بدأت السلطات الفرنسية أمس السبت في تحديد هوية الانتحاريين الذين نفذوا الاعتداءات الاكثر دموية في تاريخ فرنسا والتي تبناها تنظيم «داعش» الارهابي حصدت في آخر حصيلة غير نهائية 129 قتيلا. وندد الرئيس فرنسوا هولاند ب»عمل حربي» معلنا حالة الطوارىء للمرة الاولى منذ خمسين عاما والحداد الوطني لثلاثة ايام. وللمرة الاولى يضرب انتحاريون في فرنسا. ولم يستهدف الجهاديون هذه المرة مجموعة محددة بل اطلقوا النار من دون تمييز في سعي الى قتل اكبر عدد من الناس. فيما أعلنت الشرطة الفرنسية اعتقال والد وشقيق أحد مرتكبي الهجمات أمس. وأعلن النائب العام في باريس فرنسوا مولان ان حصيلة الاعتداءات بلغت مساء السبت 129 قتيلا و352 جريحا مؤكدا أن «الارهابيين» تحركوا في 3 مجموعات وان بعضهم تحدث عن سورياوالعراق. واضاف في تصريح للصحافيين ان «سبعة ارهابيين قتلوا خلال عملهم الاجرامي» بينهم ستة فجروا انفسهم. واوضح النائب العام ان «الارهابيين» الذين نفذوا الهجوم في قاعة باتاكلان في باريس تحدثوا عن سورياوالعراق، مشيرا «على الارجح الى 3 مجموعات من الارهابيين» نفذت الاعتداءات. وتابع انه تم العثور في مسرح الهجمات على مئات من العيارات النارية غالبيتها من عيار 7,62 ملم، وهو عيار بندقية كلاشنيكوف. واورد النائب العام ان احدى السيارات التي استخدمها المهاجمون مساء الجمعة كانت تحمل لوحة بلجيكية وقد استأجرها فرنسي يقيم في بلجيكا، موضحا ان هذا الفرنسي «خضع لتفتيش على الطريق في بلجيكا مع شخصين آخرين في سيارة اخرى». ولفت الى ان الشرطة البلجيكية اعتقلت الثلاثة وهؤلاء «غير معروفين لدى اجهزة الاستخبارات الفرنسية». واعلن وزير العدل البلجيكي كون غينز انه تم اعتقال عدد كبير من الاشخاص في اطار عملية واسعة للشرطة في ضاحية مولنبيك بمنطقة بروكسل على صلة باعتداءات باريس. وفي وقت سابق السبت، تبنى تنظيم «داعش» الارهابي هذه الاعتداءات على الانترنت وجاء في بيانه «قام 8 اخوة ملتحفين احزمة ناسفة وبنادق رشاشة باستهداف مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا، فتزلزلت باريس تحت اقدامهم وضاقت عليهم شوارعها» (حسب وصفهم). وهذه الهجمات هي الاكثر دموية في اوروبا منذ الاعتداءات التي نفذها متطرفون في مدريد العام 2004، وجاءت قبل اسبوعين من مؤتمر باريس حول المناخ الذي من المقرر ان يشارك فيه عشرات من رؤساء الدول والحكومات. واعلنت الحكومة الفرنسية ان انعقاد المؤتمر لن يتأثر بما حصل في العاصمة على ان تواكبه تدابير امنية مشددة. وانتقدت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبن السبت اداء الحكومة الاشتراكية وطالبت باجراءات امنية اضافية غداة اعتداءات باريس، فيما طالب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ب»تغييرات كبرى». وقالت لوبن «الأمة يجب ان تكون موحدة في هذه المحنة» لكن «بعيدا عن الشعارات، فان التحرك القوي الصارم هو الذي يحمي الفرنسيين ويديم هذه الوحدة (غير ان) فرنسا والفرنسيين لم يعودوا في امان. واصبح اتخاذ اجراءات عاجلة امرا يفرض نفسه». وطالب ساركوزي الذي تشاور مع الرئيس هولاند ب»تغييرات كبرى حتى يتم ضمان امن الفرنسيين بالكامل». وقال مصدر في الشرطة لفرانس برس «الاولوية هي تحديد هويات جثث الارهابيين التي تفحمت غالبيتها. وينبغي بعدها تحديد ما اذا كان لهم شركاء». وأوضح مصدر آخر في الشرطة انه تم تحديد هوية جثة احد المهاجمين في باتاكلان، وهو فرنسي مولود في منطقة باريس ومعروف لدى اجهزة الاستخبارات. وعثر على جواز سفر سوري قرب جثة احد مهاجمي باتاكلان. وقالت اثينا انه يعود الى مهاجر مسجل في اليونان. ومن شأن هذه المعلومة ان تحيي الجدال حول امكان وجود جهاديين في صفوف عشرات آلاف اللاجئين الذين وصلوا اخيرا الى اوروبا. من جهته، دعا وزير الداخلية الالماني توماس دي ميزيير الى عدم اقامة اي «صلة متسرعة» بين هجمات باريس وازمة المهاجرين في اوروبا. وقال هولاند خلال اجتماع امني في قصر الاليزيه «ما حصل هو عمل حربي.. ارتكبه داعش ودبر من الخارج بتواطؤ داخلي سيسمح التحقيق بإثباته». ويسيطر تنظيم داعش الارهابي على مساحات واسعة في العراقوسوريا ويضم في صفوفه آلاف الاجانب بينهم مئات الفرنسيين. وايقظت هذه الهجمات ذكرى اعتداءات يناير في باريس والتي خلفت 17 قتيلا وادت الى رد فعل غير مسبوق تجلى في تظاهرات شارك فيها ملايين الاشخاص. وسجلت تجمعات محدودة السبت قرب امكنة الهجمات حيث كان افراد يضعون باقات زهور ويضيئون شموعا او «يبكون قتلاهم». ونظمت ايضا لقاءات عفوية في المناطق والعواصم الاجنبية. وفي المحصلة، نفذت 6 هجمات متزامنة مساء الجمعة وخصوصا في شرق العاصمة الذي يقصده الشبان. وقتل 19 شخصا على الاقل في شارع شارون و12 شخصا على الاقل في شارع اليبير. وفي قاعة باتاكلان التي شهدت الهجوم الاكثر دموية مع حصيلة غير نهائية من 82 قتيلا، «كنا نسمع الصراخ والجميع كانوا يحاولون الهرب. كان الامر بمثابة جحيم» كما روى احد الناجين. ودوت ثلاثة انفجارات على الاقل في محيط ستاد دو فرانس قرابة الساعة 21,20 فيما كان ثمانون الف شخص بينهم هولاند يتابعون مباراة ودية بين منتخبي فرنسا والمانيا لكرة القدم. وبين القتلى بلجيكيان ورومانيان واسباني وبرتغالي وتونسيتان. واعلنت الرئاسة الفرنسية تعبئة «1500 جندي اضافي» وتعزيز اجراءات المراقبة على الحدود، فيما اعلن هولاند حالة الطوارىء مع اغلاق المدارس وعدد كبير من المتاجر في باريس. واغلقت اسواق العاصمة الفرنسية السبت ومثلها غالبية صالات السينما والعديد من المتاحف وبرج ايفل الذي سيظل مغلقا حتى اشعار آخر. وحظرت الشرطة التظاهرات على الطرق العامة في كل انحاء منطقة باريس حتى الخميس. المزيد من الصور :