يرصد الخبراء السويسريون حركة لافتة لعدد من صناديق الاستثمارات الدولية معظمها بريطاني وأميركي، تتمثل في بدء بيع أصول باليورو بعد تراجعه في شكل ملحوظ أمام الدولار. ويلاحظ المراقبون أيضاً تسارع وتيرة بيع هذه الأصول، نتيجة تفاقم أزمة المال في منطقة اليورو واحتمال خروج اليونان منها الصيف المقبل. وتتغذى أزمة منطقة اليورو بصعوبة تواجد قوتين متناقضتين، تتكوّن الأولى من ايطاليا واسبانيا وفرنسا، المؤيدة لفكرة بيع سندات «يوروبوند»، وتضم الثانية ألمانيا وهولندا والنمسا وفنلندا، الدول الأربع الأقل مديونية في المنطقة، والمناهضة لفكرة بيع هذه السندات. وربما تؤدي التجاذبات الحاصلة بين هاتين القوتين إلى اندلاع هزات غير مستحبة في أسواق العملات، خصوصاً في أسعار صرف اليورو أمام الفرنك السويسري. واستناداً إلى سلوكيات أسواق المال أخيراً، لا يؤمن المحللون السويسريون بصمود خطط المصرف المركزي السويسري طويلاً، والتي تركزت على إضعاف العملة الوطنية أمام اليورو عبر شراء كميات ضخمة منه. ما يعني أن الفرنك السويسري سيخوض تجربة قاسية يمكن تفاقمها في الخريف المقبل. يُذكر أن المصرف المركزي السويسري تمكّن من تثبيت قيمة الفرنك السويسري أمام اليورو عند مستوى 1.20 فرنك في مقابل يورو واحد في أيلول (سبتمبر) الماضي، دفاعاً عن الصادرات السويسرية وتجنباً للدخول في انكماش أسعار الاستهلاك. وعلى رغم تدخله لخفض نسب الفوائد إلى الصفر، وضخ السيولة في الأسواق المالية الداخلية، إلا أن هذه الخطط ربما «تنفجر» بين لحظة وأخرى. إذ أن معادلة تثبيت قيمة الفرنك السويسري أمام اليورو في خطر، بما أن إقبال المستثمرين الدوليين على شراء العملة السويسرية لم يتوقف لحظة واحدة منذ بداية السنة. ما يجعل الفرنك وقيمته المرتفعة أمام العملات الأخرى ملاذاً آمناً بامتياز. ولا يخفي المراقبون، إمكان لجوء المصرف المركزي السويسري إلى فرض ضريبة على الودائع المصرفية بالفرنك السويسري، لإضعاف العملة الوطنية عمداً، لأن الوسائل الأخرى مشكوك فيها. فعلى سبيل المثال، لا يؤمن خبراء السوق بأن «المركزي» السويسري يملك كميات كافية من العملة الوطنية معروضة للبيع، تحول دون قفز قيمة الفرنك إلى مستويات خيالية أمام العملات الأخرى في مقدمها اليورو. ويرى 70 في المئة من محللي البورصات، أن المصرف المركزي السويسري سيعيش وضعاً غير عادي، في حال خروج اليونان من منطقة اليورو، سيؤثر على صدقية السياسة النقدية السويسرية في الساحات الدولية. ويصعب التكهن بقيمة العملة السويسرية أمام اليورو للأسابيع المقبلة. إذ كلما تفاقمت أزمة منطقة اليورو تراجعت هذه القيمة الى ما دون 1.20 فرنك لكل يورو. وهذا ما يحصل بالفعل منذ شهرين تقريباً. وفي مطلق الأحوال، يرى خبراء أن فرض الضرائب على الودائع بالفرنك السويسري، سيساعد «المركزي» في لجم قوة العملة الوطنية أمام العملات الأخرى ولو موقتاً.