يكشف متحف اللوفر في قلب العاصمة الفرنسية ( باريس ) لزائريه من أنحاء العالم " روائع آثار المملكة العربية السعودية " مستعرضاً في شهرين متتاليين تراثها الحضاري الممتد لآلاف السنين عبر العصور بتنوع وثراء ثقافتها من خلال أكثر من 300 قطعة لوحة ومسلة أثرية لم يسبق أن عرضت خارج المملكة ليطلع عليها زائري المتحف الذي يتوقع أن يزوره هذا العام عشرة ملايين زائر من أنحاء العالم . وتصدرت روائع المملكة قاعات اللوفر في قاعة نابليون تحت الهرم الزجاجي مباشرة، أي أنها في المدخل الأساسي للمتحف الذي أسس قبل ما يزيد عن 200 عام أي في عام 1793م ويعد الأقدم والأكبر عالميا. يؤكد " المعرض " بلوحاته ومسلاته الأثرية عمق حضارة المملكة عبر العصور وعلو كعبها الثقافي الممتد لحقب سحيقة تمثل الفترات التي تعاقبت على أرض المملكة العربية السعودية، ويبرز مالدى المملكة من ثروة حضارية غير معروفة بشكل كبير في فرنسا وفي العديد من دول العالم ، في مشهد مصور حي (بانورامي) عن تاريخ المملكة. المعرض وهو يحل في باريس بمثابة كشّاف حضارة المملكة بدأ من يوم الإثنين الماضي وعلى مدى شهرين يسجل في ساحة الثقافة الأوروبية حضورا للثقافة العربية السعودية بأهميته البالغة ؛ لأنه المعرض الأول على مستوى العالم الذي ينظم عن آثار المملكة والحضارات التي مرت على أرضها منذ العصر الحجري. أصبح الآن بإمكان زائري باريس من سائحين ومهتمين بالثقافة العالمية التعرف على تراث المملكة العربية السعودية ودورها الرائد في الحضارة الإسلامية من خلال زيارة لمتحف اللوفر، حيث يعرض بأسلوب منسق وشروحات صوتية ومكتوبة بعدة لغات أكثر من 300 قطعة أثرية من مقتنيات المتحف الوطني بالرياض ومتحف جامعة الملك سعود ومتاحف المملكة، تعد شواهد فترة تاريخية ممتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصرنا الحالي، لتشتمل تلك الفترة الطويلة العصور الحجرية ثم فترة (الألف السابع قبل الميلاد) ففترة الممالك العربية المبكرة (الألف الخامس قبل الميلاد)، ثم الممالك العربية المتأخرة (الألف الثاني قبل الميلاد)، ثم الممالك العربية المتأخرة (الألف الأول قبل الميلاد) ففترة العهد النبوي ثم فترة الدولة الأموية والعباسية ومن ثم العصر العثماني، وأخيراً فترة توحيد المملكة العربية السعودية، وما تلاها من تطور مزدهر حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، خاصة في خدمتها للحرمين الشريفين . وفي تصور تراثي وآثاري ينقلك المعرض من العصر الحجري إلى العالم الحديث عبر لوحات وتماثيل وأدوات ثمينة من الفضة والمجوهرات التي تشهد سلاسة الحراك الحضاري ( ديناماتيكية ) التي مرت على شبه الجزيرة العربية كنقطة عبور عبر شواطئ المحيط الهندي والقرن الأفريقي إلى مصر وبلاد ما بين النهرين ، وبلدان البحر الأبيض المتوسط ، مروراً بالمعروضات الآثارية التي تسلط الضوء على دور المملكة العربية السعودية باعتبارها مهد الإسلام ، وطريقاً معبداً للحجاج والمعتمرين من كل أنحاء العالم. واعتلى عدد من منصات العرض لوحات مكتوبة باللغة الآرامية القديمة في القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد ، ولوحات حجرية برسوم بشرية ، إلى جانب ما ضمته قاعة نابليون من منحوتات تتشكل من الحجر الرملي على هيئة إنسان تعود للقرن الرابع قبل الميلاد . وتنوع أسلوب العرض في