في مستوى أدائها عن فنانين عالميين ولا يجدون الوسيلة أو الدعم لعرض أعمالهم، وعلى سبيل المثال نجد عملاً للشاب السعودي والفنان الواعد "سلطان الشارخ" وقد علم نفسه بنفسه عبر الاطلاع والثقافة على الأسس التشريحية والتصميم وبدأ برسم لوحات تخطيطية لا تقل في مستواها عن فنانين عالميين مثل الفنان "أيتشر" الذي اشتهر برسوماته بالأبيض والأسود كما نجد على موقع "الانستجرام" العديد من الواعدين الشباب ومنهم "عبدالعزيز الزهراني" وغيره مئات من الشباب والشابات الذين يحتاجون التشجيع واحتضان لمواهبهم التي تميل إلى هذا النوع من الأداء الفني الإبداعي، ولا يفوتنا ذكر أيضاً بعض من فنانينا الرواد الذين لم تغيب رسوماتهم المنفذة بأقلام الرصاص والفحم وتميل أغلبها إلى رسم الوجوه "البورتريه" الذي يمثل الوجه الإنساني بجميع حالاته ومزاجيته حيث نتطلع إلى معرض يجمع بين هذا الجيل من الرواد وجيل الشباب، وذلك من أجل التعريف بهذا الجيل الواعد من الشباب والشابات وإبقاء الرواد في دائرة المشهد الفني، فالمطلع على أخبار الساحة الفنية العالمية المعاصرة يجد هذا النوع من المعارض مازال محل أهمية وتقدير في بلدان العالم المختلفة حيث انه من المراحل المهمة التي تعد أساس التجربة الجمالية للفنان ونقطة انطلاق قوية في حال التوجه لأساليب فنية مختلفة. سلطان الشارخ عمل لسلطان الشارخ بيكار