عدا بعض التسريبات من حين إلى آخر، لا برامج واضحة ومحددة للمهرجانات الكبرى في تونس لصيف 2013. قرطاج، الحمّامات، سوسة، صفاقس، المنستير، قفصة، بنزرت وغيرها، مهرجانات ذات تاريخ عريق وصيت كبير عربيّاً وعالميّاً، ما زالت تلملم شتاتها وتعدّ برامجها أو هكذا يبدو. نقرأ أو نسمع من حين إلى آخر بأنّ مدير المهرجان الفلاني يعكف على إعداد برمجة مهمة وغير عادية، أو أنّ المدير الآخر وضع فعلاً الخطوط العريضة لبرمجة مهرجانه، فيما أنهى مدير ثالث وضع خريطة برامجية مميّزة ولم يبقَ إلاّ عرضها على الإعلام والجمهور... وبين هذه التخمينات وغيرها، ما زالت الأطباق الفنيّة الصيفية والرمضانية مجهولة الهوية ولم تنضج بعد، بحسب ما تؤكده الأخبار والمصادر المختلفة. ولكن لماذا كل هذا التكتّم؟ ولماذا كلما اتصلنا بمدير أحد المهرجانات الكبرى يؤكد أنّ الخطوط العامة للبرمجة جاهزة وهي في انتظار «غربلة» أخيرة لتكون صافية الملامح؟ وهل هو تكتّم مقصود أم تبرّره بعض الأسباب والعوامل السياسية والاقتصادية والثقافية التي تمرّ بها البلاد؟ بعض المتابعين يرون أنّ التأخر في إتمام البرمجة وإعلانها يعود أساساً إلى مشكلات مالية تمرّ بها غالبية المهرجانات التونسية. ويعتبر البعض الآخر أن الوضع العام المشوّش في البلاد، سبب كاف ليس للتأخر فحسب بل ولتأجيل المهرجانات أو تعطيلها أصلاً! كما يعتبر آخرون أنّ طريقة إدارة كثير من المهرجانات ما زالت بدائية، على رغم أن وزارة الثقافة نظّمت منذ فترة قصيرة دورة تدريبية للقائمين على المهرجانات الكبرى في مجالات التسيير الإداري والمالي، إذ أن النوايا الحسنة وحدها لا تصنع مديراً جيّداً ومهرجاناً ناجحاً. بالعودة لعام 2011 أي العام الذي انطلقت فيه شرارة ما سُميًّ ب «الربيع العربي» في تونس، لم تتوقف المهرجانات، بل انطلقت جميع التظاهرات الفنية والثقافية الدولية في مواعيدها المعلنة مسبقاً. ولم يغب الجمهور وإن لم يكن بالكثافة المعتادة، وهو أمر طبيعي فالوضع الأمني لم يكن ليشجّع على الخروج والسهر لساعات متأخرة. حتى في عام 2012، لم تتأخر المهرجانات ولو أنّ بعضها أعدّ برامجه في وقت قياسي. فمدير مهرجان سوسة الدولي رفيق الغربي، وهو شيخ المهرجانات التونسية (الدورة 53)، عُيّن في منصبه قبل عشرة أيّام من سهرة الافتتاح. ويقول الغربي إنّه ما من سبب للتأخر في إعلان البرمجة، مؤّكداً أنّه «ما زال أمامنا متّسع من الوقت لنقرّر البرمجة النهائية ونعلنها». ويفيد بأنّ المهرجان ينطلق في 14 تموز (يوليو) المقبل أي أنّ «أمامنا أكثر من شهر وهو وقت كافٍ جدّاً لإتمام اللمسات الأخيرة وإعلان برمجتنا لهذا الصيف»، كما يقول. قرطاج أما مدير مهرجان قرطاج الدولي مراد الصكلي، فلا يجيب على أي استفسار من قبل الصحافيين، على رغم أنّ افتتاح الدورة التاسعة والأربعين في 12 تموز المقبل بعرض تونسي. ومن المشاركين في هذا المهرجان العريق، الموسيقي جون ميشال جار في 12 آب (أغسطس)، وأوبرا بكين في 14 تموز، وعازف القيثار باكو دي لوشيا في 31 تموز. وقد سرّب خبر عن مشاركة عازف الساكسفون الكاميروني مانو دي مانغو في مهرجاني قرطاج وحمّامات. ومن ناحية الغناء، يُحكى في تونس أنّه في الثاني من آب سيكون الجمهور على موعد مع التونسي حسن الدهماني والمغربية أسماء المنوّر. كما علمت «الحياة» بأنّ مسرحية «صاحب الحمار» للفاضل الجزيري وضعت على برنامج «قرطاج» الذي أفادت وسائل إعلام أنه من المرجح أن يستضيف راغب علامة ووائل جسار وفارس كرم، وهي أسماء تتداول في برمجة غالبية المهرجانات الكبرى، من دون أن نحظى بأي تأكيد. هناك لغط كبير في أسماء العروض والفنانين المشارِكين في مهرجانات تونس هذا العام، ومنها ما يتكرر في أكثر من مهرجان مثل «أوبرا بكين» التي يُقال إنها ستكون ضيفة مهرجان صفاقس الدولي في 13 تموز وفي ضيفة «قرطاج» في اليوم التالي. وعلمت «الحياة» أنّ برمجة «صفاقس» هذا العام تتجه نحو المحاور المحدّدة مسبقاً، أي أنّ يختار موضوع الأغنية الملتزمة مثلاً لتكون لها سهرات خاصة، والأغنية الطربية، والمسرح الكوميدي، ومسرح الممثل الواحد... وممّا يحسب للمهرجان وفاءه للشعر، إذ لم يتخل عن أمسياته الشعرية التي سيكون نجومها هذا العام سيد حجاب وجمال بخيت من مصر. ويذكر أن «صفاقس» عاد إلى تنظيم الندوات الفكرية والثقافية الكبرى. مهرجانات المدينة... وعلى عكس المهرجانات الصيفية، فقد أعلنت مهرجانات «المدينة» التي تبدأ دورتها ال 28 في 13 تموز في تونس العاصمة برامجها، لتتواصل حتى 8 آب. وستتوزّع العروض على ستة فضاءات في العاصمة التي ستشهد حفلات لكل من لطفي بوشناق وزياد غرسة والتونسية درصاف الحمداني. هذه بعض ملامح الأجواء الاحتفالية لصيف ورمضان 2013 في تونس والتي يسعى مثقفوها ومبدعوها لتكريس الثقافات والفنون سدّاً منيعاً أمام بعض من يريدون فرض أنماط معيشية غريبة عن المجتمع التونسي.