الاسكتشات أو الرسومات التخطيطية المعروضة في المعرض الأول ل «فن الاسكتشات»، التابع لمعرض وورشة «تأثر ويؤثر2009» ضمن مهرجان «جدة غير» في مركز «رد سي مول»، تعطي انطباعاً يقترب كثيراً من الصورة الحقيقية التي تمثلها أجيال الشباب المعاصر في مدينة جدة، فهي إن كانت تبيّن مواهبهم الفنية إلا أنها تعكس بطريقة واضحة ثقافتهم وشواغلهم وتطلعاتهم. إذ يبرز المعرض الذي افتتحه وكيل أمين محافظة جدة للخدمات الدكتور هاني أبو راس مساء السبت الماضي، الحراك الفني الجماهيري الذي تقوده الفنانة التشكيلية فاطمة باعظيم، متوجاً بالإقبال الجماهيري الكبير من الزوار، والمشاركين الشباب والشابات بمصاحبة عوائلهم وأشقائهم، ومن بينهم أطفال لم يتجاوزوا السادسة من أعمارهم. فما أنتجه ما يقارب 300 شاب وشابة من خلال ورش عدة للرسم منها ما هو بألوان الباستيل، الإكريلك، الإيربرش، الفحم، ألوان الزيت والماء يفوق ال 100 اسكتش تصور جميعها أفكار الشباب بمختلف أعمارهم، بدأ منذ نعومة أظفارهم، ليتناولوا ما يمكن تسميته برسومات ألوان «الديجيتال» ورسومات «الفن المشاغب» كفن الشارع وفن الكرتون والكاريكاتير وفن البوب وغيرها من الفنون. المعرض يقام للسنة الرابعة على التوالي ويكرس لفن الطفل واكتشاف المواهب، غير أن مشاركة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تعد الأولى في هذه الدورة، إذ حظي المعرض والورش بمشاركة أطفال من دار الحماية الاجتماعية للأطفال الذين تعرضوا للعنف، كما يشارك عدد من الأيتام، إضافة لتواجد الفنان الشاب عبدالله بشراوي وهو أحد أطفال الاحتياجات الخاصة الذين برزوا في هذه الدورة بفضل والدته مريم خضر التي تفانت في تعليمه وتدريبه على الرسم، كما أن هناك حضوراً لافتاً لأطفال الصم والبكم الذين تخصصوا في رسم الاسكتشات، لما لفن الاسكتش من أهمية في إنجاز العمل التشكيلي نتيجة لمرور الفنان من خلاله على مراجعة الشكل المراد تنفيذه قبل الشروع فيه، وأخذ الاسكتش مكانته الفنية التي لاتقل عن أي عمل مكتمل باعتباره المحك الحقيقي لكشف قدرات الفنان وتمكنه من التحكم بأدواته، وتأكيده على إمكاناته الإبداعية. ويبدو أن فن الاسكتش بما يحققه بمرونة الحركة عند رسم أي موضوع يتيح للفنان اختيار الزاوية المناسبة والتعامل مع الضوء والظل والألوان بتسجيل الملاحظات ومراجعتها وتعديلها، وهذا ما يجعله الخطوة الأولى لأي فنان أو دارس إذ نجد المعلمين المتخصصين في الرسم والتشكيل حريصين جداً على تطور تجارب تلامذتهم عبر اسكتشاتهم، فالاسكتش بمثابة القاموس اللغوي الذي لابد من الرجوع إليه وممارسته بشكل شبه يومي تمرينا لليد والعين والذاكرة البصرية والتقنية. لكن أهمية الورش والمعرض تكمن في نشر الثقافة الفنية، ودعم المواهب والاستمرارية والتواصل معهم، فالمعرضان - الإسكتشات وتأثر ويؤثر - يعدان بداية المشوار نحو الانطلاق إلى الاحتراف المدعوم من الأهل. إذ لوحظ تشجيع واستمتاع الأهالي بمشاهدة أبنائهم وهم يرسمون ويبدعون أفكاراً جديدة بلغة فنية تمثلهم وتحكي عنهم. واللافت أن فعاليات المعرض التي تستمر عشرة أيام تتضمن محاضرات فنية وثقافية، وورش عمل عن استخدام الألوان المائية مع الفنانة الصاعدة سوزان الصابغ، ومحاضرة تعريفية عن المنطقة التاريخية لجدة القديمة تقدمها أمانة جدة ويتحدث فيها المهندس سامي نوار، مع رسوم جدارية تصور جدة القديمة. ومن المقرر عقد ورش حول الرسم ب «الباستل»، للفنانة التشكيلية الشابة أماني بادخن، بينما ستكون هناك محاضرات عن فن الكرتون يقدمها الفنان البريطاني غارث جونسن، وورشة عمل عن مبادئ الخط العربي للخطاط سعود خان، ومن المدرج في برنامج المعرض خلال الأسبوع المقبل إقامة ورشة في مبادئ التصوير الفوتوغرافي للمصورين المحترفين عبدالرحمن الحسني وسعود محجوب، إضافة إلى فريق تصوير المعرض بقيادة محمد باعظيم، وهناك ورشة عمل للرسم الحر تقودها الفنانة إسراء ريس، على أن تختتم الفعاليات الثلثاء بعد المقبل.