تنعم بلادنا -ولله الحمد- بوحدة وطنية متماسكة ومترابطة كالجسد الواحد؛ إذ لا يمكن قياسها بمقاييس الوزن أو الثقل أو الحجم؛ لأنَّها تتجاوز حدود ومعادلات تلك المقاييس، بل وأبعد من ذلك أيضاً، فالمتابع لمجتمعنا بمختلف طبقاته ومستوياته في القارة السعودية ذات المساحة الجغرافية الشاسعة والمتمعن فيه يرصد الحجم الكبير للحمة الوطنية، ويعي جيداً قوة تماسكها بين أفراد وقبائل ومناطق المجتمع، وكذلك بين المواطن والقيادة الحكيمة لوطننا الغالي، وذلك عبر عدد من الأحداث والمواقف التي كشفت عن وجود هذه "الوحدة الوطنية" العظيمة وشموليتها وقوة حضورها وثباتها ومتانة تماسكها في كافة الأحداث. نتائج مفلسة نتذكر جميعاً تلك الثورات الشعبية الكبيرة التي حدثت في العديد من الدول، وشاهدنا ما حدث بعدها من نتائج انعكست سلباً على مستوى أبناء شعوبها، على كافة الأصعدة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ناهيك عن حدوث الفوضى والفرقة وعدم وضوح الرؤية وشلل الأجهزة الحكومية وتعطيلها، وبناءً على تلك النتائج المفلسة سعى الكثير من الأعداء في الخارج والحاقدين على ما ننعم به في مملكتنا الحبيبة من نعمة الأمن والأمان والخيرات إلى إثارة الفوضى في وطننا؛ لخلق الفتنة وزعزعة استقراره وسلب ثرواته. وعلى الرغم من كثرة الشحن المغرض القادم من أعداء الخارج، إلاَّ أنَّهم أُصيبوا بخيبة توقعهم وفشلوا في مخططهم الهدام وحملتهم الباطلة؛ إذ أحبط التلاحم الوطني وتماسك صفه على إجهاض تلك الفوضى ووأدها في مهدها، كما أنَّ المواطن عكس مثلاً رائعاً في وفائه وحبه لوطنه وتلاحمه مع قيادته الكريمة، ورغم فشل أعداء الوطن في إثارة الفوضى بين صفوف المواطنين، إلاَّ أنَّهم سعوا بشتى السُّبُل إلى خلق بعض الأحداث الفاشلة الأخرى، ومن بينها الحث على التغرير بعقول الشباب ودعوتهم للانضمام إلى الخلايا الإرهابية والانصياع للإملاءات الهدامة سعياً لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، من أجل ترويع الآمنين. شعب يحيي مليكه ويبادله الحب والولاء بعد رحلته العلاجية أمن الوطن ومع ذلك فإنَّ تلك الأهداف والمخططات باءت جميعها بالفشل، إذ تصدى أبناء الشعب جميعاً بوطنيتهم القوية وتماسكهم في إنكار تلك الأعمال والتعاون مع الجهات الأمنية في التبليغ عن من تُسوِّل له نفسه زعزعة استقرار الوطن وأمنه وهدم مكتسباته تحت شعار "وطن لا نحميه.. لا نستحق العيش فيه"، وقد سعى أعداء الوطن والمغرضون عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى الدعوة للخروج الجماعي وعمل مسيرات حاشدة بدعوى "قيادة المرأة للسيارة" فجاء بيان "وزارة الداخلية" بمنع كل باب ُيفتح لحدوث الفتنة، وجاء رد المواطنين بالاستجابة لتعليمات "وزارة الداخلية" والمحافظة على أمن الوطن واستقراره، مؤكدين على أهمية الابتعاد عن كل ما يدعو إلى الفرقة، وما زادت تلك الأحداث والمواقف مجتمعنا إلاَّ تماسكاً وصلابة وتصميماً على التمسُّك بعُرى وحدتنا الوطنية. «حب عبدالله» تتوارثه الأجيال درع حصين لقد سعت مزامير الأعداء وبائعي الذمم إلى ابتكار مزيد من الحيل لطرق أبواب مجتمعنا من أجل التفرقة وإضعاف "الوحدة الوطنية"، فطرقوا باب التصنيفات الفكرية في المجتمع والترويج لتلك التقسيمات رغبةً في بث العداوة والكراهية بين أفراده، وبقي المواطنون صامدين مدركين لما يحاك ضدهم واقفين درعاً حصيناً ضد تلك الأفكار الشاذة والمنحرفة ومن يروج لها رافعين شعار "لا أحد يساوم على وحدتنا الوطنية". محاولات يائسة لم تتوقف مخططات الأعداء في إظهار الحقد المترسب في عقولهم عبر محاولة خلق أزمات وبث شائعات وافتعال مشكلات من لا مشكلة وطرح مبررات خارجة عن الواقع الحقيقي العقلاني، كالحديث –مثلاً- عن ضرورة توفير فرص العمل والسكن والصحة بأسلوب غير متزن، إلى جانب السعي إلى تشويه صورة بعض المشروعات التنموية الجبارة الممتدة من شمال "المملكة" إلى جنوبها، ومن غربها إلى حدها الشرقي، وكذلك الحديث عن الأزمات الاقتصادية وصياغة سيناريو لأسباب سقوط سوق الأسهم السعودي في وقتٍ مضى، عبر سرد قصص من نسج الخيال بين الفينة والأخرى؛ من أجل خلق فجوة بين الصف الوطني، ومع ذلك وقف المواطنون صفاً واحداً ضد معدومي الضمير مدركين جيداً أنَّ تلك الأساليب إنَّما هي محاولات يائسة من عملاء الشيطان لضرب "الوحدة الوطنية" وتفكيكها ومن ثمَّ إضعافها. اصطفاف شعبي يعكس الحب الكبير للقائد العظيم لُحمة وطنية وكما يدرك الجميع فإنَّ "اللحمة الوطنية" ليست مجرد شعارات وعبارات يمكن إطلاقها في المهرجانات أو المحافل أو المجالس أو حتى الأماكن العامة، وإنَّما هي شعور حقيقي بالانتماء والولاء للوطن والعمل على الحفاظ على وحدته ومقوّماته وممتلكاته التي هي من أجل رفاهية الجيل الحالي والأجيال القادمة من بعده دون مزايدة أو مساومة. إنَّ الوحدة التي بناها الملك المؤسس "عبدالعزيز آل سعود" –رحمه الله- لم تكن مرحلة تاريخية طويت بعد وفاته، بل هي وحدة استمرت وتعاظمت بعد وفاته بشهادة ما نراه في الواقع الحالي رغم مرور العديد من السنين، وأيضاً بشهادة ما تراه العين التي تبصر الواقع الحقيقي لمجتمعنا المتماسك كالجسد الواحد، وتمسك أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله– بالنهج الذي بناه وسعى من أجله الملك المؤسس "عبدالعزيز" –رحمه الله–. ولقد أكمل الرمز والقائد العظيم خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" -حفظه الله– المسيرة، إذ لا يمكن لكائنٍ من كان أن يتمكن من حصر جميع إنجازات هذا الملك الهُمام خلال السنوات الماضية من عهده الميمون؛ لأنَّها كثيرة ومتشعبة ومتكاملة، وكما يعلم الجميع فإنَّها جميعاً تصب في صالح الوطن والمواطن وتُعزِّز من وحدة الصف وتُقوِّي من تماسك اللحمة الوطنية والالتفاف حول القيادة، إذ لا يمكن في هذه العجالة حصر التطورات والانجازات الحضارية التنموية والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية العملاقة التي اختصرت الزمن وعمت أرجاء الوطن.