يقولون إن الإعلام اليوم أصبح مهنة من لا مهنة له فالكل يصف نفسه بالإعلامي سواء كان رئيساً لمؤسسة صحفية عملاقة أو موظف استقبال في شركة إنتاج إعلامي ولعل كثرة القنوات الرياضية وبرامجها أفرزت لنا أسماء لا حصر لها ممن يسمون أنفسهم إعلاميين ولهذا عندما يغيب المتخصص ويغيب تطوير المتخصص عبر التدريب الأكاديمي والعملي يتساوى هنا من بنا سيرته في عقود ومن أمسك بمسجل أو لاقط صوتي ولهذا فنحن في حاجة ماسة إلى أكاديميات متخصصة في شتى فروع الإعلام ولكنها أكاديميات مبنية على شراكات إستراتيجية مع بيوت إعلامية عالمية حتى نرفع من كفاءاتنا بالشكل الذي يحقق لإعلامنا التطور الذي ننشده. أن إنشاء أكاديميات متخصصة في تطوير الكفاءات الإعلامية مشروع تأخر كثيراً ومع هذا حتى الآن نسمع عنها ولا نراها على أرض الواقع فلقد ذكر معالي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون عند انطلاق الهيئة أن من ضمن خططهم إنشاء أكاديمية للإعلام ومنذ أيام ذكر معالي رئيس هيئة الإعلام المرئي والمسموع أن لديهم خطة لتأسيس أكاديمية للإعلام ولو سلمنا بأن هنالك مشروعاً أو أكثر لدى الهيئتين فإنه سيكون في مجال المرئي والمسموع فقط ولن يكون معنيا بمجالات الإعلام المختلفة والتي ينقصها الكثير فسوق الإعلام سوق هائل والحاجة فيه للكوادر المتخصصة لا حصر لها ولكن لا يكفي للعمل فيه أن تصف نفسك بالإعلامي لمجرد وجودك في محيط الإعلام لأن الإعلام هو مهارة تكتسب وعلم وتطوير مستمر توفره لك أكاديميات متخصصة ولهذا نعم نحن في حاجة لأكثر من أكاديمية في الإعلام تكون في مدننا الكبرى شريطة أن تتميز كل واحدة منها بمهارات تدريبية تختلف عن الأخرى فالإعلام المرئي والمسموع سيوفر أكاديمية تخدم تخصصه ولكن النقص في فروع الإعلام الاقتصادي والأمني والصحي والتعليمي والرياضي كبير والأدلة على ذلك كثيرة ففي الإعلام الاقتصادي على سبيل المثال نجد أن القنوات الاقتصادية لا تجد للتعليق على ما يدور في الأسواق العالمية من تقلبات لسوق النفط إلا ثلاثة أسماء فهل هذا بسبب غياب المتخصص أم وجوده وعدم قدرته على التعاطي مع وسائل الإعلام بسبب عدم التأهيل ؟ولهذا من سيطور المهارات سواء لمن ينتمون لهذه القطاعات أو من يمتلكون تأهيلا علميا عاليا في مجالات متنوعة ولكن ينقصهم التعاطي مع الإعلام بحرفية الإعلامي المتخصص ؟ أنا لا أعوّل كثيرا على جامعاتنا فهي لا تستشعر قوة الإعلام بدليل إن الإعلام في جامعة عريقة كجامعة الملك سعود لا يزال يدرس منذ أربعين عاما في قسم تابع لكلية الآداب بينما التطور المنطقي يفترض انه في هذه السنوات قد تحول إلى كلية عملاقة والى عشرات الأكاديميات المتخصصة . إن وجود مثل تلك الأكاديميات المتخصصة ممكن أن يكون مشروعاً مشتركا بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي بحيث تستقطب تلك الأكاديميات الدارسين من الداخل والخارج متى ما جلب لها خبراء متخصصين للتدريب والتطوير تكفل تخريج كوادر تحقق التطور المأمول للإعلام في جميع التخصصات.