يظل الإرث الإنساني يمثل أهم عوامل الارتكاز والصمود لكل أمة حية صنعت تراثاً مميزاً يدل على عمقها الحضاري وهنا لا ينبغي تجاهل أو اهمال تراث الأمة مهما كان حجمه في ذاكرة الإنسان والمهم تضافر جميع الجهود المشتركة لتفعيل الدور المطلوب من أجل اثبات الوجود عن طريق إيجاد ما يبدد معضلة اهمال التراث على مختلف ألوانه والعمل على صياغة آليات قوية تعجل في تسجيل ما يوجد من تراث شعبي يحفظه كبار السن لذلك علينا تدارك الوضع والاستفادة من عنصر الزمن حتى لا يضيع هذا التراث بغياب حفاظه عن الحياة ولاتزال الآمال موجودة من أجل الشروع الان بحهد جماعي متكامل يجسد حرص الأمة على تراثها في المدن والقرى والمراكز الحضارية وتجميع هذا التراث وتصنيفه بشكل علمي منهجي تستفيد منه الأجيال القادمة وكذلك الباحثون والمهتمون بالتراث الوطني وبالتالي الإنساني بشموليته وعلى ذكر الباحثين والمهتمين بالتراث الوطني وبالتالي الإنساني لا تزال لهم بصمات موجودة لحفظ تراث الأجداد ونذكر منهم اليوم السيد عباس بن علوي المالكي الذي صدر له أخيراً كتاب قيم في تراث مكةالمكرمة يستحق هذا الكتاب الاحتفاء والاشادة لكونه اضافة جديدة في التراث الشعبي والموروث الثمين يقع الكتاب في 154 صفحة اسمه هكذا كانوا قدم له علماء كبار أمثال معالي الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور أنور عشقي والدكتور سليمان مالكي والدكتور محمد علوي المالكي شقيق المؤلف وتجدر الاشارة بأن أسرة المالكي السادة بيت علم ومنبت طيب لهم أمجاد علمية ممتدة منذ قرون في الحجاز وقد أعجب العلماء الذين قدموا لهذا الكتاب بحسن اختيار المؤلف لهذا الموضوع الهام وما ورد فيه من مادة منتقاة بعناية تعطي في مجملها ما يلبي رغبة المتلقي اضافة إلى أنها كنوز تراثية علينا حفظها من الضياع وقد أجاد السيد عباس مالكي في تقديم هذه المادة المطلوبة لتصبح اضافة متميزة وفريدة في سجل تاريخنا العام الذي يشكل مؤشرات حية تدل على العقلية الذهنية المتفتحة والراقية لدى الانسان الحجازي في ماضيه وحاضره وقد نفض المؤلف غبار السنين الخوالي عن مفردات ومكونات حضارية تدل على الخصوصية والهوية لعلها تكون معطى شمولياً لكل مناطق المملكة الحبيبة بحيث يجتهد أبناء كل بقعة في بلادي لديهم القدرة على التأليف والجمع من أجل تشكيل منظومة تراثية موحدة تسهم في اظهار الوجه المشرق لماضي هذه الأمة كما عمل ابن مكة البار المالكي ونصل بذلك إلى تحديد حسن المسيرة وسلامة الخطوات نحو التعايش مع مبدأ العولمة القادم إلينا الآن بقوة والتراث لكل أمة هو الوحيد الذي عن طريقه يمكن بقاء هذه الأمة في الذاكرة الإنسانية ويحميها من الاندثار والذوبان وهذا ما حاول المؤلف الكريم تجسيده على أرضية الواقع عندما حفظ بعض تراث العاصمة المقدسة وأتمنى باخلاص استكمال بعض عناصر هذا التراث المكي وغيره على كامل مساحة الوطن الغالي بهدف رسم خريطة الهوية والخصوصية الوطنية ضمن ثوابت راسخة في وجدان وضمير الغيورين والمدركين لأهمية التراث الوطني كما فعل السيد عباس المالكي من خلال ما بذله في مؤلفه هذا الجدير بالاهتمام والعناية (هكذا كانوا) والذي يعد مفخرة لكل محب ومخلص لوطنه فقد اشتمل المؤلف على سهولة الطرح عبر مضامين التأليف المقبول وإجادة في إيراد المعلومات بلغة جيدة تؤشر إلى تمرس المؤلف في المتابعة الجادة للمعرفة من مختلف مظانها ومصادرها وبذلك نجده يرتكز على إرث علمي ظهر في سفره هذا القيم أرجو أن يتبعه قريبا بغيره وفي نفس الموضوع بهدف التواصل المفيد مع ما ينفع الجميع ووصل كامل الحلقات ببعضها البعض.