وطن وهب لنا من مالك الكون , إله العالمين احتوته واحتضنته أفضل وأطهر بقاع الأرض وأعزها للمولى العظيم والتي هي بلده المحرم والبيت العتيق , وبأمره وعزته شيد وجعل وكان عليها البيت المعمور , والبلد الآمن . والمدينة المقدسة بها الكعبة المشرفة , قبلة المسلمين والعابدين والمؤمنين والموحدين ولخالقهم راكعين ساجدين وحول الكعبة الغراء طائفين. ومن ماء زمزم المبارك يرتوون , وحمام الحمى طائراً ومرفرفاً ساكناً آمناً يرحب بضيوف الرحمن الوافدين والملبين لدعوة سيدنا النبي إبراهيم عليه السلام ومن كل صوب على هذا الكون قادمين. وطننا ولد وبعث منه إمام المرسلين سيدي وقرة عيني محمد صلى الله عليه وسلم منادياً لعبادة الواحد الاحد الذى لا شريك ولا ند له وليخرج الأمم والبشرية من الذل والقهر والجهل للنور والهدى. وطن مهبط الوحي ومنبع الحضارة ومنبرها فارتقت وعلت وتوشحت بكل مفاهيم الشموخ والعز وميزت ووصفت وكنيت وسميت وافتخرت وأصبحت المعلم والكينونة لأمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم تدين وتحكم وتطبق شرع ودستور الإسلام دين الله الذي ارتضاه لأخير وأجل خلقه وأحبهم له سبحانه وتعالى. وطني قلوب المؤمنين وسكنهم وأعينهم تسر بمناظرته وأفواههم بالدعاء له تذكره , شمسه شروقاً وغروباً تسيرهم وتوجههم ولصدوح صوت الحق الله اكبر أمانهم وطمأنينتهم. كل غريب زائر أو وافد نال الشرف الرفيع بالقدوم إليه فهو يستشعر بعشق ملهم يدنيه منه ولاجله ودع أهله وترك ماله فداء له وحل ضيفاً على مولاه فيه وكان أمله ومناه ومخلد جوارحه واستقرار نفسه وهدوء اعصابه وراحته. وطن حضن أمة خيار العالمين وأكرمهم , ولد النور وتبدد الظلام فوق أرضه , ووئد الجور والتفرق والتشتت , فلا فضلاً أو تعالياً لإنسان على آخر , هم اسوياء انهم رحماء فيما بينهم واخوان في دينهم وصفاً واحداً يشد بعضهم بعضاً. والمخلصون الأقدمون صاغوا وسطروا الامجاد لهذا الوطن , والتابعون الأوفياء حموه وذادوا عنه بدمائهم فكان عزهم , فشمخ هذا الوطن وأثلج الصدور فهنيئاً لكل فرد مؤمن بالعيش على ترابه.