من مهام السياسي الدبلوماسي عند التعرض لأي قضية بالتعليق أو التحليل ضرورة الرجوع الى الدلائل وما تشهده الساحة السياسية والاجتماعية من ممارسات وأحداث تخدم ما يسعى اليه. يأتي مقالي الى ما صرح به وزير خارجية روسيا بأنه يدعو الدول التي تملك نفوذاً على المعارضة السورية الى حضور اجتماع يتم فيه التوصل الى اتفاق على تأييد خطة السلام لمبعوث الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان الى سوريا ويتكون هذا الاجتماع من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الاقليمية الرئيسية وتركيا وايران. حقاً امر مدهش ان تعارض روسيا حق الشعب السوري في مقاومة الاسرة الاسدية.. يبدو ان التسليم امر يصعب على موسكووبكين لدرجة لا يطيقان معه قبول تطلعات الشعب السوري ونضاله الذي أيدته شعوب العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان الدولي. التلاعب بقضية الشعب السوري المناضل له جذوره، فلقد اتخذتها دول وحركات سياسية ذريعة لتحقيق أهداف ابعد من القضية نفسها، واحياناً تكون متعارضة معها، ولكن تصريح وزير خارجية روسيا يمثل نقلة نوعية في آليات المتلاعبين بها وبمصير شعبها. فالقضية السورية مع هذه الآليات الجديدة لكل من روسيا والصين وبينهما ايران تهدد بحرب أهلية في سوريا لابادة الشعب السوري على ايدي روسياوايران والصين منفردين تارة، ويتنسيق كامل بينهما تارة أخرى محققين بذلك استمرار نظام طاغية الشام في ارتكاب جرائم انسانية ضد الشعب السوري المناضل. وتتزامن آليات التلاعب الروسي الصيني الايراني مع تنامي الشعور الانساني الدولي لدعم الشعب السوري في نضاله لتحريره من قبضة طاغية الشام، المطالبة بالسلام على الأرض السورية وأمن الأمة السورية في نضالها بالعقوبات، لأن سلام الانسانية السورية هو ما تنشده البشرية في أحلامها والذي كتبه الاباء الأوائل للأمم المتحدة في الميثاق الأممي، والذي يمكن للاسرة الدولية الوصول اليه على أرض الواقع. لذلك اقول وانا اقرأ تصريح وزير خارجية روسيا ان أتساءل هل ما طرحه الوزير الروسي يمثل فعلاً وساطة.. ام انه انحياز؟ وبكل موضوعية وجدية أقول ان للوساطة اصولاً ونجاحها يستلزم توفر خمسة شروط رئيسية وهذه الشروط هي: 1 التخلص تماماً من روح الانحياز والتصلب والالتزام الشديد بالمبادىء التي تحكم المنازعات مثل اتفاقية حقوق مبادىء الانسان الدولية، أي أن يكون الوسيط عملياً ومرناً. 2 ضرورة تحديد اهداف الوساطة في اطار المصلحة لأطراف النزاع مع الأخذ في الاعتبار متطلبات دعم الامن الدولي. 3 اهمية النظرة الى المسرح السياسي من وجهة الأطراف المتنازعة، أي الاخذ في الاعتبار تطلعاتهم واتجاهاتهم. 4 توفر الرغبة في بذل الجهود الدبلوماسية في توازن كامل للتوصل الى حل وسط حول كل القضايا. 5 العمل من قبل الوسيط لتلافي التورط في مركز لا يساعد في حل النزاع. لكن على عكس ما ذكر فاجأت موسكو المجتمع الدولي بأسره بموقف جانبه الصواب، وتناقض مع القواعد الذهبية للوساطة خاصة تهديدها باستخدام الفيتو ضد أي قرار دولي يدين نظام طاغية الشام. هذا الموقف الروسي والذي تؤيده كل من الصين وايران أثار المخاوف لدى الشعب السوري المناضل الابي ومعه المجتمع الانساني الدولي بأسره كما عكسته قرارات كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان الدولي من بياناتها المستقبلية التي لا تدعم الشعب السوري المناضل في حقوقه الانسانية. لذلك اقول انه اسلوب مدهش ان تعارض موسكووبكين صدور قرار من مجلس الامن يدين طاغية الشام.. ويبدو ان التسليم بذلك أمر يصعب على موسكو ومعها بكين لدرجة لا تطيق معه عرض الموضوع علي مجلس الامن لادانة نظام الاسد، ونراها في تحركاتها بدلا من ذلك تفضل ان تشارك في الوساطة للازمة السورية بتصريحات ورحلات مكوكية للرئيس الروسي