لإزالة ما هو سلبي حصل في الدورات السابقة لمهرجان قرطاج الدولي، والذي من أبرز المهرجانات العربية والعالمية وأعرقها، حاول منظمو الدورة 51 جلب الجماهير المتأثرة والخائفة من الإرهاب المحيط بتونس، تقديم عروض تشجعه للعودة والسهر في هذا الركح الذي استقطب أكبر الفنانين العالميين والعرب. بدأت سهرات المهرجان بمسرحية بعنوان «ظلموني حبايبي» والتي تروي مسيرة الفنانة التونسية ُعليا كإنسانة أبى القدر إلا أن يجعل منها فنانة روتها الممثلة كوثر الباردي بلوحات فنية مسرحية وكوريغرافية تحكي وجع الراحلة ُعليا وآلامها دون ندم على الماضي خلال هذا المشهد الأخير في لحظات مؤثرة عاشها الجمهور الحاضر عندما أحبت الغناء ولم تتراجع. وكل مشهد في هذه المسرحية جسّد لوحة فنية مسرحية تروي في بضع دقائق محطة أوحقبة من مسيرة الراحلة ُعليا التي ولدت باسم «بيّة الرحال» ابنة الفنان المسرحي البشير الرحال (إكرام عزوز) و«أنيسة» (لمياء العمري). وشهدت سهرات مهرجان قرطاج في بدايتها عودة الفنان اللبناني وائل كفوري بعد غياب 8 سنوات لمصافحة جمهوره الذي حضر بكثافة وبلافتة تؤكد مدى شعبية هذا الفنان وحب التونسيين كذلك للحياة وتحدّيهم لكل من يود اغتيال الفرح في نفوسهم والعودة لكثافة، مؤكدين أنهم متعطشون لأجواء قد ترفّه عن أنفسهم وتنسيهم ولو للحظات مشاغل الحياة وحال البلاد، فما عاشته تونس في الفترة الأخيرة أرهق النفوس، وحادثة سوسة الإرهابية كانت بمثابة الضربة الموجعة، لكن هذا الشعب أكد أنه لا يرضى بالهزيمة، مثبتًا أنه لا مكان لثقافة الموت في تونس وإنما لثقافة الحياة. وائل الكفوري الذي غنى دون التقيّد بأي برنامج أو تصوّر فني لما قدمه، كان فنانًا تحت طلب جمهوره، فالجمهور يختار الأغنية والكفوري يؤديها حتى أن بعض الأغاني لم يقدمها كاملة بل اكتفى ببعض أجزائها. وإن نجح هذا الفنان في شد الجمهور الذي شاركه الغناء وتسلطن على إيقاع ما قدمه، إلا أنه فشل في تقديم سهرة ذات تصوّر فني كما وصفتها مديرة المهرجان سنية مبارك.