عقد المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرياض ملتقاه الدوري للأدباء الشباب لشهر ربيع الآخر 1431ه, إذ قدم فيه سبعة نصوص , وقد قرأها نقديا الدكتور حسين علي محمد , والدكتور وليد قصّاب الأستاذان بجامعة الإمام , وحضره نخبة من الأدباء والشباب والمثقفين وعدد من وسائل الإعلام. عائد إلى الوطن جاءت قصيدة عبد المنعم عيسى الحاج جاسم (عائد إلى الوطن ) المهداة لسمو الأمير سلطان بن عبد العزيز وليّ العهد السعودي حفظه الله معبّرة عن عودته الميمونة إلى أرض الحرمين الشريفين بعد أن شفاه الله , وهي قصيدة تميزت بأصالتها , وصورها الشعرية المحلقة , وعاطفتها الجياشة , وهي كذلك من أجود ما قدم في هذا الملتقى إذ شدا مخاطبا سموّه : قلبي فدا القلب الذي يرعاكا ومنى فؤادي أن يكون فداكا لو قلت لي : هات الفؤاد , وهبته فرحا , كأنك قائل لي : هاكا للمجد يجتهد الرجال وقلّما والمجدُ يجهدُ أن يطال علاكا أما شاعرنا المبدع محمد عبد الله عبد الباري فقد أمتع الحضور بقصيدته المتألقة (ذكريات من النيل) والتي تقطر عذوبة وسلاسة ودفئا عاطفيا, إذ يغدو إلى النيل يحاوره من خلال سحر المحبوبة وذكرياتها وطيفها, فيقول ملتاعا شجيا : ذكرتك والنيل في مسمعيا يرجع لحنا شجيا شجيّا وللنيل سحر إذا ما همى يذكرني سحرك البابليا لمحتك في رعشة الماء في نسيم الصبا وائتلاق الثّريا فيظل الوطن هاجسا ونافذة عند الشعراء الشباب , فهذا الشاعر إبراهيم محمد العنزي في قصيدته (رباعيات غريب ) يمضي إلى الوطن الحبيب بعد غربة جسدية روحية , فيشعل فينا المنافي والجراح بلغة وجدانية شعرية تبحر بنا إلى شواطئ الحرية إذ نصغي له : في غربة جسدية روحية لا شيء ينهيها سوى موت الغريب ذاك الذي بالشعر يبحر خلسة من شاطئ المنفى إلى الوطن الحبيب وتأتي قصيدة المهندس الشاعر مؤيد حجازي (رحلة ضدين ) مترعة بالمفارقات , والمغامرات , والصور اللغوية , والصور الموحية ,وقد مازج بين شعر التفعيلة والشعر العمودي , وتعدّ القصيدة من أجمل ما قرأنا إذ يقول : وأبحر فوق الجراح أجدّف أقطع نزفا فأبصر.. نزفاً وأحمل في الفلك ضدين مني فأرجو النجاة وأخشى الغرق حياتي .. وموتي كلامي.. وصمتي وحبي.. ومقتي وأخيرا تألق الفتى أحمد أيمن ذو الغنى بإلقاء قصيدة زاخرة بالحكمة والقيم السامية للشاعر الكبير المتنبي بصوت ندي عذب. ذبول الألق أما في مجال النثر فألقى الكاتب يس عبد الوهاب قصة قصيرة بعنوان (فك الارتباط) وقد نزفت من معاناة أهلنا في فلسطين , واحتدمت فيها الأحداث لتمضي بنا من شجن إلى شجن, ولم يغادر صورة الواقعية النازفة بالألم. ويأسرنا الكاتب المبدع أيمن أحمد ذو الغنى بإلقائه المتميز في نصّ ( ذبول الألق) وهي مقالة أدبية محلقة في صورها ولغتها وجرسها الإيقاعي , تتحدث عن رثاء فتاة كانت زهرة شذيّة متفتحة ولكن أطفأها شاب غرّ أحمق حين طلّقها فذبل ألقها. وختم اللقاء الأديب الدكتور وليد قصّاب بقصته (الوهم) التي ألحت على الماضي بلغة فنية راقية , وتصوير جميل للعلاقة الزوجية المشبعة بهموم العصر وأشجانه الضاربة في الأعماق.