(مجموعة من البَشَر) يحبسهم فجأة مُحِيْط من الصّفِيْح والحديد لا تتجاوز مساحته (8 أمتار)، تَتحِدُ جنسيتهم، لكن تختلف أعمارهم وتتنوع دياناتهم وانتماءاتهم الفكرية. وخلال ساعات من سجنهم في أجواء يضربها الحَرّ الشديد، وفيها لا وجود لقطرة ماء، تتوالى الأحداث؛ فرغم أن المعاناة من المفترض أنها تُوَحِدهم إلا أن الصراعات الفكرية تقسّمهم؛ تارة ليصل الأمر إلى الاشتباك بالأيدي، ومعه تسيل الدماء والدموع، وفي لحظات يتناسون خلافاتهم ويجتمعون لمساعدة ورعاية أحدهم. تلك الحالة الإنسانية المجنونة يرصدها الفيلم المصري (اشتباك)، داخل سيارة تَرحيلات أمنيّة اجتمع فيها مجموعة من المواطنين المصريين عشوائيًا عقِب إحدى المظاهرات التي كانت تدور في الشارع المصري. (الفيلم) الذي قام بتأليفه وإخراجه مجموعة من الشباب، شارك في العروض الخاصة لمهرجان (كَان الفرنسي العالمي)؛ وحظي بأصداء إعلامية واسعة؛ ونال رضا الكثير من النقّاد؛ لأنه قدم وجبة من الإبداع الفني، تغلَّب فيها على صعوبات التصوير في مكانٍ ضيق مكتظ بالأجساد والأحداث؛ أما الأهم فإنه رَسَم العديد من الانفعالات والتناقضات التي حبست الأنفاس بين رومانسية مفرطة، وأخرى شديدة العنف طِوال مدة عرضه التي تقترب من الساعتين. شاهدتُ (الفيلم)، فرأيته حقيقة لا يُمثِّل قضية مصرية خاصة؛ بل يرسم الحَالَة العربية (اليوم) بكل تفاصيلها؛ حيث العنصريات بأنواعها، والصراعات الطائفية والسياسية، والتدخلات الخارجية كانت الوقود والسلاح الذي استخدم لتفتيت العديد من الدول العربية. (فيلم اشتباك) في النهاية ينتصر للإنسان؛ فشخصياته -وعلى الرغم من اختلاف مواقفها- استطاعت أن ترى بعضها البعض بشكلٍ مختلف، وأن تتمكَّن تدريجيًا من التفاهم، والاتحاد لمواجهة المواقف الصعبة؛ وتلك رسالة لبني يعرب. [email protected]