بحسب المعلن في رؤية (المملكة 2030) سيكون الاهتمام بالتراث الإنساني لهذه الأرض؛ وعمقها العربي والإسلامي ، واحداً من أكبر وأهم مصادر القوة للمملكة خلال العقدين القادمين ، وهو أمر حتى وإن تأخر كثيراً إلاّ أنه كان واجب الحدوث بالتأكيد، فبلادنا فضلاً عن احتوائها آثاراً إنسانية، وصفحات مضيئة من أسفار العرب وأسواقهم وأيامهم ومواقع انتصاراتهم وأشعارهم ، فإنها تنفرد عن كل بلاد الدنيا بإرث إسلامي ضخم ؛ تهفو إليه أفئدة 1.7 مليار مسلم.. بالإضافة إلى الكثير من المواقع والأماكن التي تستمد أهميتها من ارتباطها الأزلي بالقرآن والسنة ، وبمراحل نشأة وتطور الدين الاسلامي الحنيف والدولة الإسلامية ، مثل أماكن العبادة ، ومواقع معارك خالدة كبدر وأحد والخندق. المؤسف أن معظم هذه الكنوز التاريخية والروحانية والاستثمارية الفريدة التي لا يوجد لها مثيل ولا بديل على وجه الأرض قد وصلت حالاً مؤسفة من الإهمال والفوضى تستدعي التدخل العلاجي العاجل ، فمن يزور موقع معركة أحد مثلاً ، الموقع الذي يستقبل ( بحالته الحالية ) قرابة 7 ملايين زائر سنويا يدرك أهمية رؤية المملكة والمجلس الاقتصادي الأعلى تجاه الاهتمام بهذه الأماكن، فساحة المعركة التي تعتبر متحفاً متكاملاً لواحدة من أعظم المعارك في التاريخ الإسلامي تعمها حالة محزنة من الفوضى والعشوائية تعكس حالنا في التعامل مع معظم آثار بلادنا .. فجبل الرماة مثلاً يوشك على الاندثار ، والمسجد الكبير توقف العمل به منذ فترة ، ناهيك عن فوضى وعشوائية (البسطات ) والباعة المتجولين الذين يعيثون في تلك الأرض إهمالاً بمناظر لا تليق بدولة تعي قيمة تاريخها وكنوزها . أحد الزملاء المهتمين باقتصاديات الحج والعمرة أرسل ببعض الاقتراحات لتطوير هذا الأثر المهم وتوليد آلاف الوظائف للشباب منه عن طريق إنشاء شركة مساهمة ، تعيد تخطيط المنطقة وتنظيمها ، كما تقوم بإنشاء متحف وبانوراما تفاعلية حديثة وفنادق مطلة على ساحة تلك المعركة الفاصلة في تاريخ الإسلام ، وعمل (كورنيش) بطول 7 كيلومترات على كامل جبل أحد ( أحد جبال الجنة ) مع حدائق ومحلات واستراحات صغيرة ، وإعادة تأهيل الأحياء المجاورة التي تعاني من العشوائية في معظمها . منطقة أحد بالمدينة مثال واحد فقط على الأماكن الكثيرة التي يمكن - بل يجب - تأهيلها واستثمارها ضمن مجموعة كبيرة من الكنوز الإسلامية التي تزخر بها هذه الأرض المباركة .. فكل المواقع التي لها علاقة بالنبي الأعظم هي أجزاء مهمة من السيرة النبوية يجب إحياؤها والعناية بها وربطها بالواقع المعاش لإبقاء جذوة الإيمان مشتعلة في نفوس الشباب في عصر زادت فيه أمواج تيارات الإلحاد والفتن ..ولأنها جزء مهم من قوة هذه البلاد الاقتصادية والسياسية ، فتاريخ البلدان وعمقها التاريخي هو جزء رئيس من قوتها. [email protected]