الى الصين ووزير خارجيته الى دول العالم لجبر الخواطر بوساطاتهم كما يقولون. لذلك اقول انه اذا كان التاريخ لا يكرر نفسه فانه يظل معلماً فمن دقائقه ونتائجه يمكن استخلاص الدروس التي لا تصاب بالصدأ وانما يظل بريق فوائدها لامعاً مثل الذهب، ان من يقرأ وقائع التاريخ سوف يجد ان بعض الدول لا تستدل على الطريق الصحيح، الا بعد ان تتعثر خطاها على الطريق الخطأ مثل التجارب الروسية وخاصة في ابادتها للشعب الشيشاني.. وبعض الدول تأخذ وقتاً طويلاً حتى تتعلم من تجاربها وتستوعب تجارب الآخرين. وفي هذا المجال نجد ان ما طرحه وزير خارجية روسيا والذي يعكس أسلوب موسكو في التعامل مع القضية السورية او بالأصح والادق بحقوق الشعب السوري في التحرر من قبضة طاغية الشام، حيث تبدو الحيدة مفقودة والانحياز صارخاً. وبكل موضوعية وشفافية ان روسيا والصين وبينهما ايران يستخدمون ازمة الشعب المناضل عن حقوقه المشروعة مطية رخيصة ويفرغونها من أشرف معانيها باعتبارها حقاً لكل مواطن سوري مناضل وقضية عدل يقف العالم كله الآن متهماً طاغية الشام بارتكاب جرائم انسانية ضد الامة السورية واستخدام الجبروت، وتطالب نظام اسد دمشق باحترام الشرعية الدولية وحقوق الانسان للشعب السوري. ان الدور الروسي يريد ان ينقل روح الازمة السورية الى خانة الجماعات الارهابية والمتطرفة التي تتلاعب بالاديان والسياسات والقضايا المشروعة مقابل استحقاقات رخيصة.. نعم موسكو تنقلها الى خانة جديدة، والأخطر انها أي موسكو تهاجم أصحاب القدرة والرؤية حول العالم بأسره ومن خلال المحافل الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان الدولي اللذين لا يتوقفان عن دعم الشعب السوري في نضاله ضد طاغية دمشق في المحافل الدولية وعلى كل صعيد. وهكذا تلاقت ارادة موسكووبكينوايران على الوصول بالقضية السورية ومطالبة الشعب السوري المناضل بحقوقه وازالة طاغية دمشق الى أكثر أوضاعها قوة وتزايد دعم المجتمع الدولي لها. في اطار هذه السياسة الروسية ومعها بكين وطهران تجد انهم لا يرون حلاً لازمة الشعب السوري المناضل، ولا تريد حلاً للقضية برمتها، لتظل بؤرة مشتعلة تتسلل منها موسكووبكينوايران الى المنطقة، متوهمة انها خطوة تقربها من منافسة النفوذ الامريكي الغربي، وكذلك تبديد المواقف العربية الداعمة للشعب السوري الأبي. ذلك هو اجتهادي .. وكل اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب في آن واحد.. المهم الا نستسلم لهذا الانحياز الروسي الصيني الايراني لطاغية دمشق ونتصور انه قدر لا يرد، وانما علينا ان نسعى مع الشعب السوري الابي ونستخدم (عولمة العدالة) التي ازاحت القيود الزمانية والمكانية، فرأيناها واضحة في سياسات منظمة التجارة العالمية التي اعطت الدول الحق في التقاضي امام محكمة العدل الدولية التابعة لها بشأن المنازعات التجارية مما ادى فعلاً الى تواصل بين الدول في مجال التجارة. لذلك علينا استخدام (عولمة العدالة) برسم خريطة طريق واعداد مرافعة كاملة متكاملة تأخذ في نظرها مسائل مختلفة مثل حرب الشيشان وحرب التبت في الصين. ودعونا ان نلعب مرافعاتنا بحرفية تامة ومتميزة لنؤكد لاعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان الدولي ان قضية الشعب السوري الابي المناضل للتحرير من طاغية دمشق وجرائمه ضد الانسانية لن تنتظر طويلاً في ظل سياسات موسكووبكين وطهران التي تعطي الضوء الأخضر لأسد دمشق بالاستمرار في جرائمة التي تقلع البشر والشجر والحجر ونجعل يوم تحرير الشعب السوري يوماً انسانياً دولياً، لان ذلك يعد ركناً أساسياً تعكسه ديباجة الميثاق الاممي وهو السلام الذي تنشده الشعوب حول العالم في حياة سعيدة مستقرة للأجيال القادمة.. وهكذا سيتحقق هدف الشعب السوري المناضل باسقاط طاغية الشام وبذلك ترسب روسيا في الامتحان .