مع إقبال شهر رمضان الكريم تبدأ العديد من الأسر في إعداد عدتها الغذائية للشهر الفضيل حتى تحول من شهر للصوم إلى أكثر شهور السنة استهلاكاً للغذاء . وقد ارتبطت بشهر رمضان العديد من العادات الغذائية السيئة التي لايتوقف تأثيرها عن حد التأثير على ميزانية الأسرة فحسب بل يمتد إلى التأثير على صحة الكثيرين خاصة من المرضى الذين يتناسون حقيقة وضعهم الصحي أمام أطباق الحلويات والمشهيات. وفي هذا الإطار دعا أخصائي التغذية في مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر والمشرف العام على "منتدى الحمية للجميع" رضيّ العسيف إلى الاعتماد على "الإفطار الصحي" خلال شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال اتباع الطرق الصحية في التغذية والتي تتضمن تغيير طرق الطبخ ومحتويات المائدة الرمضانية وذلك تجنّباً لزيادة الوزن خلال الشهر الفضيل . وحمّل العسيف ربة المنزل مسؤولية التغذية الصحية في المنزل حيث إنها هي المسؤول الأول عمّا يتناوله أفراد العائلة من الطعام ، ونصح بوضع جدول معيّن للأكل الذي يتم تناوله ونوعه، حيث يشير إلى أن من الممارسات الغذائية الخاطئة في رمضان إهمال تناول الخضراوات والفواكه ومشتقات الحليب. وذكر العسيف ل"الوطن" أن وجبة الإفطار في رمضان ينبغي أن تتوفر فيها المجموعات الغذائية الأساسية، مثل مجموعة النشويات ومجموعة الحليب ومجموعة الخضار والفواكه ومجموعة البروتينات . وشدّد على ضرورة أن تكون مجموعة الدهون والسكريات في آخر الإفطار لأن الجسم لا يحتاج إلى كمية كبيرة من الزيوت والسكر، مشيراً إلى أنه يمكن الحصول على السكريات بشكل طبيعي من الفواكه وهي إحدى المجموعات الأساسية في التغذية والتي تفي بالاحتياج اليومي من السكر. وقال إن كثرة تناول الدهون يكون له مردود سيئ على الامتصاص في الجسم، فلذلك ننصح بتغيير طريقة الطبخ إن أمكن فعلى سبيل المثال بدلاً من قلي "السمبوسة" في الزيت فإنه يمكن خبزها داخل الفرن وبذلك تكون صحية أكثر، ويمكن جعل "الحشوة" صحية من خلال استخدام الزيوت النباتية والابتعاد عن الزبدة والسمن وبعض الصلصات كالمايونيز مثلاً. وأوضح أنه يمكن للصائم خاصة في مجتمعنا عدم الامتناع عن عادات الأكل الرمضانية مثل "اللقيمات" ولكن ذلك يعتمد على تناول نسب بسيطة جداً منها كأكل حبتين أو 3 حبات فقط خلال الإفطار ولذلك يجب ألا تطبخ ربات البيوت كميات كبيرة ، ويمكن استخدام "الدبس" بدلاً من "الشيرة". وأكد العسيف أن العبرة بالكيف وليس الكم في مجال التغذية حيث قد يأكل الشخص قطعة "بسبوسة" صغيرة ولكنها تزوّد الصائم بسعرات حرارية عالية، وإذا تناول الصائم 3 حبات من "اللقيمات" فإنه يتناول في اليوم التالي مثلاً قطعة "بسبوسة" واليوم الآخر قطعة "كنافة" وهكذا لا يحرم نفسه ممّا يشتهي ولكن لا يجمع بين الجميع حتى لا يتناول كميات كبيرة من السكريات في ليلة واحدة. وذكر العسيف أن "الإفطار الصحي" في رمضان، يتضمن البدء بتناول 3 إلى 5 حبات من التمر مع ماء فاتر "حيث إن شرب الماء البارد يتسبّب في عسر الهضم" وتناول طبق من الحساء "الشوربة" ونصح بالتنويع في ذلك بحيث لا يتم تناول نوع واحد من الشوربة خلال أيام شهر رمضان كالشوفان أو الشعرية ، فيمكن التنوع بتناول شوربة الخضار مع العدس والتي تحتوي على الأملاح المعدنية والحديد والبوتاسيوم والفيتامينات، وشوربة الدجاج وشوربة اللحم وهكذا. كما نصح أن تتضمن سفرة الإفطار خلال الإفطار الثاني بعد صلاة المغرب، طبقا من السلطة الخضراء، ك"الفتّوش" و"التّبولة" مع إضافة زيت الزيتون إليها، وتناول الزبادي وكمية بسيطة من "الثريد" و"الهريس" ولمن يحب تناول الأرز واللحم فإنه يمكن تناولهما ولكن بكميات بسيطة، وفي النهاية يمكن تناول الفاكهة. وبعد الإفطار يمكن تناول الحلويات بكميات بسيطة، مشدداً على أهمية ترك الحلويات حتى النهاية لأن تناولها في البداية يسبّب غلق الشهية وبالتالي يكون الجسم اكتفى بالحلويات ولم يستفد من الأكلات الغنية بالعناصر المفيدة للجسم، فتركها إلى النهاية أفضل بعد أن يكون الجسم قد حصل على حصته من الغذاء المفيد. وأشار العسيف إلى أهمية عدم إهمال وجبة السحور كونها وجبة استعداد ليوم جديد، مبيناً ضرورة عدم احتواء هذه الوجبة على المقالي والمعجنات والحلويات لأن جميعها يمكن أن يستهلكها الجسم خلال ساعات بسيطة من يوم الصائم، ولذلك نصح باحتواء وجبة السحور على النشويات مثل كمية بسيطة من الأرز أو خبز البر مع الدجاج، بالإضافة إلى السلطة والفواكه . وحذر من تناول كميات كبيرة من السوائل خلال وجبة السحور فقط، حيث يُشير إلى أنه يمكن تناول الكميات الكبيرة هذه خلال الليلة الرمضانية من 5 إلى 6 ساعات، وبذلك يستفيد الجسم من السوائل حتى لا يشعر بالعطش طيلة اليوم، والماء هو أفضل مشروب للصائم ومن ثم شرب العصائر بدون سكر. وأشار العسيف إلى أن الصوم يساهم في تخفيف الوزن للأشخاص الذين يعانون من السمنة، وخفض ضغط الدم، وخفض نسبة السكر والدهون والكوليسترول في الدم، ويحافظ على سلامة القلب، ويقلل من حساسية الأمعاء للمواد الغذائية، ويساعد على سقوط الديدان من الأمعاء، وخفض نسبة حمض اليورك في الدم . ويعتبر الصوم استراحة مؤقتة للجهاز الهضمي، ويخفف من التهاب المعدة و المريء، ويفيد في علاج القولون ويساعد على تحسين الحالة النفسية ويقلل من القلق العصبي والتوتر واليأس.