جاءت جميع تقارير كل من منظمة حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية وآراء المحكمة الجنائية لجرائم الحرب تؤكد ان الذي يجرى ويرتكب على الأراضي السورية انما هي جريمة مع سبق الاصرار والترصد تسانده وتشجعه على ارتكاب هذه الجرائم ضد الانسانية التأييد الكامل من قبل روسيا والصين. فنزيف الدم السوري الذي يسيل ويغرق الأرض السورية لم يحرك ساكناً في عقول وضمائر الكرملين خاصة، بل انها وصفته عملاً ارهابياً من الخارج وليس من قبل النظام السوري. ان تصاريح موسكو المستمرة والمتعددة منذ اندلاع الثورة السورية تشوبها الانانية وهي صفة ممقوتة لا تتفق وصحيح الدين والخلق الكريم، فاستهانت بأرواح ابرياء تزهق، وتتغاضى عن دماء تهدر بلا ذنب ارتكبه أصحابها ولا تدافع عن قتل عشوائي ولا عن انفجارات عمياء.. ولكن موسكو تؤيده وتسانده. ان الثمن الفادح الذي يدفعه الشعب السوري المناضل هو النصر في النهاية، فالروس للأسف.. انهم لا يقرأون التاريخ، فالحرية لن تموت وليس بمقدور موسكو وغيرها من الدول مهما امتلكت من براعة الكذب والتضليل ان تواري عليها التراب او ان تدفنها في غياهب النسيان خصوصاً اذا كانت في حجم وبشاعة ودناءة جريمة القرصنة والعربدة التي يقوم بها نظام الاسد بمؤازرة موسكو. الى أي مدى سوف تصل موسكو بموقفها من جرائم الاسد ضد الانسانية التي ترتكب ضد الشعب السوري المناضل يومياً، لقد قال الله سبحانه وتعالى عن الموقف الروسي وتأييده وتشجيعه للاسد في ارتكاب المزيد من جرائم الابادة ضد الانسانية في الأرض السورية غامضاً عينيه عن القتلى والجرحى المتزايد عددهم ليصل حتى الآن الى أكثر من (19.000) نسمة. لقد وصف عز وجل الموقف الروسي المتخاذل المشجع على القتل والاجرام فقال تعالى : (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) (الأعراف : 79) ثم تأتي الآية الثانية فيقول سبحانه : (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل أدعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون) (الأعراف : 195) وتمضي الآيات الكريمة فنرى وصف الله سبحانه لموقف روسيا من الجرائم ضد الانسانية ضد الشعب السوري فيقول تعالى : (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (الحج: 46) ان روسيا تستثمر الازمة السورية مُدعية انها تدافع عن سيادة الدولة السورية بينما تقف مساندة للإرهاب الاسدي على الابادة البشرية للأمة السورية، ولكن الله سبحانه وتعالى كشف سوء نية الروس وفضح ادعاءاتهم بحماية سوريا.. فقال تعالى: (واذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) (المنافقون : 4). ان الآيات القرآنية الكريمة تبين ان تلاعب روسيا بالازمة السورية وتشجيعها لطاغية الشام بالاستمرار في عملية ابادة الشعب السوري قد اتخذتها ذريعة لتحقيق اهداف ابعد من قضية شعب يريد حريته وتحريره من قبضة الديكتاتور، واحياناً تكون متعارضة معها، ولكن ما يحدث اليوم باسم (سيادة الدولة) يمثل نقلة نوعية في آليات التلاعب الروسي بمصير الامة السورية العزيزة والغالية. لذلك نرى روسيا قد اغمضت عيونها عن المجازر التي يرتكبها الاسد وسجلتها ضده هيئات حقوقية دولية، وسدت اذنيها لكيلا تسمع صراخ الأطفال والنساء وهم ينادون العالم لاغاثتهم من براثن اكبر مجرم في العالم اليوم، كما ان روسيا مشت برجليها عكس الاتجاه المؤيد للشعب السوري لكيلا لا تسمع الحوارات والمجادلات من قبل الدول اصدقاء الشعب السوري، واطلقت بالونات اختبار سطوتها وقوتها ضد الشعب السوري المناضل. لعب بين موسكووبكين فأصبحت روسيا لا