سجّل موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” كفاءة عالية واقتدار في الارتقاء بالعمل الخيري والإنساني، حيث مكن الجمعيات الخيرية من تطوير أعمالها وتحقيق أهدافها في مد جسور التواصل مع الأسر المحتاجة وأصحاب الظروف الخاصة ممن يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة، ويعتبر شريكاً ناجحاً في التواصل بين الجمعيات الخيرية وأهل الخير والموسورين مع من ضاقت بهم اليد وأوعزتهم الحاجة. ورصد “تويتر” بالكلمة والصورة نماذج إنسانية مميزة وأخباراً سارة جسدت دوره في المجتمع كنافذة إعلامية جديدة لعمل الخير، سيحقق أهدافه متى ما كان للجمعيات الخيرية كوادر إعلامية متخصصة تتابع الإعلام الجديد وترصد الواقع الاجتماعي. وأشار الشيخ الدكتور غازي الشمري -الداعية الإسلامي- إلى أن “تويتر” حقق نجاحات لافتة ومتميزة في تعريف المسؤول بالحالات الإنسانية، والوصول إلى الأسر المحتاجة والتي ربما كانت غائبة عن عيونهم لولا أن “تويتر” استطاع إيصال الواقع الإنساني والحقيقي لهم بالكلمة والصورة، والأمثلة في هذا الجانب كثيرة ومتواترة في وسط المجتمع، والتي لمس الكثيرون مبادرات أهل الخير فيه. واقترح الشمري ضرورة مبادرة الجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام بفتح حسابات لهم والتواصل مع كل محتاج ورصد المشاهد الإنسانية والتعامل معها بجدية وفق إمكانات كل جمعية خيرية. وفي نفس السياق قال ممدوح الحوشان، مدير تحرير مجلة الدعوة: “إذا توسعنا في مفهوم (الحالات الإنسانية) بحيث يشمل كل إنسان يتعرض لأزمة صحية أو اجتماعية أو قانونية تمنعه من التمتع بحياة إنسانية سوية، فإن (تويتر) بهذا المعنى أصبح هو (برلمان الحالات الإنسانية) فعبر حروفه تابع الملايين مأساة (لمى) ومعاناة (نور الهوساوي) وبفضل انتشاره الواسع تلقى مئات المرضى مساندة ودعماً ونزلت سحائب الدعوات على قبور الموتى”. وأضاف الحوشان: “إن كانت هذه الممارسات الإيجابية تعلي مكانة (تويتر) عند الفرد والمجتمع السعودي، وتمنحه نمواً وانتشاراً هائلاً في المملكة إلا أن المتابع الفطن عليه دوما انتهاج التثبت مطية له في ساحات تويتر (الضاجة) بآلاف المبالغين والمنتفعين”، مشيراً إلى أنه ليس كل ما ينشر من الحالات الإنسانية صحيحاً في محتواه وتفاصيله، وليس كل ما يغرد به المغردون الإنسانيون سليماً في غاياته وأهدافه، حيث يأتي هنا دور “التويتري” العاقل -على حد تعبيره- الذي يبحث عن تضافر الأدلة، ويبتعد عن حسابات التأجيج، ويتثبت من شرعية الموقف قبل أن يدعم الحالة الإنسانية بماله أو جهده أو حتى “رتويته”. وتابع: “ما أجمل أن يتعامل المغردون مع الحالات الإنسانية في تويتر وغيره بإنسانية وإيجابية توفران للإنسان حقوقه وتمنحانه شيئاً من مستحقاته بعيداً عن التسييس المفتعل أو الصراع الفكري المبتذّ”. من جانبها أوضحت هياء الدكان -الإعلامية والمستشارة في شؤون الأسرة- أن تويتر رغم قلة مساحة الحروف المتاحة والحالات الإنسانية تفيض بالحكايات إلا أنه أكد أنه متنفس لكثير من أصحاب الظروف، إذ خدم عدداً ممن تأخر تعليمهم الخدمات التي هي حق من حقوقهم كمواطنين، أو سهّل تعسر بعض الإجراءات، مشيرة إلى أن الطرح عبر هذه الوسائل ومواقع التواصل سهّل لهم سبل معيشتهم ووسع عليهم في إجراءاتهم فأصبحوا يلجأون لها، حيث لا يهم خصوصية المعلومات الشخصية عند كثير من الناس بقدر ما يهم سرعة إنجاز معاملاتهم وراحتهم في البوح بمشاعرهم. وبيّنت الدكان أن ما هو مؤسف هو استمتاع البعض بقص بعض من أحد الموضوعات المطروحة والإضافة عليه كذباً أو اتهاماً وزوراً دون أدنى مبالاة، وقد تمس الأعراض وتعطل مصالح وتأخذ من وقت الناس المتابعين؛ مما يُضعف الإقبال على متابعة بعض الموضوعات. وأضافت: “من المهم أيضاً مواجهة هذه الإشاعات وإيقاف الكذب وأهله، وعدم تفضيل أو نشر أي رسالة توضح معلومات مسيئة لأحد الأشخاص، بل ونقده بأسلوب طيّب لتعليم الآخرين، وعدم نشر أي صورة أو مقطع حتى وإن كان لحالة إنسانية إلا بعد التأكد من أصحابه أو موافقتهم، وكذلك إن كان هناك قريب ناصح للحالة الإنسانية المذكورة -إن لم تستطع التعبير عن نفسها- فهو أفضل، ويكون هو المتحدث المفوّض من قِبل الحالة يتحدث ويواصل الناس بجديد الأخبار الموثوقة وبالتالي تخف الإشاعات بل وتنتهي”. وأردفت: “وإن كانت الحالة تتبع أو متابعة من قِبل جهة رسمية فمن الضروري جداً أن تكون صفحة الجهة على تويتر متابعة للحالة أول بأول، وتطرح كل ما يجدّ بكل شفافية ومصداقية، فالحصول على المعلومة بات سهلاً، كما أن نشر الأكاذيب كذلك أسهل؛ لذا فردّ ذلك ودفعه بالصدق ونشر الأخبار الصحيحة أول بأول، وإن كانت حساسية الحالة أو الموضوع لا تسمح بطرح تفاصيل عنها وضّح ذلك بكل مصداقية”، مبيّنة أن أبرز مثال في ذلك قضية لمى الروقي -تقبلها الله- وكيف تناقل الناس موضوعها، وسبَّبَ بعضُ ما غُرد به الإيذاءَ لمشاعر أهلها، وكذلك ظهور إشاعات واختلاقات وأكاذيب حتى الصور المزيفة انتشرت. يذكر أن من الخطوات الإيجابية تفاعل عدد -ليس بقليل- من مختلف شرائح المجتمع مع مثل الأحداث الإنسانية، وأصبحت المؤسسات غير الربحية تقيم المنتديات والملتقيات لتفعيل هذا الجانب وجوانب أخرى تفيد المجتمع والوطن وتبرز دور الشباب بشكل أكبر، ولعل أبرزها ملتقى “مغردون سعوديون 2” الذي تنظمه مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الخيرية (مسك الخيرية)، والذي سينطلق -إن شاء الله- في الثالث من شهر جمادى الأولى المقبل بفندق الريتز كارلتون بالرياض برعاية إلكترونية من “المواطن”.