أثبتت المنعطفات التاريخية والأزمات والتحديات الأمنية وتحولات الأحداث التي مرّت وتمرّ بها المنطقة العربية مستوى "الوعي" الذي وصل إليه المواطن السعودي، وحجم إدراكه لمسؤولياته العظيمة تجاه هذا الوطن وقت الرخاء ووقت الشده، وبات هذا "الوعي" الذي تراهن عليه قيادة هذا الوطن "خط الدفاع الأول" لوحدة واستقرار الوطن، وصدّ كيد الحاقدين ومخططاتهم التي ماتلبث أن تتلاشى وتفشل في كل مرحلة أمام إرادة المواطن ووطنيته التي تتجلى وقت الشدة؛ لتقول إن هذا الوطن فوق كل الأزمات. بالأمس القريب كان المواطن مع اختبار جديد ومنعطف تاريخي كبير تمثل في مرحلة انتقالية للحكم في المملكة والبيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بعد رحيل الملك عبدالله -رحمه الله- التي تمت بكل سلاسة وثقة ليأتي دور المواطن المخلص لإثبات وعيه ووطنيته وإخلاصه لوطنه وقيادته، أمام سيل من الشائعات والتكهنات والأكاذيب التي يروج لها أعداء الوطن في مثل هذه المراحل تحديداً، وكان الرد ملجماً لهؤلاء وهم يرون تلك الحشود الشعبية الغفيرة يكتظ بها قصرا الحكم واليمامة وقصر الملك الراحل، إضافة إلى إمارات المناطق ومعها سيل من المشاعر الوطنية التي امتلأت بها وسائل الاعلام ومواقع التواصل؛ لتؤكد "معدن" هذا المواطن الذي تنكسر أمامه كل التحديات. وكشفت الأحداث والمواقف التي مرّت بها بلادنا مدى قوة ورسوخ "الوحدة الوطنية" التي تميز هذا المجتمع التي تبرز أكثر في الوقت المناسب.. نعم نختلف نتجادل نذهب بعيداً في آرائنا ونقاشاتنا الداخلية، ولكننا لا نفتح أي مجال للعدو ليخترق وحدتنا التي وضع أسسها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عندما أرسى دعائم هذه الوحدة لوطن عظيم أراد -رحمه الله- له أن يبقى صامداً أمام جميع التحديات على مرّ السنين. بالأمس تجاوز هذا الوطن الأبي مرحلة مهمة من تاريخه بثقة وعزم وسلاسة، وخلال أقل من ساعه كانت مقاليد الحكم قد انتقلت من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله -وبإجماع تام من الأسرة المالكة ومن الشعب بكافة أطيافه؛ لتمضي المسيرة دون أن يعكر صفو ذلك أي شيء، وسط "دهشة" العالم أجمع من خصوصية هذا المجتمع الذي لم تزده التحديات إلاّ قوة وصلابة ووحدة قل أن يرى لها مثيلاً في العالم. ولعل ما يميز هذا المواطن المخلص هو وعيه المتزايد للتحديات السياسية والأمنية والفكرية التي تمرّ بها المنطقة وإدراكه لمسؤولياته الجسيمة تجاه وطنه وهذا حجر الأساس الذي تعول عليه القيادة في مواجهة التحديات في كل مرحلة؛ لتبقى الوحدة الوطنية هي المفصل الرئيس الذي نقف عنده ونتفق لأجله. من حق أي مواطن أن ينتقد ويبدي رأيه بل ويختلف مع عمل أي مؤسسة حكومية أو تجاه أداء أي مسؤول، بل إن سياسة الدولة تؤكد على ذلك غير مرة وترحب بالنقد الهادف الذي يبني ولايهدم في حدود المسؤولية القانونية والأخلاقية ولكن هذا الاختلاف يجب أن يتوقف عندما يمس حدود وحدتنا الوطنية حتى لاندع أي وسيلة للعدو ليخترقها ليبث سمومه ومخططاته، إذ إن صدر هذا الوطن الأبيّ قادر على استيعاب جميع اختلافاتنا متى ماكانت في سياقها الصحيح ولم يكن فيها