تحتفل المملكة اليوم الجمعة الموافق 11 من رمضان باليوم العالمي الأول للتبرع بالأعضاء وزراعتها تحت رعاية المجلس الأوروبي والجمعية الأوروبية لزراعة الأعضاء ومنظمة الصحة العالمية وتهدف مشاركة المملكة في مثل هذا اليوم إلى الوصول ألى شرائح المجتمع كافة بهدف توعية وتثقيف عامة الناس بأهمية التبرع بالأعضاء وعكس تجربة المملكة وما حققته في مجال زراعة الأعضاء في المحافل الدولية والارتقاء بنوعية الخدمات الطبية والعلاجية التي تقدم لمرضى الفشل العضوي والوقوف على آخر الأبحاث والدراسات والمستجدات في مجال زراعة الأعضاء. وستشارك العديد من المستشفيات بالمملكة في فعاليات هذا اليوم بداية من السبت حيث تم اعداد الأنشطة والفعاليات والبرامج داخلها. ويستضيف المركز السعودي لزراعة الأعضاء في الساعة العاشرة من مساء السبت في مقر المركز عدداً من نجوم المنتخب الوطني لكرة القدم ونجوم الفن في لقاء اجتماعي مع مرضى الفشل الكلوي وزارعي الأعضاء لدعمهم وتسليط الضوء على أهمية تضافر جهود الجميع لخدمة هذه الفئة العزيزة من أفراد المجتمع وكذلك لتوقيع بطاقات التبرع بالأعضاء لمصلحة مرضى الفشل العضوي حيث تجرى في المملكة عمليات متقدمة لزراعة القلب والكبد والكلى والقرنية والبنكرياس والرئة يقوم بها نخبة من الأطباء السعوديين ذوي الخبرة الكبيرة وهو ما جعل برامج زراعة الأعضاء تحقق نجاحات كبيرة. ويعد عدم وجود متبرع مناسب لعضو ما أهم عائق يحول دون زراعة الأعضاء في كل دول العالم ومن ضمنها المملكة وهنالك نقص في عدد الأعضاء المتبرع بها في كل دول العالم. وينبع ذلك من النجاح الكبير لزراعة الأعضاء في العالم وزيادة الطلب على الأعضاء من مرضى الفشل العضوي متبعاً لهذا النجاح. وقد زادت أعداد المرضى المنتظرين لعمليات زراعة الأعضاء بكافة أنواعها من كلية وقلب وكبد وقرنية ونخاع عظم وهنالك مصادر للتبرع بالأعضاء وهي كمايلي: التبرع بالأعضاء من الأحياء الأقارب وهذا ممكن في حالة زراعة الكلية فقط وجزء محدود من زراعة الكبد، والمملكة فيها نظام عائلي متين ووثيق كما أن متوسط عدد أفراد العائلة الواحدة يصل إلى ستة أفراد وبتشجيع التبرع من الأحياء من قبل الأطباء المعالجين وبيان أهمية وسلامة عواقبه لذوي أي مريض يمكن توفير مصدر يمكن أن يصل الى 20 - 30٪ من حالات الفشل الكلوي كما هو الحال في دول أخرى من العالم. وقد أصدر المركز السعودي لزراعة الأعضاء كتيباً يشرح أهمية التبرع بالكلى من الأحياء الأقارب لأي مريض وحتى قبل أن يبدأ التنقية الدموية وذلك عند الوصول الى مرحلة الفشل الكلوي النهائي، وقد تم توزيعه على جميع أطباء أمراض الكلى في المملكة. التبرع بالأعضاء من المتوفين دماغياً ويعد التبرع من المتوفين دماغياً مصدراً مهماً أساسياً لا غنى عنه للتبرع بالقلب والرئتين والكبد والقرنية وتقدر حالات الوفاة الدماغية في المملكة العربية السعودية ب 1000 حالة سنوياً يمكنها أن تؤمن احتياجات المملكة من الأعضاء إذا ما تم تشخيص هذه الحالات مبكراً من قبل الأطباء وإذا ما تمت الموافقة على التبرع بالأعضاء من كل أسر المتوفين دماغياً، ولكن للأسف لا يتم التعرف والتبليغ إلا عن 350 - 370 حالة سنوياً من المستشفيات المختلفة في المملكة ويتم توثيق الشخص بالوفاة الدماغية في 70٪ من الحالات، بينما يوافق ذوو المتوفين دماغياً في حوالي 35٪ فقط من الحالات الموثقة، فلو ازداد عدد الحالات المبلغة وعدد