اعتبر يورجن تودينهوفر الكاتب ألماني الكبير (96 عاما) أن الأسلوب \"غير الإنساني\" الذي يتعامل به الغرب مع العالم الإسلامي منذ نحو 200 عام هو \"السبب الرئيسي للإرهاب\"، مشددا على أن غزو العراق \"مثال على مدى امتهان وإهانة العالم الإسلامي\". وقال الكاتب والسياسي يورجن تودينهوفر: إن \"خسائر قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان وخسائر أمريكا في العراق تعود إلى جهل الساسة بالبلاد التي يشنون الحرب عليها\".. معتبرا أن الغرب مسئول عن \"الإرهاب الحديث\" بسبب تعامله مع المسلمين بعيدا عن العدل والإنصاف . وأضاف: \"الأسلوب غير الإنساني الذي يتعامل به الغرب مع العالم الإسلامي منذ نحو 200 عام هو السبب الرئيسي للإرهاب\".. مردفا: \"غزو العراق مثال على مدى امتهان وإهانة الغرب للعالم الإسلامي، وأن العنف الذي مصدره الغرب هو مشكلة العصر الحالي\". وتساءل تودينهوفر (في كتابه الذي يحمل عنوان \"لماذا تقتل يا زيد؟.. قصة حقيقية للمقاومة العراقية\": \"كيف نحتج على احتلال السوفييت لأفغانستان ثم نسكت عن الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق\"، وزيد العراقي \"المقاوم\" هو الشخصية المحورية في الكتاب الذي يقع في 573 صفحة. وقال الكاتب الألماني: إن \"أمريكا وحلفاءها لم يأخذوا عبرة كافية من تاريخ أفغانستان\"، مضيفا: \"في آسيا قول مأثور هو: إن الله إذا أراد أن يعاقب أمة ما فإنه يجعلها تغزو أفعانستان\". والمؤلف (96 عاما) حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي، وكان عضوا في البرلمان الاتحادي الألماني وناطقا باسم الحزب الديمقراطي المسيحي لشئون التنمية ومراقبة التسلح على مدار 18 عاما. وتودينهوفر -الذي نشر من قبل كتاب (ضلالات ضد الإرهاب)- مولع بالذهاب إلى مناطق الصراع ومراقبة الشعوب وهي تنهض وتواجه الاستعمار في أمريكا اللاتينية وفيتنام وأنجولا والجزائر والعراق وأفغانستان ونشر كتب عن هذه التجارب. وصدرت الترجمة العربية لكتاب (لماذا تقتل يا زيد) في القاهرة مؤخرا عن \"الدار المصرية اللبنانية\"، وقال مترجمه في مقدمته: إن \"الكتاب الذي نشر في 2008 لايزال من أكثر الكتب مبيعا في ألمانيا، وإن مؤلفه شيد من عائد بيع كتبه دارا للأطفال في أفغانستان، ومستشفى قيد الإنشاء للأطفال في الكونجو، كما يمول من مبيعات هذا الكتاب مساعدات طبية لأطفال عراقيين لاجئين\". ويقول تودينهوفر إن رحلاته المضنية دافعها معرفة \"الحقيقة التي تتوارى خلف التصريحات والأحاديث الرنانة\" التي يوجهها الساسة للجماهير، مضيفا أنه كثيرا ما كان يشعر بالخجل مما يسمع أو يقرأ للساسة في ألمانيا أو بريطانيا أو الولاياتالمتحدة تجاه دول الشرق، وأن وسائل الإعلام الرسمية الغربية تنشر \"خرافات مفزعة حول الآخر\"، وبخاصة قبيل التدخل العسكري لضمان تأييد الرأي العام للهجوم الوشيك. ويرى الكاتب الألماني أن الرأي العام العالمي قبل حرب العراق تعرض \"لتضليل\" يصفه بالخداع الطفولي، وأن محاولة أخرى \"متهورة\" تجري الآن بهدف تكرار الأمر في النزاع مع إيران، مضيفا أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تعمد إلى \"مخادعة الصحفيين\" بإعداد زيارات لهم إلى قرى بعينها تحت الحماية المسلحة وأن معظم الصحفيين لا يتحركون في العراق إلا في صحبة القوات الأمريكية، وغالبا ما تكون مشاهداتهم \"بعيدة عن الحقيقة\". وأوضح تودينهوفر أن الغرب يضع \"المقاومين الذين يناضلون على نحو مشروع ضد القوات المحتلة مع الإرهابيين الذين يقتلون المدنيين في إناء واحد، وهذا ليس له إلا دلالة واحدة، هي أن معلوماتنا عن العراق ضحلة جدا\". وينقل عن أحد العراقيين قوله: إن الولاياتالمتحدة هي التي جلبت \"هذا الوباء\" المتمثل في الإرهاب الذي يستهدف المدنيين، \"فقبل الغزو الأمريكي لم تكن بلادنا تعرف لا إرهابيين ولا الحروب الطائفية\". وحول أفغانستان قال المؤلف إنه قابل في عام 1980 بصفته نائبا في البرلمان الألماني \"بعض المقاومين الأفغان\"، ثم تكررت زيارته لأفغانستان، مضيفا: \"معرفة العالم الإسلامي عن الغرب أكثر بكثير من معلوماتنا عنهم\"، مستشهدا بما رآه في بعض الدول من متابعة القضايا الخاصة بالغرب، في حين لا يحظى العالم العربي إلا بالقليل جدا من اهتمام الغرب. ويروي تودينهوفر في كتابه جانبا من حروب التحرير التي خاضتها بعض الشعوب في القرن العشرين، فحين كان طالبا في سن العشرين ذهب إلى الجزائر التي كانت خاضعة للاحتلال الفرنسي، وكانت المنظمة السرية الفرنسية \"تتبع أساليب إرهابية\" لضمان استمرار الجزائر تحت السيادة الفرنسية، حتى أنها استخدمت الغازات أكثر من مرة \"لإبادة قبائل كاملة\" بعد لجوئها للكهوف والمغارات. وقال الكاتب الألماني إنه حين عاد إلى الجزائر في 2007 للتنقيب عن آثار تلك الحقبة اكتشف \"صورا مفزعة تجسد الإرهاب الاستعماري\"، مضيفا أن فرنسا من القوى الاستعمارية السابقة التي \"ما زالت ترفض حتى اليوم فتح أرشيفها للدول التي كانت محتلة\".