القاعة.. فقدم عرضاً وثائقياً مصوراً عن مستشرقين فرنسيين كتبوا عن المملكة ، إلى جانب معرض صور الرحالة الفرنسيين الذين زاروا الجزيرة العربية في مشهد يكشف العلاقة الوطيدة بين الثقافة السعودية بجوانبها التراثية والاجتماعية والمعمارية وبين نظيرتها الفرنسية من خلال تلك المدونات المبكرة. وركز المعرض في جانب منه على استحضار المواقع الأثرية في المملكة من خلال أفلام وصور ومطبوعات وكتيبات تصور الطرق القديمة للحج والعمرة والتجارة والقرى السكنية ونمط الحياة فيها . وأعدت نشاطات تفاعلية على هامش المعرض يشارك فيها المختصين في الآثار والحضارة من خلال محاضرات علمية عن آثار المملكة يلقيها مختصون من الجانبين السعودي والفرنسي إلى جانب العروض الشعبية لعددٍ من فنون مناطق المملكة ،ورصد كتاب عن المعرض مكوناته ومعروضاته في ( 600 ) صفحة باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية، يتضمن معلومات شاملة و أبحاثا ومقالات وأوراقا كتبها مختصون من المملكة ومن خارجها استعرضوا فيها مسيرة التاريخ والعمق الحضاري على أرض المملكة عبر العصور . ويتيح معرض " روائع المملكة العربية السعودية " لزائري متحف اللوفر فرصة السفر في عمق الجزيرة العربية عبر رحلة ذهنية إلى قلب الجزيرة العربية من خلال الصور الضوئية للمناظر الطبيعية الخلابة في المنطقة، فتأخذ الرحلة شكل سلسلة من الطرق وأماكن التوقف القديمة في بعض واحات شبه الجزيرة الواسعة. إن قصة المعرض بدأت بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - على إقامة المعرض الذي اقترحه فخامة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك خلال افتتاحهما معرض ( روائع من الفنون الإسلامية ) نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمتحف الوطني بالرياض في 6 / 2 / 1427ه الموافق 6 مارس 2006م ، يأتي ذلك في الوقت الذي تعقد فيه المملكة شراكة حضارية ممتدة مع فرنسا لتشمل أهم مشاريع اللوفر وهو تطوير عروض الآثار الإسلامية في متحف اللوفر ليرى العالم الإرث الحضاري والتاريخي للعالم الإسلامي بشكل عام وتراث المملكة العربية السعودية الحضاري بوجه خاص. وبالتالي جاء معرض " روائع المملكة العربية السعودية " متفرداً وليس تقليدياً كبقية المعارض في زمانه ومكانه وقيمته الحضارية والثقافية ، إذ يقول صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والآثار في تصريح لوكالة الأنباء السعودية " إن هذا المعرض ليس معرضاً فنياً ولا فعالية علاقات عامة، وإنما هو معرض لإبراز الوجه التاريخي والحضاري للمملكة, وتعريف العالم بالآثار السعودية وما تزخر به المملكة من إرث كبير قامت عليه ثقافتها التي أسهمت في التاريخ البشري، وما تتبوؤه اليوم - في ظل اهتمام القيادة يحفظها الله- من مكانة في التواصل الإنساني, خصوصاً وأن فترة إقامة المعرض تعتبر الذروة في عدد زوار اللوفر إذ يشهد المتحف خلال هذه الفترة ملايين الزوار من مختلف مناطق العالم". وعدّ سموه المعرض أنه بمثابة المحطة الأولى لفهم حلقات التاريخ البشري وموقع المملكة المهم من ذلك قال سموه " المعرض يؤصل ما تتبوؤه المملكة اليوم - في ظل اهتمام القيادة-حفظها الله- من مكانة في قيادة التواصل الإنساني". هنا جاء المعرض المختص بآثار المملكة استثنائياً ومغايراً( أسلوب عرض وموقع وتوقيت ) ، حيث يرى المختصون أن