الإبداع وفقا للتعريفات المُدْرَجَة له على الساحة العلمية والبحثية الحديثة المنشورة في الرسائل العلمية والقراءات الفكرية والفلسفية المتعددة، والتي يتم فيها عادة وبشكل مركز التوجيه نحو الهدف إلى غاية مبتغاه، والتي يراد لها أن تتقمص معنى الحراك الفكري والتحليلي والتقييمي للتغيير والإنتاج، نحو تثبيته فطريا في عمق النفس البشرية من أجل الذوبان المستمر فيه، إنما يتلخص في عدة معان تتأرجح ما بين؛ البساطة المباشرة في الوصول إلى المعنى وما بين شبه المعقد من وجهة النظر الفلسفية لِلُغَوِيَّاِته المستوحاة من قراءة السطور على هيئتها دون الدخول فيما بينها لغير المتعمقين من غير الباحثين. بل ما يعنيه الاتجاه الغالب لمعنى الإبداع المبسط والموجه للعامة كخيار مهم يحتضن النسبة العليا بين الشعوب، والمراد لها أن تندرج في غماره لتساهم ولو بالقليل الذي سيضاف على بعض، لينتج كمًّا من الإبداع الهجين المترابط أو الاعتمادي التراكمي الشامل المتعدد الرؤى؛ كما في الأدب والشعر والعلوم الطبيعية والاجتماعية وغيره الكثير مما له التأثير على مجريات الحركة التفاعلية في المجتمع الذي يبحث عن الإبداع ومخرجاته، فإنه في ذات السياق يُعَد هدفا ثمينا وشريفا يُراد له منطقيا واستراتيجيا أن يكون غير معقد وسلس في مسألة الاستيعاب والقبول السريع، ومشجع أيضا نحو الولوج الموثوق في عالم التغيير والتطوير المستمر، والذي بطبيعته المبلورة إبداعيا أن يترجم الأفكار إلى انجازات ذات قيمة معتبرة ومقدرة، من خلال فهم حقيقي واستيعابي لمعناه موثقا بسلسلة من الخطط والطرق والأنظمة الموضوعة والبرامج المساعدة لتحقيق مخرجاته، وتقييمها تباعا لإعادة صياغتها وتصحيحها للفوارق والأخطاء المتوقعة باتجاه التميز نحو الصدارة الإبداعية. الشواهد كثيرة وتُقَوِّمُها الأبحاث العلمية والتجارب العملية لإثبات معنى الإبداع بالإطلاع المعرفي الذي تخوض غماره النفس البشرية الواعية ويبرمجه العقل البشري في الذهنية التفكيرية المستمرة، والمستمد قوته من الغذاء الروحي للنفس البشرية التكاملية؛ في مفهوم حديث مرتبط بالذكاء الموجه للإبداع يخالف المعتقد القديم في برهنة التواصل ذي الاتجاهين بين العقل وبقية أعضاء الجسم المنشور في مجلة نيوساينتست New Scientist تحت “ Your clever body: Thinking from head to toe “ والمدعوم بمقطع فيلم “فيديو” يمثل الانخداع باليد المطاطة Rubber hand illusion، وفيه تأكيد صريح على وجود الكثير لدى النفس الإبداعية يفوق ما يحويه العقل لوحده، في تجسيد أهمية حركة الجسم التفاعلية التحليلية، من الحنكة والشطارة في التصرفات الحياتية والاجتماعية وصولا إلى القدرة الرياضية العلمية والتفكير التحليلي لاستخراج النتائج المتوخاة والمستهدفة الوصول. وللتلخيص في نظري واعتقادي؛ أن الإبداع مفهوم حيوي نابض يجسد معنى ديناميكا الحركة الفيزيائية في كينونتها ومحتواها ومغزاها المرتبط أيضا بالحركة التفاعلية الإنسانية، ومنه كما أشرنا سابقا يتبلور المعنى بوضوح في فلسفة التغيير والتطوير الذي تتطلبه المجتمعات الناضجة والمؤمنة بدوره المهم في نهضة الشعوب وازدهار مجتمعاتها، فحينما يصيب النفس البشرية في أعماقها الأمل ويستحثها التغيير بعد أن تصحو من غثيانها تارة ومن غيبوبتها المتقطعة تارة أخرى؛ فستبحث لها عن مخرج وستأخذ بعده طريقا لها وإن كان صعبا تَنْشَد إليه بشغف ورغبة، بعد أن تستلهم قوتها الإندفاعية الإبداعية من الغذاء الروحي الاستحثاثي المتواصل في توجه انتقالي مرحلي في عالم النشاط والحيوية والإنتاج. فما يدور في الساحة العملية والاقتصادية وحتى العلمية البحثية من منافسة وتحدٍّ كبير للظفر بمواقع الريادة والصدارة محليا وعالميا، يجعل من الإبداع المتكامل في حيثياته مطلبا مهما تسعى إليه العقول المتفتحة والواعية الناضجة، والتي تبحث في استراتيجياتها على التميز الحقيقي لا الشكلي.