قدمت "سعاد" الطعام لزوجها "خالد" وهو لا يزال ساخناً، وعلى الرغم من مضي (10) أعوام على زواجهما، إلا أن "سعاد" تتجاهل في كل مرة طبع زوجها الذي لا يحب الطعام الساخن، خاصة في لحظات جوعه، فبدأ مسلسل الخلافات اليومي من قبله هذه المرة، حيث نعتها بأنها لا تفهم طبعه، وصدرت في هذه اللحظة كلمة منه وأخرى منها، حتى انتهي الأمر بنزاع الطرفين، فذهبت حينها "سعاد" لمنزل والدها غاضبة من زوجها الذي لا يقدر جهدها، من دون أن تعترف بأنها لا تتفهم طبيعة زوجها، خاصة في لحظات جوعه!. وعندما جاء "خالد" ليأخذ زوجته وأطفاله تفاجأ أن والدها يرفض ذلك، وبعد عدة محاولات استمرت لمدة شهرين، كانت خلالها "سعاد" تتجاهل اتصالاته الهاتفية، اشترط والد "سعاد" أن يدفع "خالد" لابنته رضاوة بقيمة (50) ألف ريال، وحاول "خالد" كثيراً أن يثني والد زوجته عن هذا الأمر مبدياً أسفه لأنه غضب منها، فخفض الوالد المبلغ إلى (40) ألف ريال، فمضى "خالد" بعد ذلك لاستدانة المبلغ لتعود زوجته وأطفاله الثلاثة إلى بيته، ودفع المبلغ كاملاً لوالد زوجته، الذي بدوره اشترى به ذهباً لابنته؛ لكي تعود إلى منزلها معززة مكرمة. وهناك قصص كثيرة مماثلة تحدث في بيوت بعض الأسر التي يتنازع فيها الزوجان، حيث تنتهي بذهاب الزوجة إلى منزل والدها مشترطة الحصول على "رضاوة" لتعود إلى عش الزوجية من جديد، وقد يصل مبلغ هذه ال "رضاوة" - أحياناً - إلى مبالغ مالية مقاربة لمهرها، إذ تزعم الزوجة هنا أن هذا المبلغ يأتي لرغبتها في أن تحد من تصرف الزوج وتشتري كرامتها، من دون أن تعلم أنها تقلل من قدر نفسها وتستنفد رصيد حبها من قلب زوجها الذي يشعر في قرارة نفسه أن زوجته تتاجر بعلاقتها معه!. حق مجتمعي وبينت "آمنه آل الشيخ" أن "الرضاوة" حق مجتمعي للزوجة، إذ إن من حقها أن تحفظ كرامتها، وأن تؤدب الزوج الذي يتمادى عليها، مضيفةً: "كنا في اجتماع عائلي مع أهل زوجي، وتطاولت شقيقة زوجي علي لفظياً بحضرة زوجي، الذي كان من المفترض أن يوقف شقيقته عند حدودها، وألا يسمح لها أن تتعدى علي، ولكن ما حصل هو العكس، حيث فضل الصمت والانسحاب من المجلس بعد أن أخذها مع طفلها". وتساءلت: هل من المعقول أن أسكت على هذه الإهانة؟، خصوصاً أن زوجي ظهر بصورة سلبية وكان غير قادر على حمايتي، مضيفةً أنها توجهت لمنزل أسرتها ورفضت أن تعود إلى زوجها إلا بعد أن يدفع لها "رضاوة" بمبلغ (20) ألف ريال، موضحةً أنه دفعها كاملة لها، ما جعلها تعود إليه، مؤكدةً أنها اشترطت عليه أيضاً عدم دخول شقيقته لمنزلها، إلا بعد أن تعتذر لها أمام كل الحاضرات، أو أن تدفع لها "رضاوة" بمبلغ (10) آلاف ريال، لافتةً إلى ان شقيقة زوجها رفضت الاعتذار أو دفع ال "رضاوة"، ما جعلها تقطع علاقتها بها منذ ما يقارب ثلاثة أعوام. تأديب الزوج وأشار "سلطان الأحمري" إلى أن ال "رضاوة" حق للزوجة يجب أن تحصل عليه، كما أن فيها تأديب للزوج، مضيفاً أنها لو لم تكن كذلك، لما فرضت جميع دول العالم المخالفات المالية على المخالفين، سواء في قطاع المرور أو غيره من القطاعات الخدمية، موضحاً أن المال أمر محبب للإنسان، وبالتالي فإن الزوج عندما يشعر أنه سيخسر ماله سيحاول مسك أعصابه من دون أن يؤذي زوجته مستقبلاً. علاقة إنسانية ورفضت "أسماء الغامدي" فكرة ال "رضاوة" المالية بين الزوجين، إلى جانب عدم تأييدها تدخل الأهل في المشكلات الزوجية، مشيرةً إلى أن الحياة الزوجية علاقة إنسانية قائمة على المودة والرحمة، ومن الطبيعي أن يحدث النزاع بين الزوجين وأن تعلو أصواتهما بين حين وآخر، ولكن بعد مرور فترة زمنية معينة، فإن الزوجين سيعودان لرشدهما ويناقشا الموضوع بهدوء أكثر ويرضى كل طرف على الآخر بلا تدخل من الأهل أو دخول الأمور المالية بالشكل الاستغلالي الحاصل من بعض النساء. وأضافت أنه في حال تعرضت المرأة لعنف وضرب من