صورة لسلوك أمّة، ينقلها صحفيٌّ عربيٌّ، عاشها خلال زيارة لبلاد الصين. يقول: دعاه رئيس تحرير إحدى كُبرَيات الصحف الصينية إلى «مطعم بط بكين الشهير»، كان العشاء سبعة أطباق من بطة واحدة. خمس قطع مختارة من البطة في أول طبق. كبد البطة مقليًّا في طبق ثانٍ. أضلاع البطة بالصلصة في طبق ثالث. قلب البطة مقليًّا في طبق رابع. لسان البطة، وأمعاؤها، والبنكرياس مطبوخة مع الخضار في طبق خامس. جسم البطة وهو الطبق الرئيس مشوِّيًا في طبق سادس. عظام البطة مسلوقًا في طبق حساء، وهو الطبق السابع. وحين قال الضيف على سبيل المداعبة، لم يبقَ من البطة غير ريشها، وأرجو أن لا نأكله.. ردَّ المضيف بجدٍّ: لا.. إن المطعم يبيع ريش البطة لأغراض صناعيّة. مَن مِن بنى قومي يستطيع أن يفعل ذلك، وشِعْرنا يقول: أيا أبتي اذبحني وهيئ لهم لحمًا! بل إنَّ أحدًا لا يجرؤ أن يدعو لمثل هذا السلوك في مجتمعات مغرقة بالتبذير عن جهل، أو سفه. أتيتُ بقائمة الطعام الصينية لنأخذ منها درسًا. لقد تجاوز التعداد السكاني للصين المليار وأربعمائة مليون نسمة. ولو استجاب الصينيون لنداء البطن، وفعلوا مثل ما نفعل، لأكل بعضهم بعضًا. وما كان لشعب الصين أن يفرض وجوده على الساحة الدولية، وما كان لاقتصاد تلك الدولة أن يحقق النمو الذي بلغه. ونحن كأفراد نستطيع أن نعيد النظر في سلوكياتنا، وأسلوب حياتنا. لا للتقتير على الطريقة الصينية، ولكن لا للإسراف. ويُقال عندنا، الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، لكن العبارة اختفت من عالمنا، وأصبحت من التراث. نستطيع كأفراد أن نستفيد من تجارب الأمم، نستطيع أن نخفّض فاتورة الكهرباء، والماء، والبنزين، بحسن الاستخدام، والدّعاء إلى الله بأن يجعل بلدنا هذا؛ رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين!!