اختيار قاعة نابليون في متحف اللوفر أهم ميزات المعرض حيث من المعتاد أن تشهد هذه القاعة بالذات خلال فترة الذروة توافد أعدادٍ كبيرة من الزوار سنوياً من مختلف أنحاء العالم ، كما أن هذا العام سيكون مغايراً ، حيث سيشاهد الزوار العديد من القطع الأثرية القادمة من صحراء الجزيرة العربية ، الأمر الذي يجيب على كثير من أسئلة الزوار عن المملكة ، ويدفع من قيمة البحث عن المعلومات التاريخية عن المملكة ، في الوقت الذي يعد فيه متحف اللوفر مؤسسة علمية يُعتد بأنشطتها وتحظى بالمتابعة العالمية. وتزداد أهمية المعرض وترتفع قيمته الثقافية مع التوقيت المهم الذي يتزامن بدء الإجازة حيث أن شرائح زوار المعرض سيكون من المعلمين الذين بدورهم ينقلون ما يرون إلى طلابهم، والعلماء المدونين في كتبهم وأبحاثهم ، والساسة الذين يتحدثون بالانطباع مما شاهدوه، والأطباء والطلاب والأدباء والمؤرخين الذين يرسمون في كتب التاريخ ما يشاهدون ويحولون الأثر المادي إلى خبر تاريخ مقروء على مر الأِزمنة . أكد ذلك مدير عام مركز الأبحاث والتنقيبات الأثرية في الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، أستاذ الآثار والتاريخ القديم في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز بن جار الله الغزي فقال " يكتسب المعرض أهمية أخرى بتنوع المعروضات لتشمل مناشط حياة الإنسان جميعها مثل الأدوات الحجرية، والفنون، والنسيج، والفخار، والكتابات، والمسارج، والمجامر، والمصنوعات المعدنية، وأدوات الزينة، والأحجار الكريمة، والمشغولات الذهبية، والنصوص المكتوبة، والأسلحة المعدنية، وغيرها من القطع ". وتسترجع " واس " بداية انطلاق العمل والتجهيز في المعرض قبل ما يقارب سنتين حيث عملت الهيئة العامة للسياحة والآثار وإدارة متحف اللوفر على تشكيل لجان مشتركة مهمتها الرئيسية إظهار المعرض بصورة تليق بتراث المملكة الآثار والحضاري بالتنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة الثقافة و الإعلام و الجهات ذات العلاقة . فالمقرر أن يكون المعرض داخل منظومة متكاملة من شأنها إقامة معارض أثرية أخرى ومتخصصة في عدد من عواصم العالم ، وينتقل المعرض بعد اللوفر إلى محطات أخرى ، إثر صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيزال سعود - حفظه الله - على انتقال معرض "روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" إلى عدد من العواصم الأوروبية والمدن الرئيسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية كما أعلن ذلك في وقت سابق صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار حيث قال سموه " إن معارض الآثار الوطنية مطلوبة في عدة دول أخرى منها : الولاياتالمتحدة وألمانيا واليونان واليابان ". وتابع قائلاً " إن المملكة أمامها اليوم تحد بأن تظهر أمام العالم بصورة جديدة، تعكس بعدها الحضاري الأصيل، وهي تقف اليوم على مخزون هائل من التاريخ والآثار والحضارات والتراث" موضحاً أن الهيئة تعمل على تحديد وتوثيق وحماية الأماكن السياحية في المملكة، ووضع خطط لتطوير منظومة الوجهات والمنتجعات السياحية، وإبراز خصائصها الجبلية والساحلية والصحراوية، كما تعمل على إنشاء مراكز لخدمات الاستثمار السياحي، وابتكار برامج لتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال توقيع اتفاقيات تعاون مع عدد