أنا لا أكتب بالحروف أوهاما.. ولا أنسج من الأفكار أحلاما.. وإنما ... أستخلص من عبر الزمان دروسا .. وأزيّن من ومضات الفكر عروسا .. أرسلها مع ساري العمر ألحانا .. لأهل الرأي والفكر أشجانا ... إنها حالة التَحوّل .!! وما أدراك ما حالة التحوّل .!؟ هي حالة مرحلية وفترة زمنية لنقلة حضارية يصنعها الإنسان أو يفرضها الزمان .. وفي نظري أنها ترتكز على ثلاثة عناصر : ثقافة .. واقتصاد .. وإدارة الثقافه : روح وفكر وسلوك لأنها دين وتعلم وإعلام .. والاقتصاد : مال وتجارة.. وهو عصب حياة ومنطلق حضارة والإدارة: رأس الأمر في كل صدد فإذا صلح الرأس صلح الجسد .. يحسبها الجاهلون مغنم فترة زمنية ويعرفها العالمون بحالات عصف عتية .. فيها صدمات اجتماعية. وتقلبات اقتصادية وهزات ثقافية.. ولكن فيها أيضاً .. إمكانات إبداع فكرية.. وعلمنا التاريخ .. أن لكل تحول حضاري أزمات .. ولكل مسيرة _ولو نجحت _ وقفات .. وللتحول حالات وفترات وظروف وله عقل وقلب وفكر وسيوف .. وله آليات ودواعي .. وما يستدعيه داعي .. وما ليس له داعي .. ولقد عانت منه مجتمعات أوروبا قبل أن تشفى بنهضة وتهنأ بغمضة .. وكم استغرقت فيه من الوقت أمريكا .. قبل أن ترقى من راعي البقر إلى حاكم البشر .. وكم من صدمة ووصمة .. تجرعتها تلك المجتمعات .. لتشرع المحرمات وتبيح الموبقات .. وكم بذلوا فيها من الجهد والعمل والتضحية حتى أصبحت سلطة مدوية .. تصنع ما تريد فيمن لا تريد .. وهكذا حل التحوّل في كل المجتمعات وأحدث الكثير من التغيرات والتقلبات في جميع القارات .. إن قاده العقل وحَكَمته المبادئ .. أصاب وإن قاده الجهل وحَكَمته المساوئ .. أعاب ولقد سبق أن صنعنا التحول .. وقدناه وأحسنا القيادة فأحكمناه .. فكان عبدالعزيز بن عبدالرحمن .. رجل الزمان والمكان .. جمع الأفراد والقبائل والإمارات .. ثم سلطنة نجد ومملكة الحجاز .. فأسس دولة .. لها صولة وجولة.. لكنها كانت أكبر من إدراك بعض أهل زمانه .. فكانت الفتنة .. أسبابها جهل طغمة .. غايتها اقتسام سلطة .. وبرز القائد في الشدائد .. فألجم التمرد بالعنان وحسم الأمر بالقوة والحكمة والجنان.. فنجحت الوحدة .. واستتب الأمن وفشلت الردة وبعد فترة أمن واستقرار وأمان غزانا تحوّل يفرضه الزمان عندما ترامى بعض العرب في أحضان الاشتراكية نكاية في قوى الغرب الاستعمارية .. فغزتنا الشيوعية الإلحادية. فتمدد الغزو خارج حدود من دعاه إلى من تمنى الغازي دخول حماه فتصدت له قوة الإيمان السعودية بحكمة قيادية وإرادة شعبية مستثيرة نخوة الإسلام في معقله وحمية العربي في مأصله وابتدأ الخير يتدفق .. والعلم والمال والبناء يتألق .. ولكن الذين هربوا بدينهم وأضفناهم .. خانوا كرم من آواهم .. فبذروا جرثومة التكفير والتمرد في عقول الجاهلين ومن بهم تردد فحولوا الدعوة إلى الله .. إلى جهاد عباد الله .. فتنكر الغر الجاهل على أهله .. وخان وطنه ودولته وأرضه .. واحتل جهيمان الحرم وكذب وادعى وظلم .. وهزم الرجل ومضى ولكن فكره بقي وطغى فانطلقت أكذوبة الصحوة في حالة غفوة وكادت أن تكون كبوة لولا لطف من الله .. ثم وقفة ثبات من المتفقهين في كتاب الله .. ورفض التطرف من عاقل عباد الله .. ومرت بنا فترة من الأمن والاستقرار وطفرتان من ثروة المال والإعمار استثمرنا بعضها وأهدرنا بعضها وعلينا أن نستفيد من دروسها فالوضع اليوم خطير .. والهجمة شرسة .. والشر مستطير .. والجرثومة نجسة .. لها عقول خارجية .. وأذناب داخلية .. تديرها دول ومؤسسات وخبرات .. وينفذها مرتزقون بإتاوات .. هدفها الاهتزاز والابتزاز .. واختلال التوازن بتشكيك المواطن .. واتهام المسؤول بالتهاون .. سخروا الإعلام لاستثارة الأنام .. وزخرفوا الكلام ولفقوا الاتهام .. ولا بد لنا أن نعترف : بأننا اليوم أمام تحوّل اجتماعي سريع .. وانقسام فكري وثقافي مريع .. ومع أن الغالبية تتمسك بالمبادئ الإسلامية .. القائمة على منهج الاعتدال والوسطية .. إلا أنه على الشوائب والشذوذ تجتمع ضالتان .. فهذا تكفيري وهذا انحلالي وكلاهما قاتلان .. فماذا يحدث اليوم ؟! الوقت أسرع مما كان والويل لمن لا يفهم الزمان ويحمي المكان أصبحنا جزأ لا يتجزأ من العالم .. والأخطار من حولنا تتفاقم .. وأمسينا محور اهتمام عالمي ليس إعجاباً بنا .. وليس إيجاباً .. سمه ما شئت !! لكن سلبيته طاغية.. ومبرراته واهية ورياحه عاتية.. فلنفكر في الأمر بروية.. ولتكن نظرتنا واقعية.. التحوّل بدأ .. والوضع الجديد نشأ .. فلا بد من استكمال التنمية .. لنحقق الأمنية .. فلنتمسك بالإسلام عقيدة وحصانة وننفتح على العالم بثقة وأمانة ولا نخشى الاستفادة من مكتسبات العصر مع الثبات على مبادئنا بكل فخر ولا بأس من أخذ المفيد من تجارب الغير فليس في طلب العلم والخبرة ضير نأخذ منها ما نريد على هوانا ولكن لا نسلم لحانا لمن يريد لها الهوانا احفظوا الله يحفظكم وأشكروه على نعمه يزدكم ولنعلم أن الله ما أعزّنا إلا بالإسلام. والسلام ...