سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كيف تصنع مبدعا في بيتك؟! قد لا ينجح الأطفال في الاستجابة لنصائح آبائهم، لكنهم حتمًا ينجحون في تقليدهم، فكن أنت النموذج الذي تريده لابنك.. وتذكّر أن الإكراه والشدّة المفرطة نتاجها خوف، وعناد، وغباء مفرط!
* و.. مقال اليوم استكمال لحديث الأربعاء الماضي، الذي خَلُصنا فيه إلى عدم ارتباط الموهبة بالتعليم النظامي، وأنها منحة إلهية استودعها الله في نفوس الأطفال، فكل الأطفال موهوبون، دورنا هو استكشاف مواهبهم، وتنميتها قبل أن تضمر وتضمحل.. فأكثر من 90% من الأطفال يولدون بقدرات إبداعية خارقة، وما أن يصلوا إلى سن الثامنة حتى تتراجع قدراتهم الإبداعية إلى 2% فقط، بفعل الإهمال والتنشئة الخاطئة، والخطوط الحمراء التي تفرضها عليهم المدرسة والمجتمع!. * كيف أصنع من ابني مبدعًا؟! سؤال شرّق الخبراء وغرّبوا في محاولة الإجابة عنه، وسأضع بين أيديكم اليوم خمسة مبادئ أساسية توصلت إليها من خلال قراءاتي الكثيرة في هذا الجانب، علّها تجيب عن هذا السؤال بشكل بسيط وموجز. المبدأ الأول: (أنت أولاً) * إن الخطوة الأولى في إعداد المبدعين هي إعداد الآباء أولاً، من خلال الاطلاع والقراءة الثرية في هذا المجال، وتغيير نمط التفكير التربوي التقليدي، فالهدف في عصر التنافسية لم يعد مجرد تأديب الأطفال ومراقبتهم، وإنما مساعدتهم على تحقيق التميّز والإبداع. المبدأ الثاني: (انتبه: إنه شخص مستقل) * الاستقلالية هي الكلمة السحرية في عالم الإبداع، وأكثر ما يعاني منه أطفالنا هو التبعية، سواء تبعية التفكير، أو تبعية الشخصية.. نحن نريدهم نسخة منا، وهذا خطأ قاتل.. فقد كشفت الدراسات أن الشعور بالتبعية أحد أهم الأسباب التي تعوق تقدم الموهوبين؛ لذا فإن استكشاف شخصية وميول الطفل منذ سن مبكرة يرفع كثيرًا من ثقته بنفسه، كما أن تشجيعه ومناداته بألقاب محفّزة وتنمية قدراته اللغوية والخطابية تعزز من ثقته واعتزازه بشخصيته، إضافة إلى أن تفويضه ببعض الأعمال، وإشراكه في مناقشة القضايا التي تهم الأسرة، واتخاذ القرارات يرفع -ولا شك- من درجة استقلاليته. * هل جرّبت مثلاً أن تشرك أطفالك في معالجة قضية مثل: كيف يمكننا الحد من خطر الفضائيات في المنزل؟! بدلاً من أن تمنعهم من مشاهدة بعض القنوات دون إبداء الأسباب؟!. (المبدأ الثالث: احترم عقله.. ولا تقتل السؤال في نفسه) * من أهم خطوات تكوين المبدع والمفكر احترام عقله، وعدم السخرية من أسئلته، فالطفل في هذه السن كثير التساؤل، وقتل السؤال في نفسه هو قتل لبداياته المعرفية.. بالمقابل فإن تدريبه على التفكير المنظم، وعلى إطلاق أحكام مستقلة على الأشياء في محيطه أمر حاسم في تشكيل تفكيره المستقل، ويتأتى هذا عادة من خلال تدريبه على التفكير خارج قوالب النمطية، وبعيدًا عن صناديق المألوف والسائد.. كما أن دفعه نحو التفكير البنّاء من خلال حثه على تطوير وتحسين الأشياء في محيطه، واختيار الألعاب المحفزة لقدراته العقلية أمران مساعدان على استنبات التفكير الإبداعي لديه. (المبدأ الرابع: القيم.. الشدة المفرطة نتاجها غباء مفرط) * إن تمرير القيم الإيجابية مثل (الصدق، الأمانة، النزاهة، الشفافية) بطريقة سلسة إلى عقول الصغار، وتعويدهم على أنظمة حياتية أمر مهم للغاية. ولكن انتبه.. فالقيم لا تُدرّس.. إنها تُكتسب فقط.. قد لا ينجح الأطفال في الاستجابة لنصائح آبائهم، لكنهم حتما ينجحون في تقليدهم، فكن أنت النموذج الذي تريده لابنك.. وتذكّر أن الإكراه والشدة المفرطة نتاجها خوف، وعناد، وغباء مفرط! (المبدأ الخامس: القراءة ليست مجرد هواية) * ويهدف هذا المبدأ إلى تنشئة قارئ حر، وباحث أكثر حرية، يجيد اختيار الكتاب المناسب، وترتفع في نفسه كفاءة الباحث الجاد، والناقد المتدبر لكل ما يقرأ، والرابط بين قراءاته وكل ما يدور حوله. القراءة بالنسبة للمبدعين ليست مجرد هواية ممتعة، إنها رحلة بحث في حدائق عقول البشر وأفكارهم. * أخيرًا.. تذكّر أن حلم صناعة العبقري أو المبدع الذي تريد يبدأ من عندك.. فكلما كنت مبدعًا في الصناعة، كلما كانت النتيجة إبداعية أيضًا. [email protected]