من صناديق التمويل الحكومية، وتفعيل قرار مجلس الوزراء الموقر الخاص بدعم أنشطة الهيئة وتمويل التنمية السياحية، وحصر معوقات الاستثمار السياحي وتقديم الحلول المناسبة، ودراسة ظاهرة ارتفاع أسعار الخدمات السياحية بمشاركة الجهات الحكومية المعنية والرفع للجهات العليا، وتطوير حقائب استثمارية لتطوير المشاريع السياحية وتجهيز طرحها للمستثمرين في عدد من مناطق ومحافظات المملكة، وتأسيس ( شركة تنمية السياحة الداخلية القابضة )، وتسهيل تأسيس شركات على مستوى المشروعات انطلاقاً من مفاهيم جديدة ، وزاد " ليست فقط إدارية، لكن مفاهيم أساسية، تعتمد على الشراكة التي تعد مبادرة رائدة لهذه الهيئة مع شركائها، حيث أنها وقعت حوالي 50 اتفاقية مفعلة، إلى جانب توقيع نحو ثمانية مشاريع ضخمة مع البلديات ووزارة الزراعة والوزارات الأخرى" . في حين يؤكد مختصون في الشأن التراثي والثقافي العالمي أن معرض " روائع المملكة " بمجملة يدلل ما تحتويه المملكة من تراث وآثار ووقوفها على ثقافة عظيمة وحضورها التاريخي على مر العصور، حيث ترى المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا أن معرض روائع آثار المملكة يساهم في حفظ التراث العالمي، وقالت في تصريح سابق لوكالة الأنباء السعودية " إننا نترقب افتتاح معرض روائع آثار المملكة في متحف اللوفر الذي هو أحد أهم المتاحف المرموقة في العالم ". وعدت المعرض مساهمة من المملكة في إبراز بعدها التاريخي و إرثها الحضاري للعالم؛ لما يحتويه من قطع أثرية مهمة تعرض لأول مرة خارج المملكة وتجسد عدداً من الحضارات التي شهدتها أرض المملكة، إلى جانب أثر المعرض الأزلي في مد جسور التواصل العلمي والثقافي والتربوي بين الدول والشعوب، والعمل على تطوير العلاقات على مختلف الأصعدة بما يسهم في الارتقاء بالمعرفة وفتح آفاق رحبة للاستزادة العلمية والاستكشاف المعرفي للحضارات. وأحيطت الاستعدادات للمعرض بتشجيع وثناء المهتمين بالآثار في المملكة ودعمهم له لما يشكله من إضافة قوية للتعاون والتعاطي بين الحضارات والتعارف بينها خاصة مع تميز وقته وموقعه ومادته الثقافية والمعرفية وكونه يأتي امتداد لجهود سابقة بذلتها المملكة العربية السعودية للتعريف بثقافتها وتاريخها واستظهار المآثر الفكرية والأثرية للعالم. وقال معالي أمين عام دارة الملك عبد العزيز الدكتور فهد بن عبد الله السماري في وقت سابق إن المعرض سيقرب العمق التاريخي للمملكة وأصالتها لدى المتلقي الأوربي خاصة أنه سيجمع بين التراث الشعبي ومعروضاته والآثار والمقتنيات السعودية القديمة من جهة والكتابات الفرنسية المستشرقة عن المملكة بما يكشف عن صورتها في العيون الفرنسية منذ تأسيسها قبل أكثر من 100 عام . وأشار إلى أن المعرض يتميز بتنوع أنشطته ما يشكل مهرجاناً ثقافياً سعودياً في إطار العلاقات الثقافية البعيدة والعميقة بين المملكة وفرنسا التي عززتها المناسبات العلمية والمعرفية التي أقيمت في البلدين بتعاون مشترك وأدت إلى مزيد من التقارب بين الثقافتين، لافتاً إلى أن تعاون دارة الملك عبدالعزيز ووزارة الثقافة والإعلام مع الهيئة العامة للسياحة والآثار خلال هذا المعرض سيدعم قيمة ومكانة المعرض في المشهد الثقافي عالميا وسيترجم بصورة مميزة ما قفزت إليه الثقافة في عهد خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- من مراحل متقدمة. من