الموافقات، لأغنى هذا المصدر برنامج التبرع بالأعضاء عن البحث عن مصادر أخرى، لأن المتوفى لا ينتفع بأعضائه بينما يفيد العديد من المرضى المحتاجين لها. التبرع من الأحياء غير الأقارب برزت فكرة التبرع من الأحياء غير الأقارب في ضوء النقص الكبير في عدد المتبرعين بالأعضاء في العالم، والتبرع من الأحياء غير الأقارب مثل التبرع من الأحياء الأقارب في أنه يفيد فقط في زراعة الكلى وجزء من الكبد بشكل محدود، ونتائجه جيدة لأنه يتم اختيار المتبرع بشكل أفضل، وبيّنت الدراسات أن نسبة نجاحه أفضل من نسبة نجاح التبرع من المتوفين دماغياً، وذلك لعدم وجود زمن انقطاع التروية الباردة وعدم الاضطرار لنقل الأعضاء والانتظار حتى تتم الاختبارات التوافقية بين المتبرع والمتلقي. إلا أن لهذا التبرع محاذيره وأهمها الاحتمال الكبير في فتح باب البيع والشراء الذي حرمه الشرع الإسلامي وأيضاً تعطيل برنامج التبرع من المتوفين دماغياً، هذا بالاضافة الى أن التبرع من الأحياء غير الأقارب محصور في المملكة في تبرع الزوجة لزوجها وبالعكس وأيضاً في تبرع الأقارب من الرضاعة وذلك من أجل عدم فتح باب الاتجار بالأعضاء. ويدخل في التبرع من الأحياء غير الأقارب امكانية تبادل الأعضاء بين الأسر في حال وجود مريضين مصابين بالفشل الكلوي النهائي، ينتميان إلى أسرتين مختلفتين ولكن المتبرعين من الأقارب غير مناسبين، ويمكن أن يكون أحد الأفراد في الأسرة الأولى متوافقاً مع مريض الأسرة الثانية وبنفس الوقت يكون أحد أفراد الأسرة الثانية متوافقاً مع مريض الأسرة الأولى فيتم التبادل بمعرفة الأطباء المعالجين. وموضوع التبرع من الأحياء غير الأقارب تم بحثه بشكل معمق ومستفيض من قبل لجان مختصة تضم الفقهاء والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين تم من خلالها مناقشة كل جوانبها وتقنينها ووضع الضوابط لها لضمان ممارستها من خلال جهة مشرفة تعمل على حماية حقوق المريض والمتبرع وتمنع شبهة الاتجار بالأعضاء. التبرع بعد توقف القلب: وهو صعب التطبيق إذ يحتاج الى توافر فرق طبية مدربة جاهزة على مدار الساعة في المستشفيات المتبرعة لمباشرة الاستئصال للأعضاء فور توقف القلب إذا لم يقبل ذوو المتوفى دماغياً التبرع قبل توقف القلب. ولكن يمكن تطبيق هذا المبدأ بشكل أبسط حيال التبرع بالقرنيات التي يمكن استئصالها حتى بعد مرور 12 ساعة على توقف القلب، وهذا البرنامج قد بدئ بتطبيقه بالنسبة للتبرع بالقرنيات ولكن بشكل محدود بالتعاون مع مركز الملك خالد للعيون في الرياض ومجمع الرياض الطبي، ويتم ذلك بعد أخذ الموافقة من أهل المتوفى على ذلك، ويمكن أن يوسع هذا البرنامج وأن يغني عن جلب القرنيات من الخارج كما أن زراعة القرنيات المستأصلة محلياً أفضل في نتائجها كما أظهرته التجربة والخبرة. من جانبه قال مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل شاهين: يهدف هذا اليوم العالمي إلى تحسين الرعاية الصحية لمرضى الفشل العضوي النهائي وتقليل الفجوة ما أمكن ما بين عدد الأعضاء المطلوب زراعتها والعدد المتبرع به سواء من الأحياء أو المتوفين، وكذلك لحماية حقوق الأشخاص بعد التبرع بالأعضاء وعوائلهم.. ولابد من الإشارة بأن ممارسة زراعة الأعضاء عند الإنسان أثبتت جدارتها في إنقاذ حياة هؤلاء المرضى وتحسين نوعية الحياة لديهم وبشكل عام تقدر نسبة البقاء على قيد الحياة للمرضى الزارعين بأكثر من 50٪ بعد مرور 