أكّد السفير السوري في العراق نوّاف الشيخ فارس، والذي انشقّ أمس عن النظام، أنّه كان "منذ اليوم الأوّل مع الثورة السوريّة"، وكشف أن الظروف الخاصة هي التي حتّمت بقائه حتى الآن لإعلان انشقاقه. وقال فارس: "أنا تاريخياَ في مسيرتي كنت معارضاَ وضد الممارسات الخاطئة التي أوصلت سوريا إلى ما وصلت إليه، وقد كان يعدنا النظام بوعود الإصلاح التي تبيّنت أنّها سراب، بل أتت بمزيد من القتل والتشريد والتدمير". وأضاف الشيخ فارس، في حديث لقناة "الجزيرة": "كان لدي أمل، وكان هناك اتصال بشكل مباشر مع الرئيس السوري بشّار الأسد بأنّه سيكون هناك خطوات إصلاحيّة متقدّمة، وقد كُلّفنا بنقلها للشارع، كما وعد بالإصلاح في كل شيء في الحزب والإدارة والسياسة والديمقراطية وقانون الأحزاب والدستور، وأوهمَنا أنه مقتنع بأنّ العالم تغيّر وعلينا التغيّر، لكن لم يتم تغيير أيّ منهج من مناهج النظام، وكل شيء بقي بيد الرئيس، والحزب كله غطاء لقيادة فرد ديكتاتور في سوريا وإلغاء المادة الثامنة لن يُقدّم ولن يؤخّر، فالحكومة بيد الرئيس والحزب والمحافظين الانتخابات، فما نفع الدستور الجديد". وتابع: "التعدّديّة الحزبيّة وهميّة وشكليّة، لأنّ كل شيء بيد وزير الداخليّة الذي يوافق على حزب ويرفض حزباً آخر وفق قانون الأحزاب الجديد". وشدّد الشيخ فارس على أنّه لم يود إحراج السلطات العراقية بإعلان الانشقاق من العراق، كون الحكومة العراقية على علاقة جيدة بالنظام السوري". وقال: "فضّلت الخروج من العراق وإعلان انشقاقي، وبالطبع كان هناك من الجوانب التنسيقيّة مع المعارضة، وأعلنت انضمامي لثورة الشعب السوري وبالدرجة الأولى للمعارضة الداخلية ول"الجيش السوري الحر" والتنسيقيّات والثوّار الذين يدفعون الدم، وكما أنّ المعارضة في الخارج بذلت جهداً لكن هناك فجوات بين الداخل والخارج وهناك عتب كبير عليهم وأعرف بماذا يتحدّث الشعب السوري عن المعارضة في الخارج". وأضاف: "لن أتحدث عن ظروف انشقاقي لأنّها قد تكون هي نفسها المستخدمة في انشقاقات أخرى وذكرها سيضر بالثورة، وأنا من الأساس متواصل مع التنسيقيّات، وهم بحاجة لكل شيء، وسنعمل لمساعدتهم، وأنا جزء منهم، فهم أهلي وأخوتي، وبقدر ما أستطيع سأساعد". وأردف فارس: "انشقاقي تمّ بخفاء كبير عن السلطات العراقية وكنت حريص على عدم إحراجهم، وأتوقع الكثير من رد الفعل من السلطات السوريّة كالذي يحصل مع الشعب السوري كلّه من تدمير وقتل منهجي على مرأى كل العالم الذي يقف عاجزاً أمام هذه الجرائم البشعة". وأشار الشيخ فارس إلى أن موقع السفير هو موقع متقدّم، وهو يمثّل رئيس البلاد في الدولة التي هو فيها، ولديه خبرة وعلاقات، وبالتالي انشقاق أي سفير يكون له أثر كبير. وعن قوّة النظام السوري، قال الشيخ فارس: "البنية الأمنيّة والعسكريّة هي التي يمكلها النظام السوري وهو لا يمتلك أيّ بنية شعبيّة في الطوائف على اختلافها"، وسأل: : "لكن إلى متى يستطيع الجيش البقاء متماسكًا؟ لقد بدأت الانشقاقات تنهك الجيش وكذلك الأجهزة الأمنيّة". ويخصوص مقاربة النظام السروي بالنظام الليبي السابق بقيادة العقيد معمّر القذّافي، قال: "النظام الليبي مختلف عن النظام السوري بكثير من أمور، والظروف الدولية التي أحاطت بالثورة الليبية مختلفة عما يحصل مع سوريا، فالمجتمع الدولي تدخّل فوراً في ليبيا ما أعطى دفعاً كبيراً للثورة الليبيّة، فيما الوضع السوري مختلف، الانشقاقات ستحصل وقد بدأت وهي تؤثر بشكل كبير، لكن المعوّل عليه هو الشعب السوري، الذي منذ اليوم الأوّل اعتمد على الله وعلى نفسه فقط ورفع ذلك شعاراً منذ اليوم الأوّل لأنه يدرك أنّ النظام لن يُقدّم أيّ تنازل مهما تحدث المجتمع الدولي عن مبادرات ومؤتمرات". وتوجّه السفير السوري المنشق إلى رئيس الوزراء العراقي، وقال: "أذكّر نوري المالكي وأقول له أنت تعرف تمامًا ماذا فعل الأسد بالشعب العراقي وأجهزتك الأمنيّة تعرف تمامًا أنّ آلاف العراقيّين قتلوا على يد الأسد، وكل القوى السياسية العراقية تعرف ذلك، ولدي بالتالي عتب كبير من موقف المالكي الذي يتناقض من وقائع الأمور، فهو يعرف تمامًا ماذا فعل بشار السد به هو وبالأخوة الشيعة، فقد قتل الآلاف بالتفجيرات وعبر تنظيم "القاعدة"، فبشار الأسد فتح الأبواب لقتل الشعب العراقي وعقد اتفاقات شرف مع "القاعدة" في هذا الخصوص". واعتبر الشيخ فارس أنّ "انتصار الثورة السورية سيكون بإرادة الشعب والتاريخ بليغ في دورسه في هذا المجال، وعملياً لا خارطة طريق للحل بوجود نظام بشار السد، لأنّ أيّ خطة يُتّفق عليها دوليّة مستحيل أن ينفّذها لأنّه لن يرحل عن الكرسي إلا بالقوّة، والشعب السوري يدرك هذا الأمر، وإمكانيّاته كبيرة". وأضاف: "بشار الأسد الذي قتل ما لا يقل عن 30 ألف سوري حتى الآن وغيّب عشرات الآلاف وسجن مئات الألوف وهجّر الملايين بأي منطق يُفرض بقاء هذا المجرم بعد كل هذه المآسي التي لحقت كل بيت في سوريا، فبرحيل بشّار ممكن كل شيء لكن لا حل بوجوده". وختم الشيخ فارس بالقول: "الشعب السوري هو شعب حي وعدده 20 مليون وهو الذي أخذ حقوقه عبر التاريخ، فالحق يؤخذ بالقوّة ولا يعطى، وهذا الشعب أُثخن بالجراح ولن يستكين مهما كلف الأمر".