جانب آخر فقد اختيرت القطع المعروضة اللوفر حالياً بعناية وذلك لعدة أسباب كان من أهمها أن أرض المملكة عاصرت العديد من الحضارات القديمة التي سبقت الإسلام التي بدورها كونت أبرز الملامح الثقافية للبشرية وأثرت وتأثرت بالعديد من الحضارات سواء على أرضها أو في المناطق المجاورة لها مما أدى إلى التواصل الثقافي بين هذه الحضارات عبر التجارة وما تلا ذلك من خلال بداية الدولة الإسلامية الأولى، والفترات الإسلامية اللاحقة التي انتشر فيها الدين الإسلامي خارج الجزيرة العربية، وهذا ما تبرزه الاكتشافات الأثرية المهمة لأعمال التنقيب الأثري وما تقدمه المواقع الأثرية بين الحين والآخر سواء كانت قطع أثرية لها دلالات تاريخية أو دينية مهمة، أو القطع التي تحمل جوانب فنية تمثل إبداعات الإنسان الذي عاش على هذه الأرض، إلى جانب ذلك فالقطع الأثرية المعروضة الآن في اللوفر تعكس المخزون التراثي للمملكة وما قامت عليه من حضارات متعاقبة، كما جاءت لتعكس المشاركة الفاعلة لإنسان هذه الأرض عبر العصور، ودوره في الاقتصاد العالمي والتأثير في الحضارات انطلاقا من الموقع الجغرافي المميز للجزيرة العربية التي كانت محورا رئيسياً في مجال العلاقات السلمية والثقافية والاقتصادية بين الشرق والغرب، وجسر للتواصل الحضاري بينها. شهد المعرض منذ الموافقة عليه إشادة العديد من المهتمين والمختصين في الشأن السياسي والاقتصادي والثقافي حيث أكد السفير الفرنسي لدى المملكة برتران بزانسنو أهمية المعرض لإبراز ما تمتلكه المملكة من رصيدا ثقافيا وآثاريا وحضاريا زاخر وقال في هذا الإطار " إن المعرض سيكون من المناسبات المهمة التي ستحظى بالاهتمام الرسمي والشعبي والاهتمام الإعلامي في فرنسا, انطلاقا مما تمثله المملكة من ثقل ومكانة تاريخية "، موضحاً أن المملكة العربية السعودية تمتلك رصيدا ثقافيا وآثاريا وحضاريا زاخرا وكبيرا ، ومن الواجب أن يتعرف ويطّلع العالم أجمع على هذه الكنوز السعودية لافتاً الانتباه إلى أنها فرصة سانحة للتعرف على المملكة عن قرب والنظر إلى التطور الذي وصلت له في كل المجالات والازدهار الذي تعيشه ، وهي كذلك فرصة لرؤية المملكة بواقعها الحقيقي، وتابع قائلاً " المعرض سيكون إضافة مهمة للعلاقات المتينة بين المملكة وفرنسا التي تشهد تطورا متزايدا في مختلف المجالات " مبيناً أن السفارة الفرنسية في الرياض قدمت كافة التسهيلات للهيئة العامة للسياحة والآثار في إطار جهودها وتعاونها مع الهيئة. وعدّ مدير عام متحف اللوفر هنري لواريت أن معرض "روائع آثار المملكة العربية السعودية" مناسبة هامة للتعريف بآثار المملكة وعمقها الحضاري والتاريخي، مشيراً إلى أن اهتمام اللوفر بإقامة هذا المعرض وتحمل تكاليف إقامته يأتي إدراكاً منه بأهمية اطلاع العالم على ما تمتلكه المملكة من آثار عظيمة وذات قيمة تاريخية كبيرة، وقال " هذه البلاد تحوي تراثاً وآثاراً وثقافات عظيمة تؤكد عمق الحضارة التي تقف عليها والحضور التاريخي على مر العصور، إلا أن هذه الثروات والحضارة غير معروفة بشكل كبير في فرنسا والعالم مؤكداً أهمية تعريف زوار متحف اللوفر الذين بلغ عددهم العام الماضي 3.8مليون سائح من جميع دول العالم بتراث المملكة ودورها الرائد في الحضارة الإسلامية. من جانبه رأى عضو اللجنة الاستشارية للآثار والمتاحف الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري