مقال جوعان! الفكرة فيه تبحث عن الطعم المميز للأكل المميز! بصراحة حين أخذت نظرة سريعة على ما كتبته في الفترة الأخيرة وجدت أنني إنسانة نكدية، لذلك سنحاول أن ننكت اليوم، قلت سنحاول! رمضان في بيت أم عزيز يؤدي إلى حالة استنفار، فالعاملة المنزلية «سورياتي» هربت قبل رمضان بيومين، والبنات لديهن دوام، وأم عزيز مع العاملة المؤقتة - شكرا للسوق غير الرسمية- تعيشان تخبط «فسورياتي» كان المعين وقت العجن، ووقت الحشي ووقت القلي، أما المؤقتة «وداد» فهي تحب الحديث بالجوال وتحب أن تأخذ تعسيلة في العصر وأم عزيز والبنات لايردن إغضابها فهي عملة نادرة ولسان حالهن يقول: «الله يسامحك يا سورياتي لم لم تنتظري حتى انتهاء رمضان».. لكن رب ضارة نافعة، فكبرى البنات - موضي يخزي العين والتي سميت على جدتها - أخذت إجازة من العمل وقررت أن تتخصص في الطبخ الرمضاني، لذلك هي تجلس أمام برامج الطبخ لتنقل الوصفات دجاج بالسمسم على الطريقة الصينية، دجاج ساتي على الطريقة التايلندية، «عيش باللحم، فوندو» وطبخات أخرى ستدخل التاريخ في رمضان هذا العام، ورغم أن موضي تحب الأكل ودائما يزيد وزنها في رمضان لأن السمبوسة ولقمة القاضي هما صديقاها المفضلان إلا أنها حتى الان والشهر لم ينتصف بعد قد خسرت ثلاث كيلوات من وزنها مع الشكر «لسورياتي الهاربة والتي لم يعرف لها طريق حتى الآن»! ومائدة رمضان عامرة من العجائن المقلية والمخبوزة في محاولة فاشلة لتقليل السعرات الحرارية والشوربة والمكرونة والرز والكنافة وتوابعها، ويخيل لمن ينظر للعائلة وهي متحلقة حول سفرة الطعام وهم ينتظرون مسلسل «أخواني أخواتي» الظريف أنهم صائمون لمدة عشرة أيام لا نهار يوم واحد. لكن الجوع غلاب! على مائدة العشاء الرمضاني وحين تأتي الفقرة الإعلانية يتم مناقشة ما سيؤكل على السحور وما سيطبخ لفطور الغد، ولا مانع من أن تقول إحدى الفتيات أنها معزومة على سحور رمضاني وهي تقضم قطعة من اللحم بعجين، ليرد عليها عزيز بأنه وصحبه سيفطرون في مطعم غدا، وكل هذه العزائم التي محورها الطعام لن تقلل من كمية الأكل في سفرة الغد ولا في سفرة اليوم الذي يليه، كما قلت لكم الحديث الوحيد على مائدة الإفطار هو ما سيقدم على السحور والحديث الوحيد على مائدة السحور هو ما سيطبخ للإفطار، والصراع شديد والمنافسة قوية بين السمبوسة والفطائر، لكن السمبوسة تفوز دائما، وكلما زاد الزيت فيها كلما زاد طلابها وراغبيها رغم أنف الكوليسترول وأصحابه. الطعام...الطعام «هاتوا الأكل؟»، بعد صلاة التراويح وحين تبدأ الزيارات العائلية و لتتجمع القريبات والجارات، يحضر الشاي ومعه سلة من المعجنات والمقليات، فهناك الكبة وورق العنب وفطائر السبانخ و طبعا السمبوسة سواء أكانت بالجبنة أو باللحمة المفرومة أو بالخضار. مازلنا نتحدث عن الطعام، وحين تجلس «بدرية» لتطالع ماراثون المسلسلات بدءا من ريا وسكينة وعديل الروح وملوك الطوائف، فإن صحناً من بقايا معجنات الإفطار يصاحبها وإن فرغ استغلت فترة الإعلانات لتركض للمطبخ حتى تملأه بقليل من السمبوسة و صويحباتها من الفطائر المحشية بالدجاج والخضار والسبرنج رولز والمنتو واليغمش، وذلك على حسب المتوفر في ذلك اليوم. وهكذا ينتهي اليوم كما بدأ مع صحن من الطعام! وتحية للسمبوسة.