قبل الزوج، فإنها تفضل أن تنتهي الحياة الزوجية بين الزوجين، "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، موضحةً أنه من المستحيل أن تبقى على ذمة رجل يعاملها بقسوة ويضربها وينتهك كرامتها. وأيدتها الرأي "هيام المحيميد"، مؤكدةً أن الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة لن تستقيم إلا بالاحترام، ومع ذلك فإنها ترى أن النزاعات بين الزوجين هي ملح الحياة الزوجية، وفيها كسر لروتين الحياة الممل، ولكن الأهم هو أن يبقى الاحترام موجوداً بين الزوجين، وفي حال وصل الأمر إلى إهانة المرأة وضربها، فإن الأفضل هو أن تنتهي الحياة الزوجية؛ لأنه من غير المجدي أن تؤسس حياة كاملة بلا احترام وبأساليب بهيمية. تجاوز الحد ورأت "عزيزه الحسن" أن المرأة التي تتاجر بغضبها لا يمكن أن تكون ممن يتمتع بالكرامة أو حتى لديها مبدأ، مضيفةً أن الغضب من الزوج هو تنبيه من المرأة لزوجها بأنه تجاوز حده معها، وأنه يجب أن يتلطف بالحديث معها، وليس الهدف منه تربية أحدهما للآخر، مشددة على ضرورة أن يعي الزوجان أنهما شريكان وليسا مربين بعضهما لبعض، وألا يتدخل الأهل بين الزوجين في حال ظهور أي عارض بينهما، وألا يكون ذلك إلا في الأمور الكبرى، مبينةً أن المشكلات تحصل في كل بيت، كما أنها حدثت في بيت النبي - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. مهر جديد وقال "خالد السعدون": "عندما تشترط علي زوجتي مبلغ رضاوة سأزيد عليه مبلغ آخر وأتزوج به فتاة بكر لم يسبق لها الزواج، ولتبقى زوجتي الأولى في منزل والدها"، متسائلاً: "كيف أثق بمن تساومني على استمرارية حياتنا الزوجية وبقائنا كأسرة واحدة، وبمن لم تنجح في حفظ خصوصية حياتنا الزوجية؟"، مؤكداً انه عند حدوث أي تصادم بينه وبين زوجته، فإنه يعرف جيداً كيف يراضيها بلا شروط أو مهر جديد، لافتاً إلى أن الحب هنا كفيل بمحو أي ذنب قد يرتكبه بحقها. اضطراب نفسي وأكدت "فاديا عبدالواحد" - اختصاصية اجتماعية - أن التجارة بالمشكلات الأسرية يعد نوعاً من الاضطراب السلوكي والنفسي، مضيفةً أن المشاعر والحياة الزوجية غير قابلة للمساومة أو الاتجار بها مقابل مبالغ مادية مشروطة، مبينةً أن الزوج حينما يجاري الزوجة أو أهلها في المطالب المادية مقابل عودة حياتهما الزوجية واستمراريتها، يدل على أن الزوج مضطرب وغير متزن ويجب ألا يقبل في الوضع الطبيعي. وأشارت إلى أن بعض النساء يعتقدن أنهن بهذه الطريقة يؤدبن الزوج أو يلقنه درساً لكي لا يخطئ مرة أخرى أو يتقبل عيوبها بلا تقويم، وهذا غير صحيح، مضيفةً أن المشكلات الأسرية تحدث في كل منزل، ولكن الحكمة في كيفية معالجتها من دون تدخل أي أطراف خارجية أو اشتراط أمور مادية أو عينية للرضا، مؤكدةً أن الحياة الزوجية مؤسسة تربوية بالدرجة الأولى ولا يصح فيها مثل هذه الممارسات، مشددةً على ضرورة أن يعلم الزوج أنه في حال رضوخه لمثل هذه التجارة المرفوضة، سيؤسس لقاعدة حياتية لدى زوجته وسيشجعها على هذا الأمر عدة مرات. وأوضحت أن المرأة بهذه الممارسات لا تبني أساساً صحيحاً لأسرتها مبنياً على المودة والرحمة والمحبة، بل تستنزف من رصيد محبتها عند زوجها، وسيكون هناك بغض مُقنّع من طرف الزوج، فعندما يمارس الضغط على أي شخص تتكون لدى الطرف المضغوط عليه مشاعر سلبية يمكن أن تنفجر في أي وقت وتخلف عواقب وخيمة، مشددةً على ضرورة عدم تدخل الأهل في أي عارض قد يصيب ابنتهم إلا في الأمور المصيرية التي تنتهي إما بطلاق وإما استمرارية للحياة الزوجية، وذلك بوجود طرف من أهل الزوج، كما جاء في القرآن الكريم "وإن خِفتم شقاق بينهما فابعثوا حَكماً من أهلهِ وحَكماً من أهلها إن يُريدا إصلاحاً يوفِق الله بينهما ۗ«إن الله كان عليماً خبيراً". مهما حدثت المشكلات بين الزوجين، إلا أن الأهم هو أن يبقى الاحترام موجود بينهما