تمثل القرى التراثية أهمية كبرى من ناحية أنها احد أهم الموارد الرئيسة للسياحة الثقافية، ومورد اقتصادي مهم تعتمد عليه المجتمعات المحلية.وعلى الرغم مما تملكه المملكة العربية السعودية من قرى ومبان تراثية متميزة وقابلة للتنمية، إلا أن ضعف الوعي بأهميتها وعدم التركيز على تنميتها، أدى إلى عدم الاستفادة منها، وفقدها في كثير من الأحيان، كما تعد السياحة وسيلة مهمة لتفعيل النشاط الاقتصادي في القرى التراثية وخصوصاً تلك القريبة من مراكز تجمع السياح . وقد أكدت استطلاعات التجارب الدولية ما تمثلة القرى التراثية من أهمية كوعاء لإقامة الفعاليات الثقافية والتراثية، وكونها مكانا مناسبا لتشجيع سكان القرية والقرى المجاورة على مزاولة وإنتاج وتسويق المنتجات الزراعية والمأكولات المحلية والصناعات الحرفية التي يطلبها زوار القرية من المتسوقين والسياح، بالإضافة إلى أن قلة وجود التمويل والدعم اللازم لبناء الخدمات الأساسية التي تنمي القرى تعد من أهم عوائق عدم الاستفادة منها. ولاشك أن الاهتمام في تنمية القرى التراثية يسهم في استدامة التنمية والتشجيع على إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يعود بالنفع على السكان والمستثمرين، ولكن مع توفر الخدمات الأساسية اللازمة في القرى والبلدات التراثية فان ذلك يشجع السياح ويسهم في قضاء جزء من برنامجهم السياحي داخل هذه القرى، مما يعود بالفائدة الكبرى على السكان المحليين، ويشجع الأسر على العمل في إنتاج متطلبات السائح. ويعمل مشروع تنمية القرى التراثية الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والآثار على تأهيل القرى التراثية وتنميتها اقتصاديا وعمرانيا وثقافيا بأسلوب مستديم يحافظ على تراثها، ويجعلها مورداً اقتصادياً للسكان المحليين ومصدراً لفرص العمل، ووعاء لنشاطات الحرف اليدوية والفعاليات التراثية، فيما يهدف إلى إيجاد فرص عمل جديدة لفئات المجتمع المحلي، وزيادة دخل المجتمعات المحلية وزيادة معدلات الإنفاق الداخلي، والمساهمة في مكافحة الفقر في المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى تنمية الوعي والتكافل الاجتماعي بين أهالي القرية، والمحافظة على استمرارية الهوية التراثية العمرانية، والاستفادة من السياحة كوسيلة لتفعيل النشاط الاقتصادي في القرى والبلدات التراثية، وكذلك الاستثمار في مشاريع مستدامة تعود بالفائدة على المجتمع المحلي والأسر المحتاجة. ويسعى البرنامج إلى زيادة تشغيل الخدمات المساندة مثل الفنادق، الشقق المفروشة، المطاعم، النقل، والمساهمة في الحد من هجرة السكان المحليين إلى المدن الرئيسة وتحقيق التوازن التنموي، وإحياء الحرف والصناعات التقليدية والتراث غير المادي الذي كان سائداً في القرى، وكذلك إشراك الأهالي في إعادة تأهيل القرى وتنميتها بما يعود عليهم بالمنفعة، وتشجيع المستثمرين على الاستثمار في القرى. ويوفر البرنامج وسائل تمويل تتمثل في قيام الدولة بالاستثمار المباشر في تلك القرى لفترة زمنية محدودة، وذلك من خلال تنمية نماذج ناجحة من القرى واستثمارها اقتصاديا، مما سيؤدى بالتالي إلى إيجاد تجارب ناجحة يقتدي بها الآخرون من السكان المحليين والمستثمرين، وتأسيس شراكات استثمارية تتولى تطوير مشاريع القرى التراثية، وإيجاد صندوق لتنمية القرى التراثية، في حين يهدف هذا الصندوق إلى توفير مورد مالي يساهم في تنمية هذه القرى وإنشاء الخدمات التي تشجع على الاستثمار فيها. وكانت الهيئة قد أعلنت خلال أطلاقها المرحلة الأولى من المشروع عن تأسيس مشروع تنمية القرى التراثية في المملكة، وذلك بغرض إيجاد مورد مالي يسهم في تنمية المجتمعات المحلية في المحافظات والمدن والقرى لتقوية روح التكافل بين أفرادها. وأكدت الهيئة على أهمية القرى التراثية كوعاء لإقامة الفعاليات الثقافية والتراثية، وذلك من خلال استطلاعها لعدد من التجارب العالمية التراثية.