أن المعرض يوضح للعالم نوعية المعثورات التي تبين أهمية التبادل الحضاري بين الجزيرة العربية والعالم القديم منذ آلاف السنين وأماكن التراث العمراني بالمملكة وما تزخر به من إرث حضاري مؤكداً أن هذه الخطوة ضرورية مع ما تتبوأ المملكة اليوم من مكانة دولية وحضارية توجب على أهلها التعريف بما تحويه من كنوز تمتد إلى عصور سحيقة. ولفت عضو هيئة التدريس بكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود عضو اللجنة الاستشارية للآثار الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي إلى أن أهمية هذا المعرض تأتي من أن كثيرين لا يعرفون أن المملكة تضم من المواقع التاريخية والمعطيات الأثرية وتنوعها وامتدادها على مختلف الحقب التاريخية ما لا يتوفر لكثير من بلدان العالم، وهو ما سيُبرزه هذا المعرض ودوره في التعريف بالمملكة ، داعيا إلى أن تتبع هذه الخطوة خطوات مماثلة بإقامته في مختلف دول العالم وفي المتاحف العالمية الأخرى كالمتحف البريطاني بلندن ومتحف المتروبوليتان بنيويورك ومتحف الهرميتاج بموسكو وغيرها، وهو تقليد صار عالميا. هذا ويعد متحف اللوفر من أكبر المتاحف العالمية وتضم قاعاته المتعددة نفائس من القطع الأثرية واللوحات الفنية مما جعله مركزا مهما لرواد الثقافة من جميع دول العالم، وأقيم المتحف على أثر مبنى قديم منذ ما يقرب من 700 سنة حيث كان قلعة بناها فيليب أوغست بعد وقت قصير من عام 1190 م وافتتح اللوفر ليكون متحفاً قبل نحو 200 عام أي في العاشر من أغسطس عام 1793 ، ويهتم المتحف على وجه الخصوص بحفظ وعرض الآلاف من الأعمال الفنية والشاهدة على الحضارات السابقة. كان اللوفر واحداً من المساكن الرئيسية للملوك والأباطرة من فرنسا، وأخذت القلعة اسم المكان الذي شُيدت عليه، لتتحول لاحقا إلى قصر ملكي عرف باسم قصر اللوفر قطنه ملوك فرنسا وكان آخر من اتخذه مقرا رسميا لويس الرابع عشر . يقع المتحف على الضفة الشمالية لنهر السين في باريس عاصمة فرنسا والمتحف مقسم إلى أجزاء عدة حسب نوع الفن وتاريخه، ويبلغ مجموع أطوال قاعاته نحو 13 كيلومتراً، وهي تحوي على أكثر من مليون قطعة فنية سواء كانت لوحة زيتية أو تمثالاً، وبالمتحف مجموعة رائعة من الآثار الإغريقية والرومانية والمصرية ومن حضارة بلاد الرافدين العريقة -والتي يبلغ عددها 5664 قطعة أثرية-، بالإضافة إلى لوحات وتماثيل يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر الميلادي. يدخل الزائر إلى متحف اللوفر من خلال هرم زجاجي ضخم تم افتتاحه في عام 1989م، وأهم أقسام المتحف القاعة الكبرى التي شيدها كاترين دي ميديشي، في القرن السابع عشر، وتحتوي على العشرات من اللوحات النادرة لعباقرة الرسامين، تتصدرها تحفة ليوناردو دا فينشي الموناليزا الشهيرة بالموناليزا ، وإلى يمين القاعة الكبرى، هناك قاعة ضيقة يعرض فيها بعض لوحات الرسام الفرنسي تولوتريك ، ويحتوي المتحف على العديد من الآثار الشرق أوسطية حيث يتم عرضها حالياً في المعرض . ولكون المتحف يقع في قلب العاصمة الفرنسية ولكون القطع الأثرية المشاركة من المملكة لاتقل قيمة وأهمية سواء من الناحية التاريخية أو الفنية عن ما هو موجود بمتحف اللوفر ولكونها فرصة مناسبة لإبراز الدور الحضاري والثقافي للمملكة فقد تم اختيار هذا المتحف ليحتضن معرض آثار المملكة عبر العصور .