تريد ان ترى، ولا تريد ان تسمع ولا تريد ان تشارك في مؤتمرات الدول اصدقاء الشعب السوري، علماً بانها تعلم وعن يقين ان هناك ابرياء ولكن ضحايا مواقفها المتناقضة مع مفهوم ومبادىء حقوق الانسان. ان قيام روسيا بقفل جميع قنوات السمع والرؤية والجري في المشاركات من أجل حماية الشعب السوري انما كان قصده استثمار الازمة السورية لصالحها حتى ولو كان ذلك مخالفاً للأنظمة الدولية والتشريعات الحقوقية، ادى الى بزوغ هلوسة وهذيان بل ان المحلل الجاد يراه مجرد تخلف عقلي للمجموعة التي تدير الدور الروسي في الازمة السورية والذين على ما يبدو لا يعيشون في عالم الانسانية المتحضرة التي تحمي الانسان من اخيه الانسان بل والاصح من ممارسات اباطرة الديكتاتوريات، او انهم اصيبوا بنوع غريب من الفيروسات التي أعمتهم فلا يبصرون الحقائق على أرض الواقع ومحت ذاكرتهم تماماً من مفهوم العدالة الكونية وهو أخطر مرض يمكن ان يصيب المشتغلين بالسياسية والدبلوماسية ويصبحوا بذلك كأنهم خُشب مسندة. اذن الى متى تتحمل روسيا رفض العالم لسياستها تجاه الشعب السوري بعنادها وتصديها لإسقاط النظام وازالة الاسد واعوانه، ان ما تشهده الأرض السورية من غضب وثورة ينذر بانفجار دموي يؤكد ما سبق ان حذرت الدول والمنظمات الاممية من حدوثه نتيجة الاحباط واليأس اللذين بدآ يصيبان ملايين السوريين من الموقف الروسي ضد تحريرهم ومؤازرتهم ضد طاغية الشام. ومع تفاقم وتردي السياسة الروسية تجاه الشعب السوري المناضل وتساقط مئات الضحايا من الأبرياء من الشعب السوري اعود لأقول الى متى سوف يستمر تحدي موسكو للعالم الرافض لسياستها القائمة على دعم طاغية الشام وتزويده بالاسلحة والذخائر واغتيال حقوق الشعب السوري المكافح المشروعة ومنها حقه في تقرير مصيره. لقد اصبح واضحاً ان الاستراتيجية الروسية التي تقوم على لا أرى لا أسمع لا اشارك حيث ادارت موسكو بكل الصلف والغرور ظهرها لمبدأ حق تقرير المصير للشعب السوري وبدأت تناور مع طهرانوبكين للوقوف بصرامة مع قاتل الحرية ومرتكب جرائم ضد الانسانية في سوريا وهو الأمر الذي يؤدي الى ابادة شعب بكامله. حقيقة ان الصورة قاتمة بما يعكسه مبدأ لا ارى، لا اسمع لا أعقل لا اشارك على مجريات النضال السوري سيؤدي الى تدهور الاوضاع في منطقة الشرق الأوسط برمتها، بل ان هذا الموقف الروسي بدأ يمثل ضربة لمكانة موسكو ومصالحها في العالم العربي. لذلك اقول وبكل دقة وموضوعية ان موسكو عليها ان تفتح النوافذ لترى، وان تصغى لتسمع وان تمشي بل تركض لتشارك في مؤتمرات اصدقاء الشعب السوري بدلاً من اللف والدوران مع بكينوطهران، وان تمنح عملية تحرير الشعب السوري وتقرير مصيره وتجنيبه ويلات الابادة، وذلك اذا توقفت عن العبث بقرارات الشرعية الدولية واحترمت اتفاقيات حقوق الانسان ومبدأ حق تقرير المصير وتخلت عن تأويلاتها وتفسيراتها العجيبة التي تريد من خلالها دعم الظالم ضد المظلوم وان تضع اهدافها ومقاصدها وحدها دون النظر الى اهداف ومقاصد الشعب السوري المناضل والدول المساندة له التي تتحصن بحقوق مشروعه وفق القانون الدولي. خلاصة القول ان مجرد ارتفاع الأصوات وتحرك المنظمات الدولية مطالبة بالعمل على دعم الشعب السوري في نضاله وانقاده من الطريق المسدود التي تتبعه موسكو وهو لا ارى، لا أسمع، لا أركض أو أمشي للمشاركة في اللقاءات الدولية مع الدول الصديقة للشعب السوري. في ظل غرور القوى بمثلث لا أرى، لا أسمع، لا أتحرك الذي يحكم السلوك الروسي ويجعله أشبه بحصان جامع لا يقدر أحد على ترويضه لكن سوريا بشعبها ستظل حية وباقية ولو كره الروس.