10 سنوات على عملية الزراعة، علماً بأن أغلب حالات المرضى المصابين بقصور قلبي شديد أو كبدي أو رئوي أو بنكرياس فإن زراعة عضو بديل لهؤلاء المرضى يشكل الأمل الوحيد لهم.. أما مرضى الفشل الكلوي فيوجد لديهم بديل علاجي آخر هو الغسيل الكلوي ولكن مع وجود آثار جانبية واقتصادية وطبية عديدة تجعل من زراعة الكلى الحل الأمثل لهؤلاء المرضى. مضيفاً انه وبمرور 40 عاماً على ممارسة زراعة الأعضاء (أول زراعة كلية ناجحة في العالم كانت في عام 1959 من قبل العالم ميريلل في بوسطن الذي أجرى زراعة كلية ما بين توائم حقيقية).. وانتشرت بعد ذلك ممارسة زراعة الكلى وحققت تقدماً كبيراً في مستوى بقاء المرضى على قيد الحياة وتأمين نوعية حياة أفضل لهم نتيجة التقدم التقني في مجال العمليات والتطور الكبير في مجال علوم المناعيات والأدوية المثبطة للمناعة ووصل عدد عمليات الكلى المزروعة في العالم إلى حوالي 500,000 عملية زراعة كلية بالتبرع من الأحياء أو بعد الوفاة. أما بالنسبة لزراعة القلب فقد أجريت أول زراعة ناجحة لزراعة قلب بشري في عام 1967م من قبل العالم برنارد، انتشرت بعدها عمليات زراعة القلب وتجاوز عددها على مستوى العالم ال 60,000 عملية زراعة.. كذلك يعود تاريخ أول زراعة كبد ناجحة لأكثر من ثلاث عقود وتجاوز حالياً مجموع عمليات زراعة الكبد على مستوى العالم ال 100,000 عملية.وأوضح الدكتور محمد السبيل رئيس قسم زراعة وجراحة الكبد بمستشفى الملك فيصل التخصصي ان الاحتياج السنوي لزراعة الكبد في المملكة يقدر بحوالي 500 - 700 مريض سنوياً تتم الزراعة لما لا يتجاوز 10٪ فقط منهم (داخل المملكة وخارجها) وبتكلفة تتجاوز المليون ريال سعودي للمريض الواحد إذا تمت الزراعة في الخارج، وفي مقابل ذلك هناك ما يزيد على 1000 حالة وفاة دماغية يتم التبليغ عن ثلثها فقط ويتم الاستفادة بما لا يزيد عن 30 حالة فقط. من الواضح وبتأمل قصير أن هناك كثيراً مما يمكن عمله من أجل الاستفادة القصوى من أعضاء المتوفين دماغياً وبالرغم من الصعوبات فيما يتعلق بموافقة ذوي المتوفى على التبرع فإن نسبة كبيرة من الحالات لا تتم الاستفادة منها بسبب عدم التبليغ عن تلك الحالات وسوء العناية الطبية بالمتوفين وهذا أمر وللأسف يتعلق بطبيعة النظام الصحي في المملكة وما يحويه من قصور يؤدي إلى ضياع فرص الاستفادة من الأعضاء ويمكن لهذا القصور أن يعالج بقرارات إدارية وتنظيمية تضمن الاستفادة القصوى من الأعضاء المتاحة.وفي السنوات الأخيرة ظهرت زراعة الكبد من الأحياء كوسيلة للحصول على أعضاء أكثر وبالرغم من نجاح هذه الطريقة إلا أنه تحفها كثير من الصعوبات وليس كل المرضى لديهم متبرعون وفي حالة توافر المتبرع فإن شروط التبرع قد لا تتوفر في المتبرع، وفي المملكة فإننا لا نتوقع أن هذه الطريقة سوف تساعد أكثر من 15 - 20٪ من المرضى وهذا يعني أنه حالياً يمكننا في برنامج زراعة الأعضاء في المملكة مساعدة ما لا يتجاوز 25٪ من المرضى. وتتوافر زراعة الكبد في عدة مستشفيات في المملكة ويأتي في مقدمتها مستشفى الملك فيصل التخصصي.. وخلال السنوات الماضية تمت زراعة الكبد لما يزيد على 80 مريضاً (من أحياء متبرعين ومتوفين) في مستشفى الملك فيصل التخصصي ونسبة النجاح تتجاوز 90٪.ومن المتوقع زيادة متسارعة بأرقام زراعة الكبد إن شاء الله، وبعد التوسع في برنامج زراعة الكبد من الأحياء وكذلك تحسين أداء برنامج التبرع من المتوفين.