أثارت معركة الساحل نقاشات حامية.. البعض يرى فيها المعركة المنتظرة منذ ثلاث سنين بهدف تهديد النظام في عقر داره لدفعه إلى كف أذاه عن ديار الآخرين.. والبعض الآخر يرى في فتحها مخاطر كبيرة لما يمكن أن تجرّه من مواجهات أو معارك طائفية تسيء إلى صورة الثورة وأهدافها ومبادئها السياسية. معركة الساحل لن تحسم الحرب، وليس من المضمون أن لا يقود استعار الصراع فيها إلى بعض التجاوزات الأليمة. لكنها إذا نجحت في الالتزام قدر ما تستطيع بالقيم الوطنية وبتقاليد الإسلام السمحة يمكن أن تُشكِّل بؤرة استنزاف استثنائية للنظام، لموارده وميليشياته الأجنبية وأن تجيب أجله. وهي توجه على جميع الأحوال رسالة لهؤلاء الذين يراهنون، من أجل الحفاظ على امتيازاتهم، وربما أمنهم، على حرمان خصومهم من حقهم في الحياة والبقاء، أنهم لن يضمنوا، مهما فعلوا، أن يحصروا الدمار والموت واللا أمان في منطقة واحدة أو جماعة واحدة، وأن النار المستعرة منذ ثلاث سنوات، حفاظًا على مصالح لا مشروعة، لن تتوقف قبل أن تقضي على الجميع، إذا لم يخرج من هنا وهناك رجال لديهم ما يكفي من الشجاعة والحنكة والعقل، ليكتشفوا أن الحفاظ على حياة أبنائهم يكون أسهل وأضمن مع الحفاظ على حياة أبناء الآخرين، وأن هناك خيارات أخرى ممكنة للخروج من الفخ الذي نصبوه لأنفسهم غير خيار «إما قاتل أو مقتول».. كما أنه من الممكن تحصيل أكثر من تسوية على قاعدة «إنقاذ ما يُمكن إنقاذه» عند التخلي عن خيار التمسك إلى النهاية بنظام الذبح المتبادل والانتحار الجماعي. أنا واثق من أننا لا يزال من حقنا أن نراهن، بالرغم من كل ما شهدناه من فظائع، وربما بسبب ذلك، على منابع العدل والتسامح والسلام وحب الحياة العميق عند السوريين، وأن الخروج من دوامة العنف والعنف المضاد أضمن مع ضبط مشاعر الحقد والكراهية والانتقام، وسورية أقدر على البقاء مع التخلي عن إرادة السيطرة والاحتقار والاحتكار. المزيد من الصور :