تقليل للمنجزات أو لجهود ووطنية رجاله أو التشكيك فيهم أو التشويه والتأليب. مرت بهذا الوطن العديد من الظروف والأحداث والتحولات وتعرضت للعديد من المخاطر التي لم تشهدها أي دولة اخرى وعلى مدى قصير سواء احداث ارهابية او تداعيات الثورات العربية أو مخططات الفوضى والتحزبات والتنظيمات الارهابية، أومحاولات ضرب وحدة وتماسك المجتمع من جانب، أو ظروف انتقال الحكم من قيادة الى خلفها في ظل ما تشهده المنطقة من توتر، ومع كل ذلك ظلت هذه الدولة عصية على العدو بحفظ الرحمن ثم بحكمة قيادتها المتعاقبة في التعامل معها الى جانب الحالة الفريدة التي يتجسد فيها أبناء الوطن صفاً واحداً أمام هذه التحديات لتنكسر كل مخططات الحاقدين امامها. وتأكيداً على هذه الخصوصية الفريدة التي تميز مواطني هذا الوطن نستذكر الكلمة الخالدة للأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية -رحمه الله- عام 1432ه عندما تصدى المواطن للدعوات الخارجية الخبيثة لما تسمى ب"ثورة حنين" التي تنادى فيها الاعداء وجمعوا كل قواهم لأجلها أملاً في استجابة المواطن السعودي والنزول للشوارع للتظاهر في مسيرات فوضوية ارادوا بها الشر لهم في وقت كان العالم العربي يغرق في بحر الفوضى والانفلات الامني.. حيث قال الأمير نايف مخاطباً الشعب:"لقد رفعتم رؤوسنا امام العالم كله"، وهنأ سموه القيادة الرشيدة انذاك بالوقفة الأبية والوفية المتخلقة بأخلاق الاسلام لهذا الشعب رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، مشيراً سموه -رحمه الله- في كلمته "إن الاشرار أرادوا أن يجعلوا من المملكة مكاناً للفوضى والمسيرات الخالية من الأهداف السامية، ولكنهم أثبتوا أنهم لا يعرفون شعب المملكة، أن هنا شعب (واع) شعب كريم وفيّ لا تنطلي عليه الافتراءات، لقد اثبت شعبنا للعالم كله انه في قمة (التلاحم) مع قيادته ورفع رؤوسنا امام العالم كله". وبالأمس القريب قال الملك عبدالله -رحمه الله- في آخر خطاباته في مجلس الشورى الذي القاه نيابة عنه خادم الحرمين الملك سلمان أن الأمن يظل هاجساً أساسياً لنا جميعاً، وقد شهدنا خلال العام الفائت محاولات مستميتة من الفئة الضالة وعناصر الفئة الضالة وعناصر التخريب ودعاة الفرقة للنيل من استقرار بلادكم ووحدتها؛ فكان الرد عليها في المواقف الرائعة من المواطنين على مستوياتهم مما اثلج الصدر وطمأننا الى صلابة وحدتنا الوطنية. أخيراً.. المواطن كما أنه وقت الأزمات يظهر أكثر قوة وعلى كلمة رجل واحد متماسكاً لا تهزه الأحداث؛ فإنه يبدو اكثر ثقة واطمئناناً عندما يرى أبناء الاسرة الحاكمة كذلك متكاتفين على قلب رجل واحد لا تهزهم المواقف ولا تؤثر فيهم الشائعات، ولا الازمات لنتجاوز جميعا كل مرحلة إلى بر الأمان لغد مشرق ووطن قوي وعصي على الأعداء بحول الله. وفاء الملك سلمان مع قادة الوطن تعبر عن قيمه الأصيلة الملك سلمان حاضراً بين مواطنيه لتلبية احتياجاتهم خادم الحرمين الملك سلمان داعماً لمشروعات تنمية الوطن خادم الحرمين يطلع على معاملة لأحد المواطنين حشود شعبية غفيرة قدمت من كل صوب لتبايع قيادتها بكل ثقة لافتة تترجم مدى تماسك كافة أطياف المجتمع