ربما يكون أول ما يخطر في ذهن أي شخص عند الحديث عن مجتمع مكةالمكرمة هو حجم الترابط والتآخي الذي يسود ذلك المجتمع , فمجتمع مكةالمكرمة كان ولا يزال مثالا رائعا لمعنى التلاحم والتواصل في المجتمع الذي يعكس صورة متحضرة وراقية للمجتمع المتقدم , وقد يكون سبب هذا الارتباط الوثيق بين أبناء مكةالمكرمة يعود إلى تشابه الأعمال بين أغلب الأسر المكية, فوجود الحرم المكي الشريف وتسببه في نشاط الحركة التجارية في مكةالمكرمة على مدار العام جعل الكثير من أهالي المنطقة يمتهنون التجارة في حين اتجه الجزء الآخر منهم إلى العمل في الطوافة وخدمة حجاج بيت الله الحرام وهي المهنة التي يفتخر أهل مكةالمكرمة حتى الآن بالعمل فيها , ورغم دخول الحداثة والتطور إلى المجتمع السعودي وإسهامها بشكل كبير في إضعاف التواصل الاجتماعي بين الأفراد إلا أن المجتمع المكي ظل متماسكا كما كان ولم يتأثر بما تأثرت به المجتمعات الأخرى , وربما تكون الغرفة التجارية بمكةالمكرمة إحدى أهم الأمثلة التي يمكن الاستناد عليها للاستدلال على قوة الترابط بين أبناء المجتمع المكي , فرغم كل المشاكل والخلافات التي تحصل باستمرار داخل أروقة الغرفة التجارية إلا أن رجالات الغرفة كانوا دائما ما يحاولون حل تلك الخلافات فيما بينهم دون وصول الأمر لوسائل الاعلام أو الجهات المختصة , لكن ما حدث في الآونة الاخيرة في غرفة مكةالمكرمة خرج عن ذلك العرف المكي لتتحول مشاكل الغرفة التجارية في مكة إلى حديث المقاهي والمجالس في مكةالمكرمة , قد نشرت إحدى الصحف المحلية خبرا مفاده بأن الغرفة التجارية استعانت بالجهات الأمنية من أجل منع مساعد الأمين العام من الدخول إلى مبنى الغرفة , وبغض النظر عن السبب وراء قيام الأمانة العامة بالغرفة باتخاذ هذا الاجراء إلا أن وصول الأمور الى هذا المنحنى الخطر في غرفة مكة سيعكس صورة سلبية للغاية عن الترابط والتماسك الذي اشتهر به المجتمع المكي. ولكن إن كانت الأمانة العامة لغرفة مكة غير قادرة على ترتيب أوراقها وتنظيم نفسها أمام المشاكل الداخلية التي تواجهها فكيف ستستطيع خدمة تجّار مكةالمكرمة ؟ لا أقصد في حديثي هذا التقليل من شأن مجلس إدارة الغرفة والذي صرح مرارا بأنه لا يتدخل في عمل الأمانة ولكن كل ما على المجلس أن يتدخل لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من مشاكل تواجه الأمانة العامة عوضا عن مشاهدة مشاكل الغرفة في العناوين الرئيسية للصحف. والله من وراء القصد