البنك المركزي السويسري تخلى عن قواعد ووعود كانت معتمدة للمستثمرين، ولكثير من الدول، فقام بتحرير صرف سعر الفرنك السويسري القوي من التثبيت مع اليورو الأوروبي المنهك والمريض تبعاً للاقتصاد الأوروبي من اليونان إلى البرتغال، سياسية تثبيت الفرنك كانت 1.20 أمام اليورو، وبليلة وضحاها "بقصد" تخلت سويسرا عن تثبيت اليورو، وهي الدولة التي تعتمد على التصدير، وهي الدولة التي أصبح تصنيفها الإئتماني AAA، وهي الدولة التي تخلت في ديسمبر الماضي 2014 عن سعر الفائدة الإيجابي على الودائع إلى سلبي أي بالسالب، وكأنها تدفع السيولة من البنوك لخارج النظام المصرفي وتخفف الضغط على الفرنك السويسري، في ظل اقتصاد عالمي يعاني وخاصة أوروبا، لجأ المستثمرون إلى الفرنك القوي، ولكن السويسريين لا يريدون عملة قوية، تؤثر للمدى البعيد على صادراتهم وهي التي تعتمد عليه بنسبة كبيرة جداً، حتى إنها فقدت في ساعتين ما يزيد عن 8% من البورصة السويسرية أي ما يقارب 114 مليار دولار أمريكي. وهذا ما يجب أن يدركه الكثير فقوة العملات ليس شيئاً حسناً على الدوام ولا أيضاً ضعفها. يعتقد الكثير ان تغيير سعر الصرف هو "قرار" بلحظة أو ليلة يتم، أو ربط العملة بعملة أجنبية، هناك كم هائل من المتطلبات والمتغيرات تحدث في الاقتصاد لا يمكن تجاوزها، وعلى هذا الأساس توضع السياسة النقدية والمالية للدولة، فقوة العملة تكون مضرة للدول المصدرة مثلا، ومفيدة للمسثمرين في الدولة فهي تعني مكاسب مضافة، ومفيدة في عمليات الشراء للاستيراد وهكذا، أما ضعف العملة فهو مفيد في التصدير وليس الاستيراد فتكون ميزة نسبة مضافة في التصدير كما تعمل الصين في خفض قيمة الوان الصيني وما قامت به الولاياتالمتحدة خلال أزمة 2008، فهي تعني مزيدًا من خفض الصادارت ميزة نسبية مضافة لها، ومفيدة ايضا للسائح القادم فهي تقدم سعراً افضل وهكذا. يجب ألا نتصور أو نعتقد أن البنوك المركزية في أي دولة لا تسعى لحالة مثالية، وهي عملة متوازنة، والأهم السعر المستقر وهذه أصعب معادلة يمكن أن تتحقق وتحقق كل الأهداف، لن يحدث ذلك، فسعر مثبت يعني يعتمد على الاقتصاد ماهي قوته، مميزاته، على ماذا يعتمد، على حركة الأموال، حجم الاستيراد والتصدير، وسلسلة طويلة جدا يمكن أن تؤثر بسعر الصرف. فتثبيت السعر بعملة اخرى مقابل كل العملات كما الريال والدولار او مقابل عملة بذاتها فقط كما الفرنك واليورو، لكن سلبيات وإيجابيات، ولكن الحكومات تسعى لأفضل وأقصى استفادة تتحقق، وهذا يخضعها للتقلبات، ومثال الريال، الربط بالدولار يعتبر أساسياً واستراتيجياً، الآن ارتفع الدولار تبعاً للاقتصاد الأمريكي الذي خرج من الأزمة، وهذا عزز قوة الريال أمام عملات العالم واستثماراته تتعاظم معها، وسيقول قائل لم نشعر بتأثير قوة الدولار أمام الريال وأمام العملات الأخرى، يجب أولا أن نعرف ان ارتفاع الأسعار توقف للآن ولا يعني أن يستمر ذلك، وأيضاً الخفض يحتاج زمن ليس بالقصير أقل ما يمكن أن يقال ستة أشهر، وأن نعلم ان تكلفة الأيدي العاملة والمتغيرة غالباً ترتفع ولا تتراجع، ولا يعني أن لا تنخفض، الأسعار تنخفض لكن يجب ألا ننظر لها بنفس النسبة، فهذا خطأ جوهري وكبير. وأخيراً الأهم بسعر العملة وصرفها ان يحقق أفضل وأقصى استفادة وهو التوازن وليس بقوته أو ضعفه.