سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لقمة العيش تحصد أرواح المعلمات إن الأطروحات النظرية قد وجب رحيلها، واستبدالها فوراً ببدائل عملية تضمن سلامة المعلمات من هدر الأرواح المتعاظم، وتضمن معها المحافظة على تركيبة الأسرة المُهددة بالتفكك جراء فقدان سيدة المنزل، إما بالموت أو العجز الدائم
استفاقت تبوك يوم الخميس المنصرم على فاجعة تُعَدُّ حلقة في سلسلة طويلة من مشاريع الإهمال المؤدي إلى الموت والمُصمَّمة فقط للمعلمات اللائي اضطرتهن ظروفهن الحياتية للقبول بطلب "لقمة العيش" بعيداً عن مقار سكناهن، في واحدة من المُعضلات التي لازالت بعيدة كل البعد عن إيجاد حل جذري للحد من ديمومة حصد أرواح أمهات تركن فلذات أكبادهن ثكلى بعدهن، وأخوات وبنات خلَّفن الحزن الحارق في أفئدة آبائهم وأمهاتهن وزميلاتهن وطالباتهن. هذه الحوادث التي تتعرض لها المعلمات على خارطة الوطن بأكمله لم تكن فاجعة تبوك أوّلها ولن تكون آخرها -فمع إيماننا بالقضاء والقدر- إلا أن الأخذ بالأسباب أمر لا يجب الإغفال عنه خاصة من الجهات ذات العلاقة والمتمثلة في وزارة التربية والتعليم بحكم المرجعية الإدارية، ووزارة النقل بحكم مسؤوليتها المُباشرة، والإدارة العامة للمرور بحكم ضرورة قيامها بتوفير السلامة على الطرق، على أن تأخذ في الاعتبار سرعة تنفيذ هذا المشروع الوطني الذي أُجزم أنه سيحظى بمباركة جماعية جراء استمرارية الخوف والهلع الذي ينتاب منازل المعلمات اللائي يُغادرنها قبل تنفُّس الصبح ولا يَعُدْن لها إلا بعد أن تُغادر الشمس مجراها. ولعل الأسباب المؤدية لوقوع هذه الحوادث متعددة؛ فمنها تدني صلاحية السيارات المُستخدمة للنقل، ومنها ما يعود إلى سهر السائقين والقيادة وهُمْ مواصلون، ومنها ما كانت السرعة الكبيرة هي الفيصل في ذلك، فمهما كانت المُسببات فالموت واحد؛ لذا نتمنى أن تبحث كل جهة من الجهات المعنية في كيفية تلافي وقوع تلك الحوادث المميتة، فوزارة التربية والتعليم معنية بإعادة النظر في معايير التعيين الحالية؛ ووزارة النقل يجب أن توفِّر وسائل نقل حديثة وتؤهل سائقين مؤتمنين، ناهيكم عن أهمية تجهيز الطرقات باستراحات، والأهم من ذلك مراجعة المنعطفات الخطرة التي لا يُقرها عقل ولا يقبلها منطق، بينما يقع على إدارة المرور حِمل سلامة الطريق، عن طريق دعمه بالأجهزة التي تحد من السرعة المتهورة، ومحاسبة المُتهور فوراً، ويُمكن تدعيم ما ذكرته آنفاً بدراسة علمية أجرتها جامعة الملك فهد؛ حيث توصّلت الدراسة إلى أن 17% من المركبات التي تقل المعلمات تتحرّك بإطارات لا تتوافق مع الظروف المناخية للمنطقة، مما يُسهم في سرعة انفجارها، وبيّنت الدراسة أن العنصر البشري يتحمل نسبة 80% من الحوادث. من هذا المنطلق فإن الأطروحات النظرية -التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع- قد وجب رحيلها، واستبدالها فوراً ببدائل عملية تضمن سلامة المعلمات من هدر الأرواح المتعاظم، وتضمن معها المحافظة على تركيبة الأسرة المُهددة بالتفكك جراء فقدان سيدة المنزل، إما بالموت أو العجز الدائم؛ فهل نرى قريباً تحركاً من الجهات المعنية بهذا الأمر لحماية هذه الفئة التي حملت مشعل النور، ووضعت حياتها على "طبلون" حافلتها التي تنقلها لطالباتها في كل صباح؟! * تعزية للوطن: هدى البلوي وعزة الزهراني انتظمن في عقد الموت مع بقية زميلاتهن، فلهن من الوطن الدعاء بأن يكتبهن شهيدات عِلم، وشاهدات على إهمال يأمل الوطن من أبنائه المُخلصين أن يُلتفت إليه بسرعة تفوق سرعة الضوء لوقف مسلسل حصد الأرواح على الطرقات. [email protected]