في صفحة «طاولة رمضانية» نشرت بهذه الجريدة يوم الاثنين 2 رمضان المبارك لعام 1435ه.. أعاد إليَّ اللقاء الذي تم مع الشيخ علي بن عايض القرني إمام مسجد السديس وخطيب مسجد العناني بجدة والقارئ المعروف.. أعاد إليّ ماضي الإمامة والأئمة ببلادنا وكيف كانت تتم «تعييناً واختياراً» وكان اللقاء موفقاً وجميلاً في بابه ويستفاد منه في مجال المساجد وأئمتها حاضراً ومستقبلاً وقد تضمن اللقاء جملة موضوعات ذات صلة بخلفية اللقاء تستحق الوقفات التالية: الأولى: إنشاء «مركز لأطفال التوحد» الهدف منه إيواؤهم وتخفيف العبء عن ذويهم.. وهي فكرة موفقة وناجحة.. خاصة وقد كثرت أعدادهم في الآونة الأخيرة مما يتطلب الحل «مكاناً وعلاجاً» تحت رعاية متخصصين مدربين في هذا المجال. الثانية: فوائد مدارس تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في مدن وقرى وهجر المملكة وما أفرزته من طلاب كانوا صورة حسنة وبارزة في تعليمهم وسلوكهم وتطعيم المساجد بالمبرزين منهم كأئمة مساجد وخطباء جمعة. وخيركم من تعلم القرآن وعلمه. الثالثة: أن تكون وظائف الأئمة والخطباء رسمية بمعنى أن تشمل بنظام الخدمة المدنية وأن تكون «تفرغية» لحصول الفائدة منها للائمة والمساجد. *** وأذكر أنني مررت بتجربة في مجال الإمامة قبل أكثر من 40 عاماً تقريباً عندما كنت موظفاً بإحدى المحاكم الكبرى.. فقد اخترت وأحد زملائي في العمل أن نكون ضمن أئمة المساجد لأننا ممن «تعلم القرآن دراسة وتجويداً» فاعتذرنا لجسامة المهمة.. لكن من رشحنا واختارنا أصر على ذلك.. وبعد اجتيازنا للاختبار «قراءة وتجويدا وتأهيلاً وتزكية) عُيّنا.. وخلال الممارسة ظلت تلاحقني نقدات المصلين وخاصة جيران المسجد والغياب في بعض الأوقات، كصلاة الظهر وانشغالي في العمل والإجازات والمهمات خارج نطاق العمل رغم تأميني للفرائض بمن هو مناسب.. ورأيت أن المسؤولية عظيمة فقدمت استقالتي عن رغبة وبطوعي واختياري. *** وقد كتبت على صفحات هذه الجريدة في ركني هذا آنذاك أكثر من موضوع عن وظائف الأئمة والمؤذنين المساجد وضرورة وجود نظام تندرج تحته هذه الفئات وان يكون الإمام خريج شريعة أو دراسات إسلامية أو كلية أصول الدين أو ما يماثلها في التخصص وحسن السيرة والسلوك ومن حفظة القرآن الكريم وتجويده ومن الملمين بالقراءات المتعارف عليها.. وان يعين بالمرتبة السابعة «ترشيحاً» وان يوفر له السكن المريح وسيارة يقضي عليها شؤونه.. وحينها نضمن للمساجد أئمة يعّول عليهم (صلاة وحضوراً وفتوى) بدلاً مما يجري الآن فمعظم الأئمة غير متفرغين ويعملون في جهات متفرقة وقد يصحب العملين الإخلال الواضح.. وفي ذلك ميزة أخرى وهي إتاحة الفرصة لمن هم على قائمة الانتظار ممن تنطبق عليهم شروط الإمامة والأذان. *** # خاتمة: أكرر اليوم ما قلته بالأمس نحن بحاجة إلى نظام موحد للائمة والمؤذنين فيه استقلالية لشؤونه وانضباطية لعملهم تسوده الحوافز التشجيعية والرواتب المجزية والسكن المناسب المريح ووسائل النقل الجيدة وفق الشروط التي أشرت إليها في سياق هذه الكلمة.. وبالله التوفيق.