في عالم الفن بشكل عام، والفن التشكيلي بشكل خاص، يتميز الفنان عن غيره من زملائه، بالعناصر المكونة للوحة الفنية، وكلما كانت هذه العناصر أقل، وفي الوقت نفسه جذابة وحالمة وباعثة على التأمل، كلما كانت أكثر إبداعا وتفردا. وهذا ما ينطبق بالضبط على الرسم بالفحم، مثل الرسم بالقلم الرصاص، ويتم إبداعه من خلال وسائل مختلفة، فإما أن يرسم الفنان بقضبان الفحم، أو بأقلام الفحم، أو بالفحم المختلط بمواد أخرى مثل الطبشور والجواش. والرسم الفحمي، وإن كان من أبسط أدوات الرسم، إلا أنه أكثرها إبرازا لإبداع الفنان، لأن اللوحة التي تزخر بالعديد من الألوان، قد يمثل هذا التعدد في الألوان أحد عناصر الجذب في اللوحة، أما الرسم بالفحم فمهارة الفنان وحدها، والرسمة في حد ذاتها، هي العنصر الجاذب في اللوحة الفنية، من خلال توزيع الخطوط، والتنوع في الدرجات اللونية من الفاتح إلى الغامق. والرسم بالفحم، قد يشكل بمفرده لوحة فنية قائمة بذاتها، وقد يتم استخدامه في وضع الخطوط الأولى للرسوم الزيتية، أو لإضافة بعض التأثيرات الخاصة، والتراث الفني العالمي يزخر بالكثير من الأعمال الإبداعية التي تستخدم الرسم بالفحم والقلم الرصاص كأداة منفردة في العمل الفني، وأنتجت إبداعات تثير الدهشة والإعجاب. ولأنه كان الرفيق الأول للإنسان في كل المجتمعات، فإن كبار الفنانين في العالم وعلى اختلاف مناطقهم الجغرافية وتباين مدارسهم الفنية، كان الرسم بالفحم والرصاص هو وسيلتهم الأولى للتعبير الفني، وهناك فنان ألماني قديم من القرون الوسطى اسمه «ديرر» أبدع أعمالا مدهشة بهذه الوسيلة البسيطة. ويعتبر الرسم بالفحم والقلم الرصاص أداة مهمة وأساسية في فن الرسم، وهو عبارة عن استخدام خامة الجرافيت وتطبيقها على وسائط مختلفة، وأكثر هذه الوسائط شيوعا هو الورق، وهو فن وحيد اللون، ويعتمد بشكل رئيسي على الخط ودرجات الظل. وهذا النوع من الرسم يعنى بتحويل الخطوط إلى أشكال، وتحويل الأشكال إلى أجسام، أي أن الرسام يجتهد ويبدع في تحقيق الإيهام بالتجسيم والبعد الثالث من خلال قواعد المنظور والضوء والظل، فالمنظور يحقق العمق، والعلاقة المتباينة بين الظل والضوء تحقق